تجتاح ألسنة اللهب التي لا يمكن السيطرة عليها، مساحات شاسعة من الغابات الكندية في "موسم الحرائق المدمر"، الذي يمكن تصنيفه بـ"الأسوأ للبلاد على الإطلاق"، حسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وتعد حرائق الغابات في كندا وغرب الولايات المتحدة خلال فصل الصيف طبيعية إلى حد ما، ولكن انتشارها هذه السنة على نطاق واسع في أواخر مايو حتى يونيو، "يعد سابقة"، إذ أن كمية الدخان التي وصلت إلى شمال شرق الولايات المتحدة، تعد استثنائية.
وانقشع الدخان المنبعث من الحرائق تدريجياً من سماء مناطق شمال شرق الولايات المتحدة، وبات سكان مدن عدة، الجمعة، قادرين على تنشق الهواء بيسر.
وتتوقع الحكومة الكندية استمرار "نشاط الحرائق بشكل أعلى من المعتاد" طوال موسم حرائق الغابات، والذي يستمر عادةً في الفترة بين شهري أبريل وسبتمبر، بسبب استمرار الجفاف والتوقعات بارتفاع درجات الحرارة.
وأثر الدخان والضباب الناتج عن حرائق الغابات الكندية على الولايات المتحدة أيضاً، ما دفع السلطات الأميركية من نيويورك إلى مينيسوتا إلى إصدار تنبيهات الصحة العامة وحث الناس على البقاء في منازلهم، وارتداء أقنعة واقية لحماية أنفسهم من الجسيمات الدقيقة السامة المحتمل وجودها في الهواء.
إليك كل ما يجب معرفته عن حرائق الغابات في كندا:
هل حرائق كندا تحت السيطرة؟
ليس بعد، إذ كان هناك 437 حريقاً نشطاً في جميع أنحاء البلاد في وقت مبكر من الخميس، 248 منها خارج نطاق السيطرة، وفقاً للمركز الكندي المشترك بين الوكالات لحرائق الغابات (CIFFC).
وأظهرت بيانات مقاطعة ألبرتا الغربية، أنه كان هناك 73 حريقاً نشطاً في وقت مبكر من الخميس، منها ما يقرب من 24 حريقاً خارج نطاق السيطرة، كما أظهرت بيانات المقاطعة أنه تم اعتبار 29 حريقاً خارج نطاق السيطرة من بين 82 حريقاً نشطاً في كولومبيا البريطانية.
وفي شرق البلاد، سجلت مقاطعة كيبيك، الناطقة باللغة بالفرنسية، أكبر عدد من الحرائق النشطة وبلغ 154 حريقاً، كما أظهرت بيانات المقاطعة أن 92 حريقاً خرج عن السيطرة في ساعة مبكرة من صباح الخميس، أما يوم الأربعاء، فقد أخلت السلطات 3 مناطق على الأقل في كيبيك، وهي تشيبوجاماو وأوجي بوجومو وسينيتير، وطلبت من السكان عدم تجاهل أوامر الإخلاء.
ما المساحة التي طالتها الحرائق؟
وجاء في بيانات للمركز الكندي لحرائق الغابات أنه احترق أكثر من 10 ملايين فدان (4.4 مليون هكتار) بعد اشتعال ما يقرب من 2300 حريق، وتسببت الحرائق في نزوح الآلاف من منازلهم، بما في ذلك في بعض المناطق التي رُفعت فيها أوامر الإخلاء، إذ تم إجلاء 20 ألف و183 شخصاً.
ما سبب حرائق الغابات؟
تبدأ حرائق الغابات عادةً إما بالبرق أو من خلال نشاط بشري، على سبيل المثال، عندما يلقي شخص ما سيجارة مشتعلة على الأرض في غابة، أو يشعل ناراً في مكان قريب، ويزداد احتمال حدوث الحرائق عندما تكون الأرض جافة ويكون الهواء ساخناً.
ولهذا السبب فإنه عادةً ما يستمر موسم حرائق الغابات طوال فصل الصيف، كما يلعب تغير المناخ أيضاً دوراً في الأمر، من خلال التسبب في وجود مناطق ضغط مرتفع أكثر كثافة، والتي تؤدي إلى فترات طويلة من الأجواء المشمسة والحارة ما يؤدي إلى تفاقم الجفاف.
