الرياض وروما وبوسان.. من يربح تنظيم إكسبو 2030؟

time reading iconدقائق القراءة - 11
تصميم الموقع المقرر إقامة معرض إكسبو الرياض 2030 فيه بالعاصمة السعودية - Twitter@Riyadh_Expo2030
تصميم الموقع المقرر إقامة معرض إكسبو الرياض 2030 فيه بالعاصمة السعودية - Twitter@Riyadh_Expo2030
دبي- محمد البحيري

تستعد الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض لاختيار الفائز بتنظيم "إكسبو 2030" عبر اقتراع سري في نوفمبر 2023، من بين مدن الرياض (السعودية) وروما (إيطاليا) وبوسان (كوريا الجنوبية)، بعد خروج أوديسا الأوكرانية من المنافسة.

وجاء قرار استبعاد أوديسا، في يونيو الماضي، بعد مناقشة النتائج التي توصلت إليها لجان التحقق والتقصي التي زارت المدن المرشحة للوقوف على مدى جاهزيتها لاستقبال هذا الحدث العالمي الضخم، إذ كانت كييف تأمل في أن يسهم ملف ترشح أوديسا في دعم جهود إعادة الإعمار حال انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية.

الرياض: حقبة التغيير

وأعلنت السعودية لأول مرة في 2021 عن نيتها الترشّح لاستضافة معرض إكسبو 2030 ليتزامن مع تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

ولخص ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ملف إكسبو الرياض 2030 في سياق رسالته إلى المكتب الدولي للمعارض بقوله: "تمثل هذه الرؤية طموح المملكة للمستقبل، وهي رؤية اعتمدت على الطاقة اللا محدودة لشبابنا بهدف إيجاد مستقبل أكثر استدامة لمصلحة الأجيال القادمة، حيث ينهض جميع المواطنين بأحلامهم، ويتجاوزون آمالهم ويتخطون طموحاتهم".

وربط الملف السعودي بين الرغبة في استضافة "إكسبو 2030" و"رؤية المملكة 2030"، التي قال عنها الأمير محمد بن سلمان إنها "رؤية الحاضر للمستقبل، التي نريد أن نبدأ العمل بها اليوم لِلغد، بحيث تعبر عن طموحاتنا جميعاً وتعكس قدرات بلادنا".

ويدعو الملف السعودي، المقدم لاستضافة إكسبو، المجتمع العالمي إلى الدخول في شراكات جديدة لاستكشاف الأفكار الجريئة، ومواجهة التحديات غير المسبوقة وفتح أبواب الفرص من أجل ضمان مستقبل مزدهر أكثر إشراقاً واستدامة للبشرية جمعاء.

لذا حمل الملف السعودي شعار "حقبة التغيير: معا نستشرف المستقبل" ليكون هو موضوع إكسبو 2030 ليبشر بهذا الطموح العالمي، ويعكس التحول السريع والمستمر الذي تخوضه المملكة من خلال "رؤية السعودية 2030".

ويحمل الملف 3 موضوعات فرعية تعبر عن مضمونها: غد أفضل، العمل لمناخي، الازدهار للجميع".

إكسبو الرياض 2030

حددت السعودية، في ملفها، إقامة "إكسبو 2030" في الفترة الممتدة من 1 أكتوبر 2030 حتى نهاية مارس 2031، وهي الفترة التي ستتزامن مع مجموعة من الأحداث ذات الدلالة، وهي: فترة عيد الميلاد، ورأس السنةِ الصينية، وشهر رمضان المبارك، إضافةً إلى الذكرى المئوية لتأسيس المكتب الدولي للمعارض الذي يُشرفُ على معارض إكسبو.

وكشفت المملكة عن المخطط الرئيس لمعرض الرياض إكسبو 2030، خلال حفل الاستقبال الرسمي الذي نظّمته الهيئة الملكية لمدينة الرياض في العاصمة الفرنسية باريس، في 19 يونيو 2023، بحضور مندوبي 179 دولة من أعضاء للمكتب الدولي للمعارض.

وسيقام المعرض بالقرب من مطار الملك سلمان الدولي، مما يسّهل على الزوّار القادمين عبر المطار الوصول إلى موقع المعرض خلال دقائق معدودة، من خلال استخدام شبكة "قطار الرياض" التي تغطي كافة أرجاء العاصمة السعودية، إلى جانب شبكة الطرق الحديثة، وتتصل بأحد مداخل المعرض الثلاثة.

وقد جرى تصميم أجنحة المعرض المقدّر عددها بـ 226 جناحاً ضمن تصميم يشبه الكرة الأرضية، ويتوسطها خط الاستواء؛ في توجه بصري يُطابق توجه المعرض ورؤيته التي تضمن فرصاً متساوية لجميع المشاركين في المعرض، في الوقت الذي يعكس فيه تصميم المعرض النمط العمراني العريق وتاريخ مدينة الرياض وثقافتها وطبيعتها، والاهتمام المشترك للمملكة مع بقية دول العالم بالمناخ، وتعزيز الطموح لاستشراف مستقبل مليء بالإمكانات.

وتخطط السعودية لإقامة فعاليات إكسبو على مساحةِ 6 ملايين مترٍ مربع، مع توقع 41 مليون زيارة فعلية مستهدَفة للموقع، وأكثر من مليار زيارة من خلال مِنصة ميتافيرس فريدةً من نوعِها.

وتراهن السعودية في هذا الملف على قوتها الاقتصادية والسياسية، وموقعها الجغرافي، والتنوع البيئي على أرضها ما يوفر خيارات متعددة أمام الزوار، بين ارتياد الشواطئ، وتجربة أجواء الصحراء والبادية، وخوض مغامرات المناطق الجبلية، والتمتع بأجواء الريف، بالإضافة إلى مختلف مظاهر الحياة العصرية التي تمزج بين الفن والثقافة والتكنولوجيا والمتوافرة في المملكة.

ورصدت السعودية ميزانية تناهز 7.3 مليار دولار لاستضافة معرض "إكسبو 2030" في العاصمة الرياض، توزّعت بواقع 5.85 مليار دولار للنفقات الرأسمالية، و1.47 مليار دولار للنفقات التشغيلية، وفقاً لعرض الترشح الذي اطّلعت عليه "الشرق".

بوسان: الإبحار نحو المستقبل

تقدمت كوريا الجنوبية للتنافس على استضافة إكسبو 2030 من أجل تنظيمه في بوسان (جنوب شرق)، والتي تعد ثاني أكبر مدينة في البلاد، على أن يكون خلال الفترة من أول مايو وحتى نهاية أكتوبر 2030.

ويحمل الملف الكوري شعار "نحول عالمنا ونبحر نحو المستقبل"، مع وعد بأن يكون إكسبو بوسان منصة للرعاية والمشاركة، وأن يناقش استخدام التكنولوجيا من أجل الإنسانية، والسعي لتحقيق الحياة المستدامة مع الطبيعة، بحسب الموقع الرسمي للترويج لـ"إكسبو بوسان 2030".

وفي إطار الموضوع الرئيسي، تم اختيار موضوعات فرعية لمعالجة التحديات العالمية الرئيسية، وهي: تغير المناخ، سلبيات التحول الرقمي وعدم المساواة بين الدول وداخلها.

ويرتبط كل موضوع فرعي بالركائز الثلاث لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة: الناس والكوكب والازدهار.

وتروج كوريا لنفسها باعتبارها سوقاً مفتوحة وقوة اقتصادية نجحت في الانتقال من دولة نامية إلى اقتصاد متقدم ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم وثامن أكبر اقتصاد في حجم التجارة.

كما تروج لملفها أيضاً باعتبارها رائدة في الصناعات التي يغذيها الابتكار مثل أشباه الموصلات والبطاريات والسيارات الكهربائية والطاقة النظيفة، مع الإشارة إلى ازدهار الفن الكوري في السينما والدراما والموسيقى.

لا تخشى التحديات

كما تروج كوريا لمدينة بوسان باعتبارها "مدينة لا تخشى التحديات"، حيث نهضت من تحت أنقاض الحرب الكورية (مع كوريا الشمالية) وبرزت كمحرك لنمو كوريا الجنوبية بأسرها، حتى أن 40 مليون زائر يقصدون المدينة سنوياً.

ولعبت بوسان دوراً تاريخياً حاسماً في مسار كوريا الجنوبية من كونها متلقية للمساعدات الاقتصادية إلى دولة مانحة في غضون نصف قرن. كما تتمتع بموقع استراتيجي، فهي مركز للنقل والخدمات اللوجستية، وممر يربط القارة الأوروبية الآسيوية إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

ويركز ملف بوسان المقدم إلى المكتب الدولي للمعارض على مشاركة التقنيات التي تقترحها المدينة وكوريا الجنوبية كحلول للمشاكل الماثلة أمام البشر على أمل إنقاذ العالم.

ويركز الملف أيضاً على خطة كوريا الجنوبية لتنظيم إكسبو بوسان عبر مسارين متزامنين: واقعي وافتراضي، عبر تقنية الواقع الافتراضي "ميتافيرس"، ليكون متاحاً لأي شخص في أي مكان بالعالم الانضمام إلى المعرض عبر الإنترنت، حيث سيتم استنساخ جميع المعارض والأجنحة التي أقامتها الدول المشاركة في إكسبو بوسان ليتم عرضها في الفضاء الافتراضي، بهدف إثبات كيف يمكن للتكنولوجيا أن تجمع العالم معاً دون قيود مادية.

وتستهدف المدينة استضافة معرض خالٍ من الكربون، حيث سيتم تشغيل المركبات الهيدروجينية والكهربائية في جميع أنحاء المعرض، وستقتصر الطاقة المولدة من الموارد القائمة على الطاقة المتجددة. 

المثير أن بوسان تعد بتوفير راحة تامة للزوار، حيث ستصطف الصور الرمزية المنتجة بالذكاء الاصطناعي (AI) للضيوف في قوائم الانتظار بدلاً منهم، وستقوم الطائرات بدون طيار بتسليم الطرود، وسيساعد مخططو الذكاء الاصطناعي الشخصيون في تحديد أماكن المعرض التي يجب زيارتها بالترتيب.

وتعد كوريا الجنوبية بتقديم مساعدات لأكبر عدد من الدول النامية لتمكينها من المشاركة في المعرض.

وتتوقع كوريا الجنوبية أن تحصد من وراء "إكسبو بوسان" أرباحاً بقيمة 48 مليار دولار من خلال جذب ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم للمشاركة في أنشطة تدور حول موضوعات التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي.

روما و"الفرصة الضائعة"

تقدمت إيطاليا لاستضافة معرض إكسبو 2030 في العاصمة روما، مطالبة بالتعويض عن فرصة سابقة ضاعت عليها.

وكانت روما تنتظر تنظيم هذا الحدث العالمي منذ العام 1942، لكن تم إلغاء الحدث لاحقاً بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية.

الآن، بعد مرور ما يقرب من ثمانين عاماً، تقدم روما مرة أخرى ترشيحها بموضوع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما تصفه في موقعها الرسمي الخاص بملف الترشح، المكون من 618 صفحة، لاستضافة إكسبو 2030، "الحمض النووي لروما: التجديد الحضري".

وجاء في الملف أن روما تمكنت، طوال ما يقرب من ثلاثة آلاف عام من التطوير، من إعادة اختراع نفسها، لدرجة أنها اكتسبت لقب "المدينة الأبدية".

وتقول روما أيضاً إن "جذورها، التي تكمن في الدافع المستمر للابتكار والفن والتكامل بين الأديان والثقافات، أصبحت اليوم بنقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل الضيافة والعيش".

وتضيف أن "إكسبو 2030 سيكون فرصة مثالية لتحويل روما، في الخيال الجماعي، من مهد الحضارة، الذي نشر نموذج المدينة بامتياز في جميع أنحاء العالم، إلى مدينة ذكية قادرة على الجمع بين ثروة الماضي التي لا تقدر بثمن مع توجه نشط نحو المستقبل والتحديات التي يحملها"، ليكون ذلك كله تحت شعار "الناس والأقاليم: التجديد والشمول والابتكار".

ويتوقع رئيس لجنة الترويج لـ "إكسبو روما 2030" جامبيرو ماسّولو، استقبال 30 مليون زائر في إكسبو روما، مقارنة بـ21 مليوناً زارو إكسبو ميلانو في 2015، فضلاً عن تحقيق 51 مليار يورو من القيمة المضافة وخلق 300 ألف فرصة عمل.

أشجار اصطناعية لإنتاج الطاقة

ويقترح ملف روما أن يعتمد إكسبو على الطاقة المتجددة لتلبية احتياجات المعرض من الطاقة كمنطلق للتخطيط في القرن الواحد والعشرين، بحيث تشارك كل الدول المشاركة في بناء محطة شمسية على مساحة 150 ألف متر مربع، لتنتج 36 ميجاواط من الكهرباء، لتزويد المعرض والأحياء المحيطة به بالطاقة للحد من انبعاثات الكربون.

ويقوم تصميم المحطة على مئات الأشجار الاصطناعية التي تفتح ألواحها الشمسية طيلة ساعات النهار لتخزين الطاقة الشمسية وتوفير الظل لزوار المعرض.

بحسب الموقع الرسمي للترويج لـ"إكسبو روما 2030"، ينقسم الملف إلى 5 أجزاء رئيسية، يتناول أولها الالتزام الموسع للمؤسسات باستضافة المعرض ودعم المجتمع المدني.

ويتناول القسم الثاني تطوير الموضوع المختار للمعرض: "الناس والأقاليم: التجديد، والشمول، والابتكار"، ومناقشة قيمته العالمية ومركزيته في النقاش المعاصر.

أما القسم الثالث فهو مخصص لمدينة روما ومنطقتها، باعتبارها مكاناً مثالياً لمعرض إكسبو 2030، لأهميتها التاريخية والثقافية، وموقعها كمفترق طرق بين 3 قارات، والترويج لكونها مركزاً حيوياً للتعددية والعلاقات الدولية.

ويلفت هذا القسم إلى أن روما موطن لـ 337 منظمة غير حكومية و 420 سفارة مما يجعلها عاصمة عالمية للتضامن والدبلوماسية، بحسب الملف، الذي يوضح أيضا في هذا القسم قدرة الاستقبال والمشاريع التي سيتم تنفيذها لاستضافة المشاركين والزوار.

ويمثل القسم الرابع قلب الملف، ويتناول المشروع المادي الذي يمتد في جميع أنحاء المدينة إلى موقع المعرض، ويوضح الأجنحة وأساليب المشاركة المقدمة للبلدان، بالإضافة إلى تفاصيل خطة الجدوى الاقتصادية والمالية للحدث بأكمله.

ويتعلق الجزء الأخير من المجلد بجميع الجوانب الأمنية والتنظيمية التي يمكن للعاصمة ويجب عليها إدخالها في ضوء المعرض، وما سيؤول إليه الموقع بعد انتهاء فعاليات المعرض.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات