
أعلنت لجنة الصحة الوطنية في الصين، الأحد، أنها ستتوقف عن نشر الإحصاءات اليومية لإصابات كورونا بدءاً من 25 ديسمبر الجاري.
وقالت اللجنة في بيان إن "المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها سينشر المعلومات المتعلقة بكوفيد من أجل الرجوع إليها والبحث" دون تحديد أسباب هذا التغيير أو وتيرة تحديث المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها المعلومات المتعلقة بكوفيد-19.
وتواجه وسائل الإعلام الصينية صعوبات وتبذل أجهزة الرقابة جهوداً حثيثة في وقت تبحث فيه بكين عن رواية متماسكة يمكنها الاستناد إليها غداة تراجعها المفاجئ عن سياسة "صفر كوفيد" المتشددة التي طبعت نهجها في التعامل مع وباء كورونا.
وعلى مدى سنوات، أشادت أجهزة الدعاية في الصين بسياسة "صفر كوفيد" على اعتبار أنها دليل على تفوّق حكم الحزب الشيوعي المستبد وحكمة رئيسها شي جين بينج.
لكن منابر الحكومة المعهودة وجدت نفسها مضطرة الآن لتصوير قرار إلغاء قيود السفر المشددة وتدابير الحجر والإغلاق على أنها انتصار حتى في ظل ارتفاع عدد الإصابات.
وقال الأستاذ المساعد بكلية الصحافة والاتصال التابعة للجامعة الصينية في هونج كونج كيتشينج فانج، إن "الإعلام الرسمي لم يأت برواية لافتة لتبرير التغيّر المفاجئ والجذري بشكل كامل.. لقد فوجئوا".
وأفاد بأن "الرسائل المتضاربة" أشارت إلى أن الأجهزة الدعائية لربما تفتقر للتوجيهات المناسبة من الحزب بشأن كيفية توصيف الوضع".
"ارتباك إعلامي"
وألمحت بعض وسائل الإعلام إلى أن الوضع "ليس طبيعياً" إذ حضّت "وكالة أنباء الصين الجديدة" وشبكة "سي سي تي في" الرسمية للبث في تقارير هذا الأسبوع السكان على استخدام أدوية كورونا بـ"عقلانية" وسلّطت الضوء على جهود الحكومة لضمان توافر الإمدادات.
لكن وسائل الإعلام الحكومية امتنعت عن تغطية الجانب الأكثر قتامة للتراجع المفاجئ عن سياسة "صفر كوفيد"، فسعت بدلاً من ذلك لتهدئة المخاوف حيال مدى قوة الوباء وصوّرت التحول في السياسة على أنه تراجع منطقي وتحت السيطرة وناجح.
وجاء في مقال نشرته "صحيفة الشعب اليومية" التي يديرها الحزب الحاكم الأسبوع الماضي: "بالنظر إلى السنوات الثلاث الأخيرة، خضنا معركة محتدمة ضد الوباء ومررنا باختبار تاريخي مضن".
وأضافت الصحيفة أن سياسة صفر كوفيد "أظهرت تفوّق منظومة الصين الاشتراكية"، مشددة على أن "تحسين" السياسة الآن سيساعد في التأقلم مع متحورات الفيروس الجديدة مع "منح أولوية لحياة وصحة الناس".
كما بدت منابر السلطات الرسمية مترددة في التحدث عن الارتفاع الكبير بأعداد الإصابات.
والجمعة، أشارت صحيفة تابعة للحزب إلى تقديرات رسمية تتحدّث عن نصف مليون إصابة جديدة يومياً في مدينة تشينجداو (شرق). وبحلول السبت، تم تعديل التقرير لحذف الرقم، بحسب مراجعة له أجرتها "فرانس برس".
"صمت شي جين بينج"
وبينما هيمنت سلسلة نشاطات شي، الدبلوماسية الأخيرة على عناوين الصحف، إلا أنه لم يعلّق بعد علناً على انهيار ما كانت إلى وقت قريب سياسته الأبرز.
وساد شعور مشابه بعدم اليقين وسائل التواصل الاجتماعي الصينية إذ تحذف الأجهزة الرقابية بشكل متكرر أي مضمون يحمل حساسية سياسية.
وخضعت عدة منشورات على منصة "ويبو" تحدّثت عن وفيات مرتبطة بكورونا إلى إجراءات رقابية على ما بدا بحلول بعد ظهر الجمعة، بحسب مراجعة قام بها مراسلو "فرانس برس".
وشملت هذه المنشورات عدة صور تمّ التعتيم عليها يبدو أنها التقطت في محارق جثث إضافة إلى منشور من حساب امرأة قالت إنها والدة طفلة في عامها الثاني توفيت إثر إصابتها بالفيروس.
كما حُذفت منشورات عن نقص في الأدوية وحالات تلاعب بالأسعار، بحسب موقع "جريت فاير" GreatFire.org الذي يتابع الرقابة على الإنترنت.
ونشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً تعليقات غاضبة أو ساخرة على ما اعتبروها محظورات مرتبطة بوفيات كورونا.
ضبابية المشهد
وعلّق كثيرون على منصة إعلامية محلية مرتبطة بالدولة بعدما ذكرت بأن وو جويانينج الذي صمم شعارات أولمبياد بكين 2008 توفي جرّاء إصابته "بنزلة برد حادة" عن 67 عاماً.
وشبّه أحد المعلّقين الصياغة بتلك التي تتبناها جارة الصين "الدكتاتورية" كوريا الشمالية، بينما تساءل آخر "هل لفظ كوفيد بات مخالفاً للقانون؟".
لكن بقيت منشورات تنتقد السلطات على الإنترنت بعد ظهر الجمعة ندد العديد منها بغياب أي استراتيجية حكومية للتعامل مع كورونا.
وجاء في أحدها: "هل اعتقدوا حقاً أن بإمكانهم القضاء على الفيروس عبر فرض تدابير إغلاق؟ 3 سنوات ولم يضعوا خطة طوارئ لوقت خروجه (الفيروس) عن السيطرة؟".
ولفت الأستاذ المساعد فانج، إلى أن المسؤولين الصينيين "سيجدون في نهاية المطاف طريقة لتصوير كل شيء على أنه انتصار، ربما بعد استقرار وضع الإصابات".
وأضاف أن "الطريقة الفريدة التي تم من خلالها حساب وفيات كوفيد يثبت بأنه أساس لذلك"، مشيراً إلى تعريف حكومي جديد للوفيات الناجمة عن الفيروس والذي يستثني العديد من حالات الوفاة.
ولم تسجّل الصين رسمياً السبت، أي وفيات جديدة ناجمة عن الفيروس، بحسب بيانات لجنة الصحة الوطنية.
وخضع إلى رقابة رسمية وسم على موقع "ويبو" مرتبط بكيفية تعريف البلاد للوفيات جراء كورونا (إذ لا يحتسب إلا من يموتون نتيجة فشل في جهاز التنفس بعد أن تثبت إصابتهم بالوباء).
اقرأ أيضاً: