حذّرت شركة بريطانية للاستثمار في مادة اليورانيوم، من أن الصين تبذل "جهوداً كبيرة" للاستحواذ على إمدادات اليورانيوم العالمية، وسط اندفاع دولي لتأمين الوقود النووي، ما يشكل "تهديداً" لإمدادات الطاقة الغربية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Yellow Cake PLC، أندريه ليبنبرج، في تصريحات لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الغرب متخلف عن الركب في تأمين اليورانيوم، بعد أن وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ 15 عاماً، ومع شراء شركات صينية للإمدادات في السوق المفتوحة، وتوقيع عقود طويلة الأجل، وشراء المناجم.
و"يلو كايك بي إل سي" (Yellow Cake PLC) هي شركة متخصصة في مجال الاستثمار في مادة اليورانيوم. تتخصص في شراء وتخزين أكسيد اليورانيوم.
وأضاف: "أي معدن يحتاجون إليه، سيحاولون تقييده. الجهود الصينية لتأمين الإمداد ستخلق بالتأكيد منافسة على الموارد، وبالنظر إلى محدودية فرص الموارد، سيشكل هذا تحدياً لقدرة الشركة الغربية على الحصول على الإمدادات".
ووفقاً للصحيفة، كان اليورانيوم أحد أفضل السلع أداءً لهذا العام 2023، إذ ارتفع بنسبة 70% ليتداول عند سعر 81 دولاراً للرطل، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2007.
الاتجاه الصعودي للسلعة المشعة، عززته الحكومات التي تدعم الطاقة النووية، وهي مصدر طاقة ثابت ومنخفض الكربون، من خلال إطالة عمر المحطات النووية، والنظر في بناء مفاعلات جديدة في أعقاب ارتفاع أسعار الغاز العام الماضي.
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP 28 في دبي، أعلن 22 من قادة العالم التزامهم بمضاعفة القدرة النووية 3 مرات على مستوى العالم بحلول عام 2050، مقارنة بمستويات عام 2020، ما عزز المؤشرات الإيجابية في أسواق صاخبة بالفعل.
موجة ارتفاع
وساهم ارتفاع أسعار المواد الخام في منح Yellow Cake، التي تأسست عام 2018، فرصة لجذب اهتمام المستثمرين من أجل الاستفادة من موجة ارتفاع متوقعة لليورانيوم، فيما توقع ليبنبرج أن هناك "فرصة كبيرة" ليتجاوز السعر 100 دولار للرطل العام المقبل.
وبعد عقد من نقص الاستثمارات في الإنتاج الجديد، وسنوات من تخمة الإمدادات في أعقاب التراجع العالمي في توليد الطاقة النووية، بعد كارثة محطة فوكوشيما للطاقة النووية شرقي اليابان عام 2011، استعادت أسعار اليورانيوم قوتها.
وأبرمت Yellow Cake اتفاقية توريد مدتها 10 سنوات مع Kazatomprom في كازاخستان، أكبر منتج لليورانيوم في العالم؛ لشراء شحنات من المعدن بقيمة 100 مليون دولار سنوياً، تحتفظ بها Yellow Cake بعد ذلك في مخازن في كندا وفرنسا. وتمتلك Yellow Cake حالياً ما يعادل 20% تقريباً من الإمدادات العالمية السنوية.
وفي انعكاس لزيادة أسعار اليورانيوم، ارتفعت أسهم شركة Yellow Cake بنسبة 54% هذا العام، ما رفع قيمتها السوقية إلى 1.3 مليار جنيه إسترليني (1.64 مليار دولار).
وقالت الشركة، الأسبوع الماضي، إن صافي قيمة أصولها قفزت من مليار دولار في مارس إلى 1.8 مليار دولار في أوائل ديسمبر. وللاستفادة من ذلك الارتفاع، ستحتاج الشركة إما إلى بيع حيازاتها من اليورانيوم بأسعار أعلى من تلك التي اشترتها بها، أو أن تستحوذ عليها شركة بحاجة إلى الإمداد.
أكبر منتج للطاقة النووية
وتمثل الصين، ثاني أكبر منتج للطاقة النووية في العالم، ولديها ما يقرب من نصف المفاعلات قيد الإنشاء على مستوى العالم، بحسب "فاينانشيال تايمز".
وأضاف ليبنبرج: "الصينيون يركضون بحثاً عن إمدادات جديدة. إذا كانوا يريدون تلبية خططهم النووية بحلول نهاية العقد، فسيحتاجون إلى أرطال (كميات) جديدة".
حددت بكين هدفاً للاكتفاء الذاتي من الوقود النووي، من خلال هدفها المتمثل في إنتاج ثلث احتياجاتها من اليورانيوم محلياً، والحصول على ثلث آخر عن طريق الاستثمار في المناجم الأجنبية، وشراء الباقي من السوق.
وأشارت الصحيفة إلى أن شركة اليورانيوم الوطنية الصينية CNUC، وشركة تابعة المؤسسة العامة الصينية للطاقة النووية (CGN)، حصلت بالفعل على حقوق ملكية في مناجم في النيجر وناميبيا وكازاخستان، بينما تعمل شركة اليورانيوم على بناء مستودع في شينجيانج بجوار الحدود الكازاخستانية يهدف إلى العمل كمركز تجاري رئيسي لليورانيوم.
ولفتت الصحيفة إلى أن سعي الصين لاقتناص الإمدادات تزيد الصعوبات التي يواجهها الغرب من الاعتماد على روسيا، التي تسيطر على ما يقرب من 50% من القدرة العالمية على تخصيب اليورانيوم.
وحذّر ليبنبرج من أنه إذا قطعت روسيا إمدادات الوقود النووي عن الغرب، فستواجه المرافق النووية اضطرابات خلال السنوات الخمس التي سيستغرقها بناء سلسلة توريد مستقلة عن موسكو.