مستشفيات أميركا.. مئات الأطفال يموتون في وحدات طوارئ "غير مجهزة"

14% فقط من أقسام الطوارئ بالولايات المتحدة معتمدة لعلاج الصغار

time reading iconدقائق القراءة - 6
مدخل قسم الطوارئ في مستشفى "ميموريال ماريسفيل" في مقطعة ماريسفيل بولاية أوهايو في الولايات المتحدة. 29 يناير 2022 - REUTERS
مدخل قسم الطوارئ في مستشفى "ميموريال ماريسفيل" في مقطعة ماريسفيل بولاية أوهايو في الولايات المتحدة. 29 يناير 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مئات الأطفال يموتون أو يُتركون وهم يعانون من إصابات خطيرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة سنوياً، بعد نقلهم على الفور إلى أقسام الطوارئ في مستشفيات غير مهيأة بشكل جيد أو تفتقر إلى استعدادات لازمة لعلاجهم.

وأضافت الصحيفة الأميركية، في تقرير، أن نحو 14% فقط من أقسام الطوارئ في جميع أنحاء الولايات المتحدة تم اعتماد جاهزيتها لعلاج الأطفال، أو أنها مستشفيات أطفال متخصصة في علاج المرضى الصغار.

وأشارت إلى أن العديد من أطباء الطوارئ لا يعالجون عدداً كافياً من الأطفال حتى يتمكنوا من اكتشاف الأمراض التي تهدد الحياة، والتي تلتبس أعراضها مع الأعراض العادية، أو الحالات الأكثر شيوعاً لدى الأطفال. 

ويلجأ بعض موظفي الطوارئ بشكل تلقائي إلى إعطاء جرعات وبروتوكولات دوائية مخصصة للبالغين؛ أو أنهم لا يملكون أو لا يعرفون مكان المعدات المخصصة للتعامل مع إصابات الأطفال في حال حدوث أزمة.

ووفقاً للصحيفة، كان الأطباء والسلطات الصحية وصُناع السياسات الأميركية يعرفون وحذّروا من هذا التقصير منذ عقود، كما أظهرت دراسات أُجريت خلال الأعوام الأخيرة مدى الافتقار إلى الاستعداد، وعدد وفيات الأطفال التي كان من الممكن تجنبها، لافتة إلى خطوات أساسية لحل المشكلة.

ومع ذلك، لم تتخذ معظم المستشفيات الأميركية أي إجراءات، وفقاً لتحقيقات الصحيفة بشأن مستويات إصدار التراخيص في جميع الولايات الخمسين، ومراجعة سجلات طبية ومقابلات مع أطباء ومسؤولي صحة وباحثين.

نقص بيانات

ولفتت الصحيفة إلى أن الآباء في العديد من المناطق لا يملكون اتخاذ قرار سليم بشأن الأماكن التي سينقلون أطفالهم إليها في حالات الطوارئ الطبية، مضيفة أن أكثر من 70% من أقسام الطوارئ أجرت تقييماً تموّله الحكومة الفيدرالية، لقياس مدى جاهزيتها لاستقبال الأطفال، لكن النتائج الخاصة بكل مستشفى سرية.

وفي الوقت نفسه، هناك 25 ولاية أميركية لا تجري تقييماً لمدى جاهزية أقسام الطوارئ لاستقبال الأطفال على الإطلاق، وحتى بعض الولايات التي تجري التقييم بالتحقق لا تنشر أسماء المستشفيات التي حصلت على إقرار باستعدادها.

وفي إطار تحقيقيها، أعدت "وول ستريت جورنال" أول قائمة شاملة للمستشفيات على مستوى البلاد التي حصلت على شهادة صادرة عن الولاية بمستوى معين من الاستعداد للحالات الطارئة الطبية المتعلقة بطب الأطفال، أو أنها مستشفيات أطفال أو مراكز للتعامل مع الصدمات لدى الأطفال متخصصة في رعاية المرضى الصغار.

وأوضحت أن العدد القليل من المستشفيات التي صُنفت باعتبارها جاهزة لديها مستويات مختلفة من المتطلبات؛ والبعض لم يفعل أكثر من مجرد تحديد نقاط الضعف مع وعود بإجراء تحسينات.

خسائر في الأرواح

وتظهر الدراسات، بحسب الصحيفة، أن قلة الجاهزية تؤدي إلى "خسائر في الأرواح" بمختلف أنحاء الولايات المتحدة، إذ توفي نحو 1440 طفلاً في الفترة بين عامي 2012 و2017، لأن غرف الطوارئ التي عالجتهم "لم تكن مجهزة بشكل جيد"، وفق دراسة أجرتها دورية "جاما أوبن نتوورك" (JAMA Network Open) للأبحاث الطبية على 983 طفلاً في يناير.

ووجدت دراسة، أُجريت عام 2019 ونشرت في دورية "طب الأطفال" (The Journal of Pediatrics)، أن الأطفال أكثر عُرضة للوفاة بأربعة أضعاف في أقسام الطوارئ الأقل استعداداً. 

وبالإضافة إلى الوفيات التي يمكن تجنبها، قال أطباء وباحثون إن أعداداً كبيرة من الأطفال تُركوا وهم يعانون من حالات صحية خطيرة طويلة المدى.

وفي تعليق على الأمر، قالت فيليس رابينويتز، التي أنشأت مؤسسة لتحسين رعاية أقسام الطوارئ للأطفال: "لم يتم إنشاء جميع وحدات الطوارئ بنفس الكفاءة".
 
وأضافت رابينويتز التي توفيت رضيعتها جراء إصابتها بالفيروس المعوي "كوكساكي بي" عام 2006 بعد أن أرجعها قسم الطوارئ إلى منزلها: "هذه أزمة حقيقية وأنا مثال حي".

من جانبه، قال الطبيب كريس ديرينزو، كبير الأطباء التنفيذيين في "الرابطة الأميركية للمستشفيات" وهي مجموعة تجارية، إن المستشفيات ملتزمة بمعالجة المرضى الصغار بشكل جيد، والأطباء الذين يعملون في أغلب الأحيان في وحدات الطوارئ يتلقون بعض التدريب الخاص بطب الأطفال.

وأضاف أن من غير المنطقي أن نتوقع أن كل غرفة طوارئ لديها خبرة في أمراض الأطفال التي تتوفر لدى مستشفى أطفال على أحدث مستوى.

جهود "غير كافية"

ولا تحتاج غرف الطوارئ إلى الموارد المتاحة لمستشفى للأطفال من أجل رعاية الأطفال بشكل جيد، وفقاً لخبراء طب طوارئ الأطفال. وأوصت الدراسات بخطوات بسيطة يمكن وينبغي لجميع المستشفيات اتخاذها؛ من بينها: تعيين طبيب وممرضة لتنسيق إدخال تحسينات وتخزين المعدات المناسبة، وتدريب موظفي الطوارئ لضمان تطوير مهارات طب الأطفال.

وعلى الصعيد الوطني، سجل المستشفيات متوسط 69.5 في اختبار من 100 نقطة يقيم مدى الاستعداد لرعاية الأطفال، وفق دراسة نشرت في دورية "جاما أوبن نتوورك" (JAMA Network Open) في يوليو.

وتعتبر نتيجة 88 نقطة أن المستشفى مجهز بشكل جيد، بحسب التقييم الذي طوّرته مجموعة أطباء وباحثون في قطاع الصحة ومسؤولون حكوميون وجمعيات مهنية تشمل الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال.

ومعظم معايير السلامة التي وضعتها مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية (CMS)، وهي الهيئة التنظيمية الرئيسية للمستشفيات في البلاد، و"اللجنة المشتركة" (Joint Commission)، وهي مؤسسة خاصة تحدد معايير المستشفيات، تنطبق على الأشخاص من جميع الأعمار، وليس على الأطفال على وجه التحديد، بحسب الصحيفة.

وقال ممثل عن الهيئة إنها تنظم حصر أو حجز الأطفال. بينما قالت متحدثة باسم اللجنة المشتركة إن اللجنة ناقشت إضافة متطلبات معدات الأطفال في عام 2019، مضيفة أن بعض المستشفيات انتقدت المعايير، وقررت المؤسسة أن أقسام الطوارئ بحاجة إلى توافق أقوى في الآراء.

ونحو 700 من أصل 5085 وحدة طوارئ في جميع أنحاء البلاد، تتخصص في الأطفال أو معتمدة من قبل الولايات لجهودها في تحسين رعاية الطوارئ للأطفال، بحسب تحليل أجرته "وول ستريت جورنال"، شمل جميع الولايات الخمسين، والعاصمة واشنطن.

تصنيفات

قصص قد تهمك