كيف ستؤثر نتائج "COP 27" على مناقشات "COP 28"؟

time reading iconدقائق القراءة - 10
أشخاص يسيرون أمام شعار COP 28 قبل انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دبي، بدولة الإمارات. 28 نوفمبر 2023 - AFP
أشخاص يسيرون أمام شعار COP 28 قبل انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دبي، بدولة الإمارات. 28 نوفمبر 2023 - AFP
دبي-محمد منصور

مثَّل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ "COP 27"، الذي احتضنته مدينة شرم الشيخ المصرية المطلة على البحر الأحمر العام الماضي، لحظة محورية في الجهود العالمية لمكافحة هذه الأزمة، وتأتي نسخة "COP 28" هذا العام، والتي تُعقد الخميس وتستمر حتى 12 ديسمبر، استكمالاً لرحلة العالم في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتحت شعار "التنفيذ من أجل الكوكب"، ضمت نسخة "كوب 27" نحو 35 ألف ممثل من 198 دولة، بهدف تسريع العمل المناخي، بما يتماشى مع أهداف اتفاق باريس.

وركز مؤتمر "COP 27" على الحاجة الملحّة لتنفيذ الإجراءات اللازمة للحد من آثار تغير المناخ، ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك خلافاً لنسخة "COP 26" التي انعقدت في جلاسكو الاسكتلندية، حيث ركزت بشكل أكبر على تحديد الأهداف.

وانعقد مؤتمر شرم الشيخ في خضّم تصاعد حالات الطوارئ المناخية، بما في ذلك الفيضانات المدمّرة، وموجات الحر غير المسبوقة، والجفاف الشديد، والعواصف القوية في مختلف أنحاء العالم.

وأدّت هذه الأزمات، إلى جانب التوترات والصراعات الجيوسياسية، إلى تفاقم التحديات التي يواجهها الملايين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الطاقة والغذاء وندرة المياه وارتفاع تكاليف المعيشة.

كما كان أحد الأهداف الأساسية لـ"COP 27"، هو سد الفجوة بين الأهداف الطموحة والإجراءات الملموسة.

وبرزت خلال فعاليات المؤتمر بعض النقاط المحورية الرئيسية، بما في ذلك ضرورة تمويل المناخ، والتأكيد على المساءلة، والدور المحوري للانتقال العادل نحو التنمية المستدامة.

فما هي أبرز نتائج "COP 27"؟ وكيف ستؤثر على مناقشات "COP 28"؟

"تمويل صندوق الخسائر والأضرار"

لأول مرة، أقرت البلدان بضرورة الدعم المالي المخصص للاستجابة للخسائر والأضرار الناجمة عن الآثار الشديدة لتغير المناخ، ويُعد هذا الاعتراف أمراً بالغ الأهمية، لأنه يسلط الضوء على مسؤولية مساعدة الدول التي تتأثر بشكل غير متناسب بالكوارث المرتبطة بتغير المناخ.

وتضمنت الاتفاقية النهائية "إنشاء صندوق مخصص لمعالجة الخسائر والأضرار"، يهدف إلى توفير الموارد المالية اللازمة لمساعدة البلدان على مواجهة الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، والتعافي منها.

ويُنظر إلى القرار على أنه خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة في معالجة التأثيرات غير المتكافئة لتغير المناخ، كما يدل على الالتزام بدعم المجتمعات التي تأثرت بشكل غير متناسب بالكوارث المرتبطة بتغير المناخ، والاعتراف بحقوقها في تلقي المساعدة من أجل التعافي.

في حين أن التفاصيل المحددة لم يتم الانتهاء منها بعد، فإن الاتفاق يدل على توافق في الآراء بين الدول المشاركة للعمل على تحديد آليات التمويل، وهو الأمر المقرر مناقشته خلال النسخة الحالية من مؤتمر الأطراف "كوب 28" في دبي.

وستتضمن مناقشات النسخة الحالية من المؤتمر الأممي محاولة الاتفاق بشأن من يجب أن يساهم في الصندوق، ومصادر التمويل، وتحديد الدول التي ستستفيد منه.

كما ستُشكل لجنة انتقالية مكلفة بالتوصية بالاستراتيجيات التشغيلية للصندوق وآليات تمويله، ومن المتوقع أن يضع عمل هذه اللجنة الأساس للتنفيذ الفعال لترتيبات التمويل.

خفض دعم الفحم والبترول

وفي أثناء مؤتمر "COP 27"، جرى حث الحكومات على تسريع الجهود الرامية إلى تقليل الاعتماد على الطاقة الناجمة عن الفحم، وإلغاء دعم الوقود الأحفوري غير الفعال.

ويعتبر هذا التحول حاسماً في التقدم نحو مزيج الطاقة النظيفة، الذي يتضمن مصادر الطاقة المتجددة، مما يساهم في خفض الانبعاثات الدفيئة.

ومن المتوقع أن تعرض البلدان خططها الوطنية لمكافحة آثار التغير المناخي خلال "COP 28"، وينبغي أن تتضمن أهدافاً أكثر طموحاً، وإجراءات ملموسة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.

وسيتم تحليل تلك الخطط من قِبل أمانة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، لتقييم مدى توافقها مع هدف الحد من ظاهرة الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.

كما تم وضع برنامج عمل التخفيف من آثار تغير المناخ في "COP 27"، بهدف زيادة الطموح المناخي، وتنفيذ استراتيجيات التخفيف بشكل عاجل. وسيستمر هذا البرنامج حتى عام 2026، ومن المقرر إجراء مراجعة للنظر في تمديده.

وينصبّ التركيز على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة ومنعها لتتماشى مع التخفيضات اللازمة بحلول عام 2030.