وهذا العام، شهدت ألبرتا ونوفا سكوتيا وكيبيك درجات حرارة قياسية، إذ سجلت بعض أجزاء ألبرتا، الشهر الماضي، درجات حرارة أعلى بـ7 درجات مئوية (12.6 فهرنهايت) مما تكون عليه عادةً في شهر مايو من كل عام، كما تضررت منطقة المحيط الأطلسي في كندا بشدة من الجفاف منذ فبراير الماضي، وأعلنت بعض أجزاء هذه المنطقة عن تسجيلها "شهر أبريل الأكثر جفافاً على الإطلاق"، وفقاً للسلطات الكندية.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن مدى انتشار وتواتر وشدة حرائق الغابات هذا العام، تبدو غير معتادة على الإطلاق، إذ تعد حرائق الغابات طبيعية إلى حد ما في جميع أنحاء كندا وغرب الولايات المتحدة في فصل الصيف، ولكن من غير المعتاد انتشار الحرائق على نطاق واسع وبشكل متعدد في أواخر مايو ويونيو، كما أن كمية الدخان المتدفقة إلى شمال شرق الولايات المتحدة هي أيضاً استثنائية.
أين يقع المعدل الأسوأ لتلوث الهواء؟
كانت المدن الكندية ذات جودة الهواء الأسوأ في وقت مبكر من الخميس، هي تورنتو، مع مؤشر جودة الهواء رقم 7، ما يشير إلى وجود "مخاطر عالية" على صحة الإنسان، بالإضافة إلى كالجاري وإدمونتون وفورث سميث، التي سجلت جميعها رقم 5 على مؤشر جودة الهواء، ما يشير إلى وجود "مخاطرة معتدلة"، ويقيس مؤشر جودة الهواء تركيز وجود الجزيئات الدقيقة من الملوثات المعروفة بأنها ضارة بالناس في الهواء.
وكانت جودة الهواء في الولايات الشرقية والشمالية الشرقية من الولايات المتحدة هي الأقل في وقت مبكر الخميس، وفقاً لبيانات من وكالة حماية البيئة الأميركية، وتشمل المناطق ذات التركيزات العالية بشكل خاص من تلوث الأوزون والجسيمات في الهواء وادي سسكويهانا بفيلادلفيا، وليهاي فالي ببنسلفانيا، ومقاطعة نيو كاسل ومنطقة ويلمنجتون في ديلاوير، وشمال شرق ولاية ماريلاند.
ومن المعروف أن التعرض المستمر لمستويات عالية من الجسيمات الدقيقة الموجودة في دخان حرائق الغابات هو أمر ضار، إذ يمكن أن يسبب تهيج العين والحلق والجيوب الأنفية، ما يؤدي للسعال وصعوبة التنفس بشكل طبيعي، كما تسبب هذه الجسيمات المزيد من المخاطر في الفئات الأكثر ضعفاً مثل كبار السن والنساء الحوامل، فضلاً عن أنها يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أمراض القلب والرئة الموجودة بالفعل لدى الأشخاص.
كيف يمكن الاستعداد لحرائق الغابات؟
السلطات الكندية توصي كل من يعيش في إحدى المناطق المتضررة من حرائق الغابات بوضع خطة طوارئ تتضمن توفير طرق آمنة للهروب، وأماكن لتجمع الأسرة أو رفقاء السكن، ومعلومات التأمين الصحي، بالإضافة إلى تجهيز أدوات للطوارئ تتضمن الإمدادات اللازمة لمدة 72 ساعة على الأقل.
وتوصي الحكومة الأشخاص الذين يعيشون في مناطق عالية الخطورة بإزالة الأغصان والأوراق الجافة والأشياء الأخرى التي قد تؤجج الحرائق من حول منازلهم، والتأكد من وصول الرشاشات إليها، فضلاً عن التحقق من صلاحية أجهزة إنذار الحريق.
وقبل اندلاع حريق، فإنه من المهم أيضاً التأكد من وجود وقود كافٍ في السيارة، وخلال حالة الطوارئ، يجب البقاء على اطلاع بأخبار حرائق الغابات من وسائل الإعلام المحلية والمسؤولين، والاتصال بأرقام الطوارئ للإبلاغ عن أي حريق يقترب من المنزل أو الحي الذي تسكن به.
كما توصي السلطات بإغلاق جميع الأبواب والنوافذ وتغطية أي فتحات أو نوافذ داخل المنزل، مع إبقاء الأضواء إذا كان القيام بذلك آمناً، مع وضع أدوات الطوارئ وأي أشياء ثمينة داخل السيارة، وضرورة عدم محاولة القيادة خلال الحرائق.
اقرأ أيضاً: