إلى جانب الكربون، المتهم الرئيسي بالتسبب في الاحتباس الحراري، يبرز غاز الميثان كمتهم ثانٍ حظي بنصيب كبير من مناقشات مؤتمر المناخ COP 28 الذي شهد مبادرات عديدة لتقليل انبعاثات الميثان على رأسها تعهد موحد لخمسين من أبرز شركات النفط، فماذا نعرف عنه؟
ما هي خصائص غاز الميثان؟
الميثان هو غاز عديم اللون والرائحة تنتجه الطبيعة، كما هو الحال في الأراضي الرطبة عندما تتحلل النباتات تحت الماء. أما في الصناعة، فيمثل النسبة الأكبر من الغاز الطبيعي، وهو ثاني أهم الغازات الدفيئة بعد ثاني أكسيد الكربون.
وبحسب دراسة علمية نشرها موقع "ScienceDirect"، يُعد الميثان المسؤول الأوحد عن نحو 20% من التأثير الإشعاعي المباشر منذ عام 1750.
وفي العقدين الأولين بعد انبعاثه، يكون غاز الميثان أقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون كغاز مسبب للاحتباس الحراري.
ويُعد الميثان أيضاً مقدمة لتوليد "الأوزون التروبوسفيري" المعروف باسم (O3) وبالتالي يساهم في تلوث الهواء في جميع أنحاء العالم.
وتستمر انبعاثات الميثان وتركيزاته في الغلاف الجوي في الارتفاع، مما يجعل اتخاذ إجراءات بشأنه أمراً ملحّاً بشكل خاص.
وفي الواقع، فإن التخفيف المبكر لغاز الميثان من شأنه أن يزيد بشكل كبير من جدوى الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5، أو 2 درجة مئوية.
ومع ذلك، فإن الميثان أقل وفرة بنحو 200 مرة في الغلاف الجوي، ويبقى في الغلاف الجوي بعد انبعاثه لنحو 10 سنوات فقط في المتوسط، في حين إن ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يستمر لعدة قرون.
وما يجعل الميثان مصدر قلق مناخي هو قدرته على حبس الحرارة، كما يمتلك قدرة على احتجاز الحرارة أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون خلال إطار زمني أقصر.
ماذا نعرف عن بروتوكول كيوتو؟
اعتبر "بروتوكول كيوتو" لعام 1997، الميثان من الغازات الدفيئة ضمن السياسة المناخية الدولية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وعلى الرغم من أن تأثيرات الميثان تتضاءل بسرعة مقارنة بثاني أكسيد الكربون، فإن الانبعاث المستمر له يسهم بشكل كبير في ارتفاع درجات الحرارة على المدى القريب.
وعلى مدى 20 عاماً، يمكن للميثان أن يحبس حرارة كبيرة قبل أن يتحلل، بالرغم من أن تأثيره يتضاءل على المدى الطويل.
واعتمد علماء المناخ لسنوات عديدة على إطار زمني يمتد لـ100 عام لتقييم تأثير الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، فقللوا عن غير قصد من التأثير المباشر لغاز الميثان.
ومع تزايد الحاجة الملحّة للعمل المناخي، هناك اعتراف متزايد بأهمية التأثيرات قصيرة المدى.
وتكتسب إعادة معايرة النماذج المناخية للنظر في آفاق زمنية أقصر، مثل 20 أو 30 سنة، أهمية كبيرة. وهذا التحول في المنظور له آثار بعيدة المدى، وخاصة في صياغة السياسات والاتفاقيات الدولية الرامية إلى الحد من الانبعاثات.
ويتطلب حساب التأثير الكبير للميثان، على المدى القصير، الدقة في تقييم دوره في تغير المناخ، كما أصبحت القياسات والتقييمات الدقيقة أمراً بالغ الأهمية، خاصة في تقييم البصمة البيئية لمختلف الصناعات ومصادر الطاقة.
ما مصادر غاز الميثان؟
يمكن أن ينبعث الميثان من مصادر طبيعية أو اصطناعية، فالأراضي الرطبة، بما في ذلك المستنقعات، من أكبر المصادر الطبيعية لهذا الغاز.
ويُنتج النشاط الميكروبي في التربة المشبعة بالمياه غاز الميثان كمنتج ثانوي لتحلل المواد العضوية في الظروف اللاهوائية، حيث لا يوجد الأكسجين.
ويُوَلَّد غاز الميثان في الجهاز الهضمي للحيوانات المجترة (التي تبتلع الطعام، ثم تستعيده من غرف المعدة لتعيد مضغه) مثل الأبقار، والأغنام، والماعز نتيجة للتخمر المعوي، وهي عملية تقوم من خلالها الميكروبات بتكسير الطعام في معدتها متعددة الغرف.
وتنتج الحشرات، بما فيها النمل الأبيض، خاصة في المناطق الاستوائية، غاز الميثان من خلال عملياتها الهضمية التي تنطوي على الكائنات الحية الدقيقة التكافلية.
ويمكن أيضاً أن يتسرب الميثان الطبيعي من الخزانات الجوفية عن طريق التسرب الجيولوجي، والذي يحدث في المناطق التي تحتوي على رواسب النفط والغاز، أو طبقات الفحم.
كما يساهم استخراج الوقود الأحفوري ومعالجته واستخدامه، الغاز الطبيعي والنفط والفحم، بشكل كبير في انبعاثات غاز الميثان.
وتعتبر التسريبات في إنتاج ونقل وتوزيع الغاز الطبيعي من المصادر الأولية للميثان، إلى جانب عمليات الاحتراق غير الكاملة.
وتُعد مدافن النفايات كذلك مصدراً بارزاً لانبعاثات غاز الميثان، بسبب تحلل النفايات العضوية في الظروف اللاهوائية. وبالإضافة إلى كل ما سبق، يمكن لعمليات معالجة مياه الصرف الصحي أن تنتج غاز الميثان أثناء تحلل المواد العضوية.
وكانت رئاسة مؤتمر المناخ "COP 28" والسعودية، أطلقتا في وقت سابق، الأحد، ميثاق "خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز"، بما في ذلك "غاز الميثان"، بهدف تسريع وتوسيع نطاق العمل المناخي في القطاعات الصناعية.
وأعلنت رئاسة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي "COP 28"، التي تتولاها الإمارات حالياً، أن 50 شركة عالمية في قطاع النفط والغاز، تمثل 40% من الإنتاج العالمي، وتشكل شركات النفط الوطنية أكثر من 60% منها، تعهدت بالحد من انبعاثات الميثان، وهو أحد أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري خطورة، لتصل إلى الصفر تقريباً بحلول عام 2030، ووقف حرق الغاز الطبيعي بشكل روتيني.
وأكدت شركات الوقود الأحفوري العملاقة، والعديد منها للمرة الأولى، التزامها بالتخلص من الكربون في عمليات الإنتاج بحلول عام 2050، وذلك للحد من انبعاثات غاز الميثان، الذي يُعد أقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون في تسخين الغلاف الجوي.
كما أعلنت التزامها بالوصول إلى نحو "صفر انبعاثات" من الغازات الدفيئة بحلول عام 2050.
وشمل ذلك شركات نفط وطنية كبرى مثل "أرامكو" السعودية"، وشركة "بترول أبوظبي الوطنية" (أدنوك)، و"بتروبراس" البرازيلية، و"سونانجول" الأنجولية، وشركات متعددة الجنسيات مثل "شل"، و"توتال إنرجيز"، و"بي بي".
والسبت، كشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عن قواعد نهائية تهدف إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد انبعاثات غاز الميثان الناجمة عن صناعة النفط والغاز الأميركية، في إطار خطة عالمية لمواجهة الانبعاثات التي تساهم في تغير المناخ.