مراقبة الأهداف المناخية

واتفقت الدول على عملية مراقبة للأهداف المناخية خلال عام 2023، وتشمل "تقديم وتحليل المساهمات المحددة وطنياً والمنقحة من قبل البلدان، والتقدم المحرز في خفض دعم طاقة الفحم والوقود الأحفوري، وبرنامج عمل التخفيف المستمر"، وستكون هذه العناصر حاسمة في تقييم مدى فعالية الجهود العالمية في مواءمة هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، وفي رسم مستقبل أكثر استدامة وقدرة على التكيف مع المناخ.

وخلال النسخة الحالية من مؤتمر "COP 28" ستُجمع نتائج التقييم العالمي، حيث تقوم الدول ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، بمراجعة التقدم الجماعي نحو الأهداف المحددة في اتفاق باريس، ويُعد ذلك بمثابة ممارسة للمساءلة والتسريع، لضمان مساهمة جميع الأطراف بالقدر الكافي.

كما تعهدت الدول خلال "COP 27" على بذل الجهود لتعزيز الشفافية فيما يتعلق بالالتزامات التي تعهدت بها الشركات والمؤسسات.

وقد وجّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الهيئة الأممية المعنية بتغير المناخ، بوضع خطة خلال "COP 28"، لضمان الشفافية والمساءلة من الجهات الفاعلة غير الحكومية. ومن المتوقع أن تحدد هذه الخطة آليات التتبع والتحقق، والإبلاغ عن الالتزامات التي تعهدت بها هذه الكيانات.

وفي أثناء مؤتمر "COP 27" كان هناك اعتراف دولي بأن الأدوات والمنصات الحالية تحتاج إلى توسيع نطاقها لالتقاط ومراقبة الالتزامات من مختلف القطاعات والشركات والمؤسسات بشكل فعال. ومن المرجح أن يشمل ذلك توسيع قدرات "بوابة العمل العالمي للمناخ" للتعامل مع تدفق أكبر من التعهدات، والخطط الانتقالية، وإعداد التقارير بشأن التنفيذ.

خطة شرم الشيخ

وقدَّم مؤتمر "COP 27" إطار عمل يُعرف بـ"خطة تنفيذ شرم الشيخ"، وتهدف إلى توجيه التدفقات المالية نحو "تنمية منخفضة الانبعاثات، وقادرة على التكيف مع تغير المناخ".

وأكدت الخطة أن تحقيق التحول العالمي إلى "اقتصاد منخفض الكربون" سيتطلب استثمارات سنوية تتراوح بين 4 إلى 6 تريليونات دولار أميركي.

ويستلزم هذا التحول إصلاح الأنظمة المالية، وإشراك مختلف الكيانات، بما في ذلك الحكومات، والبنوك المركزية، والبنوك التجارية، والمستثمرون المؤسسيون، والجهات المالية الأخرى.

كما تضمنت قرارات "COP 27" دعوات للدول المتقدمة للمساهمة بالموارد للتجديد الثاني لموارد صندوق المناخ الأخضر، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك اعتراف إيجابي بالتعهدات الأخيرة لصالح صناديق المناخ المختلفة، بما في ذلك "صندوق التكيف، وصندوق البلدان الأقل نمواً، والصندوق الخاص لتغير المناخ".

ودارت المناقشات أيضاً بشأن صياغة "هدف جماعي كمي جديد بشأن تمويل المناخ" والمقرر إجراؤه في عام 2024، ويهدف إلى التوافق مع احتياجات وأولويات البلدان النامية.

مخاوف التمويل

وأُثيرت مخاوف جدية بشأن الهدف الذي لم يتم تحقيقه، والذي حددته البلدان المتقدمة لتعبئة 100 مليار دولار أميركي سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020، وجرى حث الدول المتقدمة على تحقيق هذا الهدف، مع توجيه الدعوات إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف، والمؤسسات المالية الدولية لزيادة جهودهم في تعبئة التمويل المناخي.

كما تم تكليف اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل بإعداد تقرير بشأن مضاعفة تمويل التكيف للنظر فيه خلال "COP 28".

وسيبدأ وضع التقارير المرحلية كل سنتين بشأن هدف الـ100 مليار دولار أميركي في عام 2024، مما يوفر تحديثات بشأن الجهود التي تبذلها البلدان المتقدمة للوفاء بالتزاماتها المالية.

التحول إلى التنفيذ

ومن بين أهداف "COP 27" التركيز على التنفيذ الفعلي لالتزامات المناخ، وضرورة مواءمة جميع الأنشطة البشرية مع هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، إذ أكدت حزمة القرارات المعتمدة في ذلك المؤتمر بقوة على جانب التنفيذ.

وتناولت مناقشات "COP 27" الانتقال نحو تنمية منخفضة الانبعاثات وقادرة على التكيف مع تغير المناخ، مع التركيز على مبادئ الطموح والعدل والإنصاف. كما تم وضع برنامج عمل بشأن "الانتقال العادل" مع الاعتراف بالحاجة إلى معالجة التأثيرات المجتمعية، لا سيما فيما يتعلق بخلق فرص العمل وضمان نتائج عادلة ومنصفة أثناء الانتقال إلى اقتصاد مستدام.

ولا يتضمن مفهوم "الانتقال العادل" الجوانب الفنية للتحول نحو الاستدامة فحسب، بل يأخذ في الاعتبار أيضاً السياقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. كما يركز على خلق عمل لائق ووظائف جيدة مع المواءمة مع أولويات التنمية الوطنية، وضمان اتباع نهج تعاوني يشمل العمال والصناعة والحكومات.

تصنيفات

قصص قد تهمك