دراسة تتوقع ذوبان الجليد 600 متر يومياً بسبب ارتفاع الحرارة

time reading iconدقائق القراءة - 5
ذوبان الجليد في نهر مونت ماين الجليدي في فيربيل بالقرب من إيفولين بسويسرا. 29 أغسطس 2022 - REUTERS
ذوبان الجليد في نهر مونت ماين الجليدي في فيربيل بالقرب من إيفولين بسويسرا. 29 أغسطس 2022 - REUTERS
القاهرة -محمد منصور

أفادت دراسة علمية نُشرت، الأربعاء، في دورية "نيتشر" بأن الغطاء الجليدي يمكن أن ينحسر لمسافة تصل إلى 600 متر في اليوم خلال فترات ارتفاع درجة حرارة المناخ، أي 20 مرة أسرع من أعلى معدل تراجع تم قياسه سابقاً.

واستخدم فريق دولي من الباحثين، صوراً عالية الدقة لقاع البحر للكشف عن مدى سرعة تراجع صفيحة جليدية سابقة في النرويج في نهاية العصر الجليدي الأخير، أي منذ حوالي 200 ألف عام.

ويعني تراجع الغطاء الجليدي ذوبان وتقلص الأجسام الكبيرة من الجليد، مثل الأنهار الجليدية أو الصفائح الجليدية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

ويمكن أن تحدث هذه العملية بسبب مجموعة من العوامل، بينها زيادة غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات، والتغيرات في أنماط الطقس.

وللكشف عن تراجع الغطاء الجليدي في الماضي البعيد، رسم الفريق خرائط لأكثر من 7600 تضاريس صغيرة الحجم تسمى "حواف التموج" عبر قاع البحر، يبلغ فيها ارتفاع الحواف أقل من 2.5 متر وتتباعد بين 25 و300 متر.

وتتشكل تلك الحواف حين تتراجع الصفائح الجليدية صعوداً وهبوطاً مع المد والجزر، ما يدفع رواسب قاع البحر إلى عمل حافة لكل مد منخفض، وبذلك تمكن الباحثون من حساب مدى سرعة تراجع الغطاء الجليدي.

وأظهرت النتائج أن الغطاء الجليدي السابق تراجع بسرعة تتراوح بين 50 و600 متر في اليوم، وهذا أسرع بكثير من أي معدل تراجع للغطاء الجليدي تم ملاحظته من الأقمار الصناعية أو تم استنتاجه من أشكال أرضية مماثلة في أنتاركتيكا.

وقال الباحثون إن الدراسة تُقدم "تحذيراً من الماضي" بشأن السرعات التي يمكن للصفائح الجليدية أن تتراجع بها.

وتلعب الصفائح الجليدية دوراً مهماً في تنظيم مناخ الأرض من خلال عكس ضوء الشمس إلى الفضاء والحفاظ على برودة الكوكب، لكن ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، تذوب هذه الصفائح الجليدية بمعدل متسارع.

تأكل الشواطئ وزيادة العواصف

ويمكن أن يكون لتراجع الصفائح الجليدية مجموعة من التأثيرات على البيئة والمجتمعات البشرية، إذ سترتفع مستويات سطح البحر، مما قد يؤدي إلى فيضانات في المناطق الساحلية، وتآكل الشواطئ والسواحل، وزيادة العواصف. 

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي فقدان الصفائح الجليدية إلى تغيير التيارات المحيطية وأنماط الطقس، ما يؤدي إلى تغيرات في أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة القصوى.

ويراقب العلماء عن كثب تراجع الغطاء الجليدي في جميع أنحاء العالم باستخدام مجموعة من الأساليب، بما في ذلك ملاحظات الأقمار الصناعية والقياسات على الأرض ونماذج الكمبيوتر. 

ويمكن للبيانات التي تم جمعها من هذه الجهود أن تساعد في توجيه الاستراتيجيات للتخفيف من آثار تراجع الغطاء الجليدي، مثل الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتطوير تقنيات جديدة للتكيف مع الظروف البيئية المتغيرة.

وتعتبر المعلومات حول كيفية تصرف الصفائح الجليدية خلال الفترات الماضية من ارتفاع درجة حرارة المناخ مهمة لإثراء عمليات المحاكاة الحاسوبية التي تتنبأ بالغطاء الجليدي وتغير مستوى سطح البحر في المستقبل.

وأظهرت الدراسة قيمة الحصول على صور عالية الدقة حول المناظر الطبيعية الجليدية المحفوظة في قاع البحر، متوقعة أن تستمر فترات التراجع السريع للصفائح الجليدية لفترات قصيرة فقط بين أيام إلى شهور.

وقال الباحثون إن نبضات من التراجع السريع المماثلة يمكن ملاحظتها قريباً في أجزاء من القارة القطبية الجنوبية. 

وأشارت الدراسة إلى أن نهر "ثويتس" الجليدي الواسع في غرب القارة الطبية الجنوبية "أنتاركتيكا"، والذي يعد موضوعاً لأبحاث دولية كبيرة نظراً لاحتمال تعرضه للتراجع غير المستقر، يمكن أن يخضع لنبض من التراجع السريع يُشبه ما حدث في نهاية العصر الجليدي الأخير.

وأشارت النتائج التي توصل إليها الباحثون، إلى أن معدلات الذوبان الحالية كافية لإحداث نبضات قصيرة من التراجع السريع عبر المناطق المسطحة من الصفيحة الجليدية في القطب الجنوبي، بما في ذلك نهر "ثويتس".

وتوقع الباحثون أن تكتشف الأقمار الصناعية هذا النمط من تراجع الغطاء الجليدي في المستقبل القريب، خاصة مع مواصلة الارتفاع الحالي لدرجة حرارة المناخ.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات