"COP 28".. مسودة الاتفاق النهائي: 8 خيارات لخفض الانبعاثات

رئاسة المؤتمر: خطوة كبيرة إلى الأمام.. وخبراء: "غير كافية"

time reading iconدقائق القراءة - 11
رئيس COP28 سلطان الجابر يخاطب الجلسة العامة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28) في دبي بالإمارات. 11 ديسمبر 2023 - Reuters
رئيس COP28 سلطان الجابر يخاطب الجلسة العامة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28) في دبي بالإمارات. 11 ديسمبر 2023 - Reuters
دبي -محمد منصور

نشرت هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، أحدث مسودة للاتفاق الذي تأمل أن يتوصل إليه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP 28" في دبي، فيما اعتبرتها رئاسة المؤتمر "خطوة كبيرة إلى الأمام"، بينما أعرب خبراء ونشطاء معنيون عن إحباطهم بشأنها.

وتنص المسودة الجديدة، التي عرضتها الرئاسة الإماراتية للمؤتمر قبل يوم من الموعد المحدد لانتهاء فعالياته، الثلاثاء، على الدعوة إلى "خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري" المسؤول عن القسم الأكبر من الانبعاثات الملوثة المسببة للاحترار العالمي.

ويدعو النص بشكل خاص إلى "خفض كل من استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري في إطار عادل ومنظم بطريقة منصفة لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050، أو قبله أو نحوه بناء على ما يوصي به العلم".

لكن المسودة لم تستخدم كلمة "التخلص" من النفط أو الغاز أو الفحم التي تمثل مصادر للغازات الدفيئة، ومثلت خطاً أحمر بالنسبة للعديد من الأطراف المشاركة في مفاوضات دبي.

وهذه هي المادة الوحيدة المتعلقة بمستقبل استخدام الوقود الأحفوري، الواردة في مسودة الاتفاق النهائي، ضمن 8 إجراءات يمكن للدول الاختيار بينها بهدف تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.

"خفض" لا "تخلّص"

واقترحت المسودة خيارات مختلفة، لكنها لم تشر إلى "التخلص التدريجي" من استخدام كل أنواع الوقود الأحفوري الذي ورد في مسودة سابقة.

وأدرجت مسودة الاتفاق 8 خيارات "يمكن" أن تستخدمها الدول لخفض الانبعاثات، وجاء في نصها:

8 إجراءات لتقليل الانبعاثات

تقر أيضاً ضرورة إجراء خفض كبير وسريع ومستدام في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتدعو الأطراف إلى اتخاذ إجراءات يمكن أن تشمل، ضمن إجراءات أخرى، ما يلي:

(أ) مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات على مستوى العالم، ومضاعفة المتوسط العالمي والمعدل السنوي لتحسينات كفاءة الطاقة بحلول عام 2030.

(ب) خفض تدريجي سريع ومستمر للفحم، وفرض قيود على توليد الطاقة من الفحم.

(ج) تعجيل الجهود على مستوى العالم نحو أنظمة الطاقة الخالية من الانبعاثات الصافية، باستخدام أنواع الوقود الصفري ومنخفض الكربون قبل منتصف القرن أو بحلول منتصف القرن تقريباً.

(د) التعجيل باستخدام التقنيات الصفرية ومنخفضة الانبعاثات، بما في ذلك، بين أمور أخرى، تقنيات الطاقة المتجددة والنووية وتقنيات التخفيض والإزالة، بما في ذلك احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، وإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، وذلك لتعزيز الجهود الرامية إلى استبدال الوقود الأحفوري بشكل مستمر في أنظمة الطاقة.

(هـ) خفض كل من استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري في إطار عادل ومنظم بطريقة منصفة لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050، أو قبله أو نحوه بناء على ما يوصي به العلم.

(و) التعجيل والحد بشكل كبير من الانبعاثات من غير ثاني أكسيد الكربون، بما في ذلك في وعلى وجه الخصوص، انبعاثات الميثان على مستوى العالم بحلول عام 2030.

(ز) التعجيل بخفض الانبعاثات الناتجة عن النقل البري من خلال مجموعة من المسارات، بما في ذلك تطوير البنى التحتية والنشر السريع للمركبات منخفضة أو منعدمة الانبعاثات.

(ح) التخلص التدريجي من الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري، والذي يشجع على الاستهلاك المهدر، ولا يعالج فقر الطاقة أو الانتقال العادل؛ في أقرب وقت ممكن.

ووصفت رئاسة المؤتمر بقيادة سلطان الجابر أحدث مسودة للاتفاق النهائي للمؤتمر، الاثنين، بأنها "خطوة كبيرة إلى الأمام".

وقالت الرئاسة في بيان: "رئاسة COP 28 كانت واضحة منذ البداية بشأن طموحاتنا. وهذا النص يعكس تلك الطموحات، ويمثل خطوة كبيرة إلى الأمام".

وأضافت: "الأمر الآن في أيدي الأطراف، الذين نثق بهم للقيام بما هو أفضل للإنسانية والكوكب".

"نقص ثقة"

من جهته، قال وزير البيئة والمناخ والاتصالات والنقل الإيرلندي، إيمون رايان، إن نقص الثقة بين الحكومات يشكل أكبر عقبة في طريق المفاوضات، مؤكداً أن حل تلك الأزمة "كفيل بأخذ المفاوضات لطريق الحل، ووضعها على المسار الصحيح".

وأضاف رايان في حديث لـ"الشرق" أنه لن يحدث أيّ تقدم في المفاوضات إذا ركز العالم على الدول التي "تضع عراقيل"، معتبراً أنه ينبغي على الأطراف "وضع أنفسهم في مكان الطرف الآخر"، إذا ما أرادوا حل الأزمة.

وتابع: "يمكن للفوارق طويلة الأمد والمظالم التاريخية بين الدول المتقدمة والنامية، أن تؤدي إلى انعدام الثقة.. قد تشعر الدول النامية أن نظيرتها المتقدمة لم تفِ بالتزاماتها في توفير التمويل المناخي أو نقل التكنولوجيا كما وعدت، مما يؤدي إلى الشك وعدم الثقة في المفاوضات".

وأردف: "يمكن لعدم الثقة هذا أن يعوق الرغبة في التعاون والتسوية، كما تصل الدول إلى مفاوضات مؤتمر الأطراف بمصالح وأولويات وطنية متباينة.. ومن الممكن أن تؤدي هذه المصالح المتباينة إلى خلق الشكوك حول دوافع خفية أو برامج خفية، ما يقوض الثقة والتعاون".

وأكد الوزير الأيرلندي في حديثه لـ"الشرق" أن رئاسة "COP 28" تحاول اتخاذ مجموعة من التدابير التي من شأنها تعزيز التعاون الدولي عبر التحدث مع جميع الأطراف والدول "بشكل مباشر وشخصي" لصناعة التوافق. 

ولفت إلى أن "النظام المالي المتعلق بتكلفة تقليص الوقود الأحفوري" عقبة أخرى تقف في طريق المفاوضