اليابان تواصل بناء الجدران المضادة لتسونامي.. والسكان يرفضون

time reading iconدقائق القراءة - 6
جدار منهار جراء زلزال قوي في مدينة كونيمي في محافظة فوكوشيما الياباني- 14 فبراير 2021  - REUTERS
جدار منهار جراء زلزال قوي في مدينة كونيمي في محافظة فوكوشيما الياباني- 14 فبراير 2021 - REUTERS
تارو (اليابان)-أ ف ب

كان يُفترض أن تحمي الجدران الشاهقة المضادة لموجات المد العاتية (تسونامي)، مدينة تارو الساحلية الصغيرة من غضب المحيط، لكن الأمواج التي ضربت شمال شرق اليابان في 11 مارس 2011 جلبت معها الموت والدمار.

وبعد 10 سنوات على واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ، استخلصت السلطات الدرس المؤلم، أي البناء على ارتفاع أكبر، في جميع أنحاء المنطقة التي باتت سواحلها مُسوّرة بهذه الجدران الأسمنتية على امتداد مئات الكيلومترات، ورفضها السكان المحليون، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، "فرانس برس".

وأشار التقرير، إلى أن سكان مدينة تارو الواقعة في مقاطعة إيواتي، كانوا يعتقدون حتى عام 2011 أنهم بأمان.

وقالت المرشدة السياحية المحلية، كوميكو موتودا، لوكالة "فرانس برس": "بنينا المدينة المثالية للوقاية من الكوارث".

وكانت تارو التي دمرها تسونامي مرتين في 1896 و1933، بنت جدراناً أسمنتية عام 1934، سماها السكان "السور العظيم"، يبلغ ارتفاعها 10 أمتار، وتمتد مسافة 2.4 كيلومتر على الساحل.

وقالت موتودا، إنه لاستكمال الأمر كان يفترض أن يسمح 44 طريقاً للإجلاء، مضاءة بطاقة ألواح شمسية، للسكان بالاحتماء من الأمواج في غضون 10دقائق.

لكن قبل 10 سنوات، قضت موجة يبلغ ارتفاعها 16 متراً على هذا اليقين، ودمرت الجدار وجرفت المنازل والسيارات، وكانت الحصيلة الرسمية للضحايا في تارو 140 وفاة، و41 مفقوداً.

430 كيلومتراً من السدود

بعد الكارثة شجعت الحكومة اليابانية، المناطق الساحلية على بناء أو إعادة بناء هذه السدود الوقائية بكلفة تبلغ نحو 10مليارات يورو من الأموال العامة. 

ومن المفترض أن ينتهي قريباً بناء سور متقطع بطول إجمالي 430 كيلومتراً على سواحل المقاطعات الشمالية الشرقية الثلاث التي تضررت من جراء الكارثة، وهي فوكوشيما، ومياجي، وإيواتي. 

لكن هذه الهياكل غيرت الخط الساحلي وحجبت رؤية البحر، ويتعين على سكان تارو، حيث تمتد 3 جدران يصل ارتفاعها إلى 14.7 متراً على مسافة أكثر من كيلومترين، أن يلفوا أعناقهم ليروا نهايتها، وصعود درج من نحو  30درجة لمشاهدة المحيط.

دقائق قليلة "تُحدث فرقاً"

الخبراء يرون أن وجود هذه التحصينات مبرر بالحماية المزدوجة التي تؤمنها عبر صد الأمواج العاتية ما يقلل من حجم الضرر، ومنح السكان مهلة للابتعاد عن الأمواج.

ويذكر تومويا شيباياما، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة واسيدا في طوكيو، بأنه "في 2011، كانت تلك الدقائق القليلة أحدثت في أغلب الأحيان فرقاً بين الذين تمكنوا من الإخلاء، والذين علقوا في تسونامي".

وأوضح شيباياما، أن الجدران تبقى الأساس لأنه "سيكون هناك دائماً خطر حدوث كارثة طبيعية" في اليابان.

وترتكز أحدث الجدران على قواعد أوسع، ويتم تعزيزها من الداخل لتقاوم قوة الأمواج بشكل أفضل، كما تم تعديل ارتفاعها وفقاً لأحدث عمليات محاكاة، ما يسمح لها نظرياً بالتعامل حتى مع أمواج تسونامي استثنائية، كما تم تحسين أنظمة الإنذار، وسمحت عمليات محاكاة إلكترونية بتحسين طرق الإخلاء.

الجدار وحده "لم يكن كافياً"

لكن في تارو، كشفت الكارثة أن الجدار وحده لم يكن كافياً، إذ تتذكر المرشدة موتودا، قائلة: "هناك أشخاص لم يخلوا المكان معتقدين أن تسونامي لن يصل إليهم". 

وأشار الإنذار الأول إلى موجة مد ارتفاعها 3 أمتار، وبسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي أعقب ذلك، لم يُخطر العديد من السكان عندما تم تعديل التقديرات المتعلقة بالأمواج إلى 10 أمتار.

كذلك، تسبب زلزال قوي قبل يومين في حدوث تسونامي صغير، ما أدى إلى شعور زائف بالأمان. 

وقالت موتودا، التي فقدت والدتها عام 2011، إن "الجدران هدفها كسب الوقت للإخلاء وليس لوقف المد البحري"، لافتة إلى أن هذه الجدران يجب أن تسمح أيضاً بمنع المياه من جرف الجثث إلى البحر. 

بينما تُفكر في منزل والدتها، مضت قائلة: "أعتقد أنها كانت ستعود إلى المنزل لو لم تُدمر الجدران".

"البحر بيتي"

ولفت التقرير، إلى أن هذه المنشآت الخرسانية لا تحظى بشعبية في بعض الأحيان، بينما رفضت مجموعات سكانية عزلها عن البحر أياً تكن المخاطر. 

من جانبها، آثرت قرية "موني" لصيد الأسماك في مقاطعة مياجي، حيث قتل في تسونامي 2011 أربعة أشخاص، ودمر 42 من أصل 55 منزلاً، الانتقال إلى منطقة أبعد تقع على ارتفاع 40 متراً فوق سطح البحر.

وقال ماكوتو هاتاكياما، الذي يعمل في تربية المحار بالقرية، إن "الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياتنا عند حدوث تسونامي، هي الانتقال إلى المرتفعات، ووجود أو عدم وجود جدران لا أهمية له".

وكسائر الصيادين، هرع هاتاكياما عند وقوع تسونامي 2011 إلى البحر، في محاولة لإنقاذ قاربه، ونجا بعدما تمكن من الوصول سباحة إلى جزيرة قريبة.

وأضاف الرجل البالغ من العمر 42 عاماً: "لا يمكن أن نفعل أي شيء في مواجهة" أمواج تسونامي، والزلازل التي تقع بانتظام. 

واختتم هاتاكياما، الذي لا يبدو مستعداً للتخلي عن علاقته مع البحر، بالقول: "هذا المنظر، وهذا النسيم، وهذا الجو لم يبق في اليابان أي مكان مثله، البحر هويتي. إنه يريحني. إنه بيتي".

تحذير من "تسونامي" بعد زلزال قبالة نيوزيلندا

والجمعة، حذّر مركز الإنذار المبكر من تسونامي في المحيط الهادئ، سائر دول وجزر المنطقة من خطر تعرضها لأمواج مد عالية بعد زلزال بقوة 8.1 درجة وقع بالقرب من جزيرة كيرماديك النيوزيلاندية غير المأهولة ولم يتسبب في وقوع ضحايا أو أضرار.

وقال المركز، ومقره في ولاية هاواي الأميركية، إن أمواج تسونامي يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 3 أمتار ستضرب كلاً من فانواتو وكاليدونيا الجديدة، الأرخبيل الفرنسي في المحيط الهادئ.