الرسم.. ملاذ الأفغانيات بعد منعهن من التعليم والعمل

time reading iconدقائق القراءة - 4
لاجئات أفغانيات يحملن لافتات ، أثناء مشاركتهن في "مسيرة المرأة" ، للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في إسلام أباد، باكستان. 8 مارس 2023 - REUTERS
لاجئات أفغانيات يحملن لافتات ، أثناء مشاركتهن في "مسيرة المرأة" ، للاحتفال باليوم العالمي للمرأة في إسلام أباد، باكستان. 8 مارس 2023 - REUTERS
مزار الشريف (أفغانستان)-رويترز

في منزل بشمال أفغانستان، رسمت خوشي (19 عاماً) صورة لنفسها داخل قفص وهي متسربلة ببرقع أزرق.

وكانت الطالبة الجامعية السابقة تحضر دروساً في القانون والعلوم السياسية بالجامعة الرئيسية بإقليم بلخ شمالي أفغانستان، لكنها وقعت فريسة للاكتئاب منذ أن منعت حركة طالبان الفتيات من الالتحاق بمؤسسات التعليم الجامعي في ديسمبر، وهو أمر تطلب خضوعها لعلاج نفسي إذ نصحها الأطباء بحضور جلسات علاج بالرسم.

وقالت خوشي التي عُرّفت باسمها الأول فحسب لدواع أمنية، "حينما أدركت أنني لست على ما يرام نفسياً، حزنت.. لم أكن سعيدة إطلاقاً، كنت مكتئبة دوماً، شعرت أنني طائر محبوس في قفص.. طائر فقد كل أسباب السعادة".

وأضافت: "بعدما حظرت طالبان التحاق الفتيات بالجامعات وأعلنت أنه لم يعد بوسعهن مواصلة التعليم، شعرت بالغضب الشديد‭ ‬وتدهورت صحتي النفسية يوماً بعد يوم، قررت أخيراً الذهاب لطبيب نفسي التماساً للتحسن".

الرسم.. "الفضاء الوحيد"

لكن أفغانيات وخبراء في الصحة النفسية يقولون إن كثيراً من النساء، وتحديداً في المناطق الحضرية، ممن حصلن على فرص تعليم وعمل خلال وجود القوات الأجنبية الذي استمر 20 عاماً، وحكومة مدعومة من الغرب، يعانين الآن من إحساس عميق باليأس ومشكلات نفسية.

وقال طبيب خوشي النفسي، الذي لا يمكن ذكر اسمه أيضاً لدواع أمنية، "منذ بدأت الإمارة الإسلامية (حكومة طالبان) حكم البلاد، فرضوا الكثير من القيود على النساء، فمنعوهن من دخول الجامعات، والمتنزهات الترفيهية، وصالونات التجميل والقائمة تطول، لم يتركوا شيئاً للنساء".

وأضاف: "قاعات الرسم هي الفضاء الوحيد المتبقي لدينا لمساعدة مرضانا.. أصبحت المكان الوحيد الذي يمكن للفتيات فيه تصفية ذهنهن، ومعرفة أخبار صديقاتهن القديمات، وتكوين صداقات جديدة، بل يمكنهن تعلم الرسم أيضاً علاوة على كل ما سبق".

تزور خوشي طبيبها النفسي مرتين شهرياً. واعتاد الطبيب فحص ما بين 4 و4 مرضى يومياً، لكنه يقول إن عدد مرضاه ارتفع الآن إلى ما بين 10 و15 يومياً أغلبهم من النساء. وقال إن الزيادة صارت ملحوظة أكثر بعدما طبقت طالبان حظراً على التحاق الفتيات بالجامعات.

وتقدر المنظمات الصحية أن نصف سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليوناً يعانون من مشكلات نفسية بعد الحرب وانعدام الاستقرار على مدى عقود.

ولا توجد أرقام موثوقة تذكر عن اتجاهات الصحة النفسية، لكن الأطباء وموظفي المساعدات يتناقلون فيما بينهم أن عدد النساء اللائي يعانين من الصحة النفسية في أعقاب أوامر تقييد عملهن وتعليمهن قد ازداد.

وفي مرسم صغير بمزار الشريف عاصمة إقليم بلخ، تزين اللوحات الحوائط وتتجمع فتيات عدة، منهن خوشي، لحضور جلسة الرسم بالقلم الرصاص.

وذهبت الكثيرات منهن إلى هناك بتوصية من خبير في الصحة النفسية لتخفيف شعورهن بالعزلة، وتعلم مهارة جديدة، بالإضافة إلى حضور جلسات العلاج النفسي وأخذ الأدوية.

وقالت طالبة سابقة بالجامعة في الجلسة: "حينما شعرت بالاكتئاب، وصف لي الطبيب الذهاب إلى مكان أشعر فيه بالهدوء النفسي. اخترت المرسم. فلم أكون صداقات وطيدة هنا فحسب، وإنما خضعت أيضا للعلاج بالرسم".

وأردفت خوشي "يمنحني ذلك شعوراً بالإنجاز لأنني فعلت شيئاً ما، وبشكل عام، الرسم يكسبني الثقة".

وأضافت: "أنا محبطة في حياتي، لكنني لن أستسلم، سأقاتل. آمل أن تتحسن الأمور في المستقبل".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات