لم يحصل الموظف الحكومي مصطفى حسين على راتبه الشهري منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان منذ منتصف أبريل الماضي.
وقال حسين لوكالة أنباء العالم العربي AWP، إن الحرب بين الجيش والدعم السريع أثرت على كل السودانيين بمختلف مستوياتهم، وفقد كثيرون أعمالهم ووظائفهم وممتلكاتهم.
وتابع: "عجزت الدولة منذ الطلقة الأولى عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه العاملين في مؤسسات الدولة، على الرغم من ضعف الرواتب واستمرار الموظفين داخل بعض المؤسسات في عملهم".
غادر حسين، الذي يعمل في وكالة السودان للأنباء، العاصمة الخرطوم، إلى ولاية القضارف في جنوب شرق السودان من أجل البحث عن فرصة عمل جديدة لتلبية احتياجات أسرته، قائلاً "كنت أعتمد على ما ادخرته سابقاً مع الاقتراض من بعض الأصدقاء والمعارف".
وأوضح أن المشكلة الآن أنه لا يعرف متى وكيف ستصرف وزارة المالية الرواتب.
غياب الحلول
وأضاف "لم نلمس أي خطوة عملية لحل المشكلة، وليس لدينا معلومات حول أي جهود قامت بها إدارة المؤسسة للتواصل مع الجهات المعنية لحل المشكلة".
وقال وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، خلال اجتماع لمجلس الوزراء في بورتسودان، الجمعة، إن تأخير رواتب العاملين بالجهاز الإداري للدولة يعود إلى انهيار الشبكة المصرفية وصعوبة توفير سيولة نقدية في ظل ظروف الحرب.
وأكد جبريل أن وزارته تعمل في كل الاتجاهات لحل المشكلة، ودعا الموظفين إلى أن "يكونوا واقعيين ويعيشوا مع الظرف الذي تمر به الوزارة". ولم يعط وزير المالية جدولاً زمنياً لصرف الرواتب.
ومع دخول الصراع المسلح في السودان شهره الرابع، اقتصر صرف الرواتب على أفراد وضباط الجيش دون بقية القوات النظامية الأخرى الذين حصلوا على رواتب شهرين فقط.
لا نرى المساعدات
يعمل حاتم رمضان في مصنع بالمنطقة الصناعية في غرب أم درمان، وقال إنه توقف بعد شهر من نشوب الصراع.
وقال رمضان لوكالة أنباء العالم العربي، إن إدارة المصنع قررت إغلاقه، ومنح العاملين إجازة مفتوحة دون راتب بعد أن أصبحت المنطقة الصناعية ساحة للمعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكان رمضان بالكاد يوفر احتياجات أسرته من راتبه البسيط، ويقول "توقف المصنع الذي أعمل به وفقدت مصدر رزقي الوحيد وليس أمامي خيار آخر سوى البقاء في البيت. الأموال التي ادخرتها على وشك النفاد".
وأضاف: "لم نتلق مساعدات من أي جهات سواء حكومية أو غير حكومية، رغم أننا نسمع باستمرار عن وصول مساعدات إنسانية للمتضررين في مناطق الصراع لكن لا نراها".
نهب وتخريب
ويملك نورين محمد، متجراً صغيراً لبيع العطور في السوق العربي بوسط الخرطوم، وفقد هو الآخر مصدر رزقه بعد أن تعرض متجره للنهب والتخريب.
وقال نورين إنه حاول نقل ما تبقى من بضاعته لبيعها في سوق صابرين في غرب العاصمة بالقرب من منطقة سكنه، لكنه لم ينجح بسبب صعوبة الوصول إلى منطقة وسط الخرطوم نتيجة إغلاق الجسور.
وينتظر نورين انتهاء الحرب حتى يعود إلى عمله ويوفي بالتزامات أسرته. ومضى قائلاً: "استمرار الحرب يعني أننا سنبقى بلا عمل وهذا يزيد من معاناتنا".
واضطرت معظم الأسواق والمصانع الكبرى إلى الإغلاق بشكل كامل بعد أن تعرضت للنهب والتخريب، ومنحت العاملين إجازة دون راتب.
تهديد السلاح
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن جريفيث، السبت، إن الوصول إلى ملايين المحتاجين للمساعدات الإنسانية في السودان أصبح أكثر صعوبة مع دخول الحرب شهرها الرابع.
وأضاف جريفيث في بيان "لا يمكننا العمل تحت تهديد السلاح ولا يمكننا تجديد مستودعات الطعام والماء والأدوية إذا استمر نهب هذه المستودعات"، مشدداً على أن معاناة السودان لن تنتهي إلا بانتهاء القتال.
وطالب جريفيث بمضاعفة الجهود حتى لا يتحول الصراع في السودان إلى "حرب أهلية وحشية لها عواقب وخيمة" على المنطقة.
وقال المسؤول الأممي إن السودان يعتبر حالياً "أحد أصعب الأماكن في العالم بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني".
وانزلق السودان إلى هاوية الاقتتال بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل الماضي، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية كان من المفترض أن تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية.
وتوصل الجيش السوداني والدعم السريع لعدة اتفاقات لوقف إطلاق النار بوساطة من السعودية والولايات المتحدة، لكن المفاوضات التي جرت في جدة تم تعليقها الشهر الماضي بعد أن تبادل طرفا الصراع الاتهامات بانتهاك الهدنة.
اقرأ أيضاً: