الخلاف يتجدد بين بريطانيا والأرجنتين بشأن تسمية جزر الفوكلاند

time reading iconدقائق القراءة - 7
طيور البطريق في إحدى جزر فوكلاند التابعة للتاج البريطاني. 2 نوفمبر 2022 - AFP
طيور البطريق في إحدى جزر فوكلاند التابعة للتاج البريطاني. 2 نوفمبر 2022 - AFP
دبي-الشرق

كشفت مذكرة مسربة عن الجهود الحثيثة التي بذلتها حكومة المملكة المتحدة ودبلوماسييها لمنع الاتحاد الأوروبي من التوقيع على إعلان مع دول أميركا اللاتينية يشير صراحة إلى "جزر مالفيناس"، الاسم الأرجنتيني لجزر فوكلاند المملوكة لبريطانيا، وفقاً لتقرير مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

وخاضت لندن وبوينس آيرس حرباً استمرت 10 أسابيع على الجزر في عام 1982. ولا تزال الجزر النائية التي تقع على بعد أقل من 500 كيلومتر قبالة ساحل الأرجنتين، أرضا تابعة للمملكة المتحدة، على الرغم من أن الأرجنتين تواصل المطالبة بها على أنها ملك لها.

واعترضت بريطانيا على استخدام اسم "جزر مالفيناس" في بيان جديد وقعته في بروكسل هذا الأسبوع 60 دولة من دول الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية.

وكانت هذه أول قمة للاتحاد الأوروبي مع مجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي منذ مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي في عام 2020. وفي السابق، كانت المملكة المتحدة قادرة على استخدام حق النقض في ما لا توافق عليه.

وفي ظل الغياب الذي فرضته بريطانيا على نفسها، تحرك المفاوضون الأرجنتينيون بسرعة لإدراج اسمهم الخاص للجزر في الإعلان المشترك، وحققوا انتصاراً دبلوماسياً كبيراً.

هجوم خلف الكواليس

وخاضت لندن هجوماً، خلف الكواليس، ومارست ضغوطاً على أعلى المستويات لثني بروكسل عن تضمين الصياغة.

وجاء في رسالة نصية أرسلها وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إلى المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل: "آمل أن تتمكن من إبقاء جزر فوكلاند خارج بيان القمة، في إشارة إلى أن الأرجنتين ستتشبث بذلك كدعم لقضيتها وستتطلب منا الرد ومن ثم زيادة التوترات في المنطقة".

وجاء في نص رسالة كليفرلي: "أفهم أن مجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تضغط لإدراج لغة عن جزر فوكلاند في بيان الاتحاد الأوروبي. وكما تعلمون، فإن موقف المملكة المتحدة واضح للغاية، جزر فوكلاند هي إقليم بريطاني يتمتع بالحكم الذاتي فيما وراء البحار".

ورفض كل من كليفرلي وبوريل التعليق على التسريب.

وقال دبلوماسي آخر في الاتحاد الأوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة الأمر، إن المسؤولين البريطانيين "يتصلون بشكل محموم بالمندوبين والملحقين.. لكن دون جدوى".

وقال دبلوماسي ثالث إن "فرنسا وحدها أوصت بالحذر بشأن هذه القضية" خلال اجتماعات السفراء الأوروبيين، وهي لحظة نادرة من الوحدة الأنجلو-فرنسية.

ووسط غضب في بريطانيا بعد نشر البيان الختامي، سارع الاتحاد الأوروبي إلى إصدار بيان يوضح أنه لم يتخذ أي موقف رسمي بشأن وضع الجزر.

وقال بيتر ستانو، المتحدث باسم خدمة العمل الخارجي الأوروبي إن الدول الأعضاء في الاتحاد لم تغير وجهات نظرها بشأن "جزر فوكلاند/مالفيناس" وإن التكتل ليس في وضع يسمح له بالتعبير عن أي موقف نظراً لعدم وجود مناقشة للمسألة في الاتحاد الأوروبي.

وأضاف ستانو: "لا يتخذ الاتحاد الأوروبي أي موقف بشأن مثل هذه القضايا دون تفويض من المجلس".

"اختيار مؤسف"

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك للصحافيين الخميس، إن إعلان الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي كان "اختياراً مؤسفاً للكلمات" وأنه "من الصواب أن يوضح الاتحاد الأوروبي موقفه".

وذهب بعض نواب حزب المحافظين إلى أبعد من ذلك، غاضبين مما اعتبروه خيانة لمصالح بريطانيا.

وقال ألكسندر ستافورد، عضو المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب في جزر فوكلاند: "بالنسبة لي يلخص هذا حقاً نهج الاتحاد الأوروبي تجاه الديمقراطية. وكما هو الحال عندما يتعلق الأمر بالمعاهدات، فإنهم سعداء بالاستخفاف بإرادة الشعب.. وفي هذه الحالة سكان جزر فوكلاند". 

وأضاف النائب هنري سميث، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم: "يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى البدء في احترام الاستفتاءات الديمقراطية. إن الرأي الساحق والمعبر عنه بوضوح لسكان جزر فوكلاند هو أن يظلوا بريطانيين، ويجب احترام ذلك".

"ابتهاج أرجنتيني"

وقال مارك فرانسوا، المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، متحدثاً إلى صحيفة "ذا ميل"، إن "الأرجنتينيين سيقولون بأعلى صوتهم  ابتهجوا! ابتهجوا بهذا الخطأ الدبلوماسي الكبير من قبل الاتحاد الأوروبي".

كانت بوينس آيرس مبتهجة بالفعل، مدعية أنها المرة الأولى التي يعترف فيها الاتحاد الأوروبي رسمياً بموقفه من الجزر.

وقال وكيل وزارة الأرجنتين لشؤون أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، جوستافو مارتينيز باندياني، الذي كان جزءاً من فريق التفاوض في بروكسل: "نحن سعداء للغاية بالنتيجة".

وتابع: "إنها المرة الأولى على الإطلاق في الحوار الثنائي الإقليمي التي يتم فيها إدراج مسألة مالفيناس في وثيقة مشتركة لكل من مجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والاتحاد الأوروبي. إنها خطوة مهمة للغاية".

وحظي ذلك بدوره باهتمام قصير في لندن، حيث اتهم المسؤولون الحكومة الأرجنتينية بالانخراط في حرب علاقات عامة قبل الانتخابات العامة في وقت لاحق من هذا العام.

وأضافوا: "يمكن للحكومة الأرجنتينية الضغط على من تشاء ، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن جزر فوكلاند بريطانية. هذه هي الإرادة الواضحة لسكان جزر فوكلاند ".

وجاء الخلاف بعد أسابيع من المساومة على نص البيان الختامي قبل قمة الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

وكان تأمين إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا ضرورة جيوسياسية للاتحاد الأوروبي، لكن دول أميركا اللاتينية جاءت بمجموعة من المطالب الخاصة بها، بما في ذلك الإشارة إلى قضية مالفيناس وطلبات التعويضات الاستعمارية.

وتعثرت المحادثات بشأن أوكرانيا، حيث تكافح دول جماعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي الرئيسية لتأمين تأييد عالمي لإدانة روسيا. وفي النهاية، استخدمت الأرجنتين والبرازيل ثقلهما الإقليمي لإقناع معظم الأعضاء المتمردين بالانضمام، على الرغم من أن نيكاراجوا استمرت في معارضة الفقرة التي تعرب عن القلق من "العدوان" الروسي.

وأشار الإعلان بعد ذلك إلى "أهمية الحوار واحترام القانون الدولي في الحل السلمي للنزاعات" فيما يتعلق "بمسألة السيادة على جزر مالفيناس/جزر فوكلاند".

لكن باندياني نفى أن تكون الأرجنتين قد قايضت مسألة مالفيناس بالحاجة إلى إشراك دول أميركا اللاتينية في إدانة الحرب في أوكرانيا.

وقال لبوليتيكو: "نحن لا نستخدم مالفيناس كمقايضة أو كعملة تفاوض".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات