"نقص في كل شيء".. "الصحة العالمية": الوضع في السودان "كارثي"

time reading iconدقائق القراءة - 5
مستشفى مهجور في الجنينة عاصمة غرب إقليم دارفور بالسودان. 1 مايو 2023 - AFP
مستشفى مهجور في الجنينة عاصمة غرب إقليم دارفور بالسودان. 1 مايو 2023 - AFP
القاهرة-أ ف ب

قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أحمد المنظري، الاثنين، إن الأزمة الصحية التي كان السودان يعانيها، تحولت إلى "كارثة بكل معنى الكلمة"، في ظل نقص العاملين والمستلزمات الطبية وانتشار الأوبئة، إثر المعارك المندلعة منذ أكثر من أسبوعين بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".

وأضاف المنظري خلال حوار في مقره بالعاصمة المصرية القاهرة: "إنها كارثة بكل معنى الكلمة"، موضحاً أنه قبل المعارك الأخيرة "مرّ النظام الصحي في السودان كما هو معروف بسنوات من الأزمات المختلفة، ما عرّضه للكثير من الهشاشة والضعف الحقيقي، ضعف بكل ما تعنيه الكلمة من حيث البنى التحتية في عموم السودان".

وأردف: "هناك فعلاً نقص حقيقي في الكادر الطبي وخصوصاً بعد ظهور هذه الأزمة خلال الأسبوعين الماضيين وخصوصاً الكادر الطبي المتخصص على سبيل المثال في الجراحة والتخدير".

وبحسب المسؤول في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، فإن هذا النقص يأتي في توقيت سيء للغاية، خصوصاً وأن الملاريا الموجودة في البلاد قد تنتشر مع اقتراب موسم الأمطار، والكوليرا يمكن أن تتفشى بسبب نقص مياه الشرب.

وبسبب الهجمات المباشرة أحياناً، بات الوصول إلى المستشفيات صعباً، وتوقف العديد منها عن العمل تماماً.

وقال المنظري إنه "بلغة الأرقام، هناك ما يقارب حوالي 61% من المؤسسات الصحية العاملة في الخرطوم توقفت عن العمل بالإضافة إلى الهجمات العسكرية المباشرة والاحتلال العسكري لهذه المؤسسات وطرد العاملين منها"، مشيراً إلى أن 23% من المستشفيات في الخرطوم تعمل بشكل جزئي في حين تعمل 16% فقط بكامل طاقتها.

هجرة الأطباء 

وأضاف المنظري أن هناك "ما يقارب 4 ملايين امرأة مرضى أو حامل وطفل يعانون نقصاً حاداً في التغذية، وبالأخص 50 ألف طفل يعانون من نقص حاد في التغذية يحتاجون إلى عناية على مدار الساعة، وللأسف هذا سيتوقف".

وأكد المنظري أن النظام الصحي في السودان كان يحتاج قبل المعارك "إلى مئات الملايين من الدولارات، وأن الأمم المتحدة كانت وجهت نداءً لدعم السودان في العام 2023 في الجانب الإنساني والذي يشمل الجانب الصحي، بما يقارب من 1.7 مليار دولار، لكن للأسف لم نتمكن من الحصول إلا على 13% من هذه المساعدات".

ولفت إلى "فرار للكثير من العقول العاملة والمدرّبة في النظام الصحي إلى خارج السودان"، وفيما تعاني البلاد من نقص في كل شيء تقريباً، انضم العديد من الأطباء إلى عشرات الآلاف من السودانيين الذين يهاجرون هرباً من الأوضاع المتردية.

وتشير منظمة الصحة الى أن 3 ملايين سيدة وفتاة تعرضوا لعنف جنسي وذكوري، وبحسب الأمم المتحدة، فإن الأطفال خصوصاً كانوا ضحايا "معاناة نفسية" بسبب النزوح وانعدام الأمن والمعارك.

وأجلت بريطانيا مؤخراً أطباء سودانيين يعملون في مستشفيات حكومية بريطانية، وهو الاستثناء الوحيد لقرارها بإجلاء الرعايا البريطانيين فقط.

أنشطة معلّقة

وفيما تسوء الأزمة الانسانية في السودان، علّقت منظمات الأمم المتحدة أنشطتها في السودان، بعد سقوط خمسة من موظفيها في الأيام الأولى للمعارك.

وأوقفت منظمة أطباء بلا حدود كل نشاطها تقريباً في دارفور بسبب أعمال العنف في هذا الإقليم الغربي، الذي سبق أن شهد نزاعاً دامياً في بداية الألفية الثالثة، أودى بحياة 300 ألف شخص وتسبّب بنزوح 2.5 مليون شخص.

ومنذ 15 أبريل الماضي، تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية في السودان، أحد أفقر بلدان العالم، إلى قصف متكرر واحتل بعضها مقاتلون من طرفي النزاع، أو باتت خالية من العاملين أو الأدوية والمستلزمات الطبية.

واندلعت يومها المعارك بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

وأدّت المعارك المتواصلة خصوصاً في الخرطوم ودارفور (غرب) إلى سقوط أكثر من 500 شخص وجرح قرابة 5 آلاف، وفق أرقام لوزارة الصحة السودانية يرجح أنها أدنى بكثير من الحصيلة الفعلية.

وشهد السودان سلسلة من النزاعات على مدى الأعوام الماضية، وعانى حظراً دولياً على مدى عقدين من الزمن، إذ قرر المجتمع الدولي في عام 2021، بعد انقلاب البرهان ودقلو الذي أطاح المدنيين من السلطة، تعليق كل مساعداته للسودان البالغة ملياري دولار والتي كانت تشكل 40% من موازنة الدولة، ما أدّى إلى انتشار الجوع.

وفي 2022، كانت أرقام الأمم المتحدة تدل على الوضع الصحي المتأزم، فقد كان واحد من كل ثلاثة سودانيين يضطر للمشي أكثر من ساعة لبلوغ مركز صحي، إذ كانت 70% من الأدوية الأساسية مفقودة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات