قالت دراسة علمية نُشرت نتائجها في دورية "نيتشر"، إن ضعف أنظمة الإنذار المبكر يفاقم أزمة تغير المناخ في إفريقيا.
وأضافت الدراسة أن الأنظمة والتقنيات التي ترصد وتتنبأ بأحداث الطقس والتغيرات في مستويات المياه "مفقودة أو عفا عليها الزمن أو معطلة" في جميع أنحاء القارة، مشيرة إلى أنَّ فقدان أنظمة الإنذار المبكر "يجعل السكان الأفارقة أكثر عرضة لتغير المناخ".
وتوقعت أن يزداد ويتوسع بشكل ملحوظ بمرور الوقت، حجم وشدة الأضرار والخسائر في الأرواح الناتجة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ في إفريقيا.
وتسلط الدراسة الجديدة الضوء على التوقعات المقلقة بأنَّ العواقب السلبية للكوارث المتعلقة بالمناخ، مثل الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وفقدان الممتلكات، وفقدان الأرواح، من المتوقع أن تصبح أكثر حدة واتساعاً في المستقبل.
وأدَّت أزمة تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة الفيضانات، والجفاف، وموجات الحر، ومن المتوقع أن تكون إفريقيا من بين مناطق العالم الأكثر تضرراً.
"بالون ضخم"
وحذَّر فريق من خبراء المخاطر وعلماء المناخ من المملكة المتحدة وإفريقيا بقيادة جامعة "كامبريدج" من أنه "وبدون تحديثات رئيسة وسريعة للبنية التحتية، فإن الأضرار والوفيات الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ في جميع أنحاء إفريقيا ستتحول إلى "بالون ضخم".
وتشير أحدث الأبحاث إلى أن متوسط عدد الوفيات الناجمة عن حدوث فيضان في إفريقيا أعلى بـ4 أضعاف من متوسط أوروبا وأميركا الشمالية لكل فيضان.
وعند التحقيق في سبب هذا التباين، وجد الخبراء في الدراسة أن القارة الإفريقية بأكملها بها 6٪ فقط من عدد محطات الرادار في كل من الولايات المتحدة وأوروبا معاً، على الرغم من وجود حجم سكاني مماثل.
وتستطيع محطات الرادار اكتشاف تقلبات الطقس، وهطول الأمطار، بالإضافة إلى الاتجاهات المناخية طويلة الأجل، وهي حيوية للتحذير من الفيضانات الوشيكة، وغيرها من أحداث الأرصاد الجوية.
ولدى القارة الإفريقية 37 محطة فقط من هذه المحطات.
علاوة على ذلك، تُظهر بيانات منظمة الأرصاد الجوية العالمية أن أكثر من 50٪ من محطات الرادار التي تعمل حالياً عبر إفريقيا غير قادرة على إنتاج بيانات دقيقة كافية للتنبؤ بأنماط الطقس للأيام أو حتى الساعات القادمة.
تمويل الأنظمة
ودعا فريق البحث المجتمع الدولي إلى زيادة تمويل الأنظمة التي تخفف من مخاطر الكوارث المناخية على الحياة.
وفي الوقت الحالي يذهب 0.47 دولار أميركي فقط من كل 100 دولار يتم إنفاقها على مساعدات التنمية العالمية نحو الحد من مخاطر الكوارث من أي نوع.
وقال الباحث بجامعة كامبريدج، أساف تزاكور، وهو المؤلف الرئيس المشارك إنَّ الفجوات الشاسعة في أنظمة الحد من الكوارث في إفريقيا معرضة لخطر جعل استثمارات المساعدات الأخرى زائدة عن الحاجة "على سبيل المثال، لا جدوى من الاستثمار في مزارع أصحاب الحيازات الصغيرة، إذا كانت الفيضانات ستجرف البذور، والكيماويات الزراعية، والآلات".
وهناك حاجة إلى إتاحة الفرصة لجميع الأفارقة لتقليل تعرضهم لمخاطر المناخ من خلال إصلاح هذه النقطة العمياء الساطعة للأرصاد المائية والجوية، قبل أن تُفقد المزيد من الأرواح بسبب آثار الاحتباس الحراري.
ولتوضيح وجهة نظرهم، قارن أعضاء الفريق بين عاصفتين حديثتين من الفئة الرابعة، إعصار "إيداي" الاستوائي الذي ضرب جنوب شرق إفريقيا في عام 2019، وإعصار "إيدا" الذي اجتاح شرق الولايات المتحدة في2021، وكانت سرعة الرياح في كلاهما تزيد عن 200 كم/ ساعة.
وفي الولايات المتحدة تلقى السكان الأميركيون تنبيهات بالإخلاء قبل أن يضرب الإعصار الأرض، لكن قدرات القياس المحدودة جعلت الإعصار يفاجئ الدول الإفريقية، وكان عدد الضحايا الأميركيين أقل من 100، بينما فقد أكثر من ألف إفريقي أرواحهم.
ويقول الباحثون إنه يجب أن تصبح أنظمة القياس الهيدرولوجي الممولة تمويلاً جيداً أولوية لمساعدة السكان المعرضين للخطر على التخفيف من الأخطار المرتبطة بالطقس، والتكيف معها مع انتشار آثار تغير المناخ.
سد فجوة التحذير
فريق الدراسة وضع الخطوط العريضة لسلسلة من التوصيات لسد فجوة التحذير من الطقس في إفريقيا.
وبحسب الفريق، يجب أولاً تحديد المناطق الأكثر تعرضاً للخطر، إذ تختلف أنواع المخاطر المناخية بشكل كبير في جميع أنحاء القارة، من الأعاصير في مدغشقر إلى فترات الجفاف التي طال أمدها في شرق إفريقيا.
ولا يمكن إنكار الحاجة إلى المزيد من محطات الطقس في جميع أنحاء إفريقيا، ولكن يجب أن يسير هذا جنباً إلى جنب مع تحسين مراقبة الأقمار الاصطناعية، ومبادرات التدريب الرئيسية لزيادة عدد خبراء الأرصاد الجوية الأفارقة المهرة.
ويقول المؤلفون إنه يجب اعتماد أحدث التقنيات الحسابية، بما في ذلك مناهج الذكاء الاصطناعي الآلية التي تجمع بين بيانات الطقس، ونشاط وسائل التواصل الاجتماعي للتنبؤ بديناميات الكوارث.
كما يجب توسيع أنظمة الإنذار المبكر، وتوفير توجيهات واضحة للإخلاء باللهجات المحلية.
ويتمتع أكثر من 80٪ من الأفارقة بإمكانية الوصول إلى شبكة الهاتف المحمول، لذا فإن الرسائل النصية يمكن أن تكون وسيلة فعالة لإيصال تحذيرات مستهدفة.
وقدر البنك الدولي أن تكلفة إنشاء محطات الإنذار المبكر لا تزيد عن 1.5 مليار دولار على مستوى القارة، وسيوفر على البلدان الإفريقية 13 مليار دولار من خسائر الأصول، و 22 مليار دولار من خسائر سبل العيش سنوياً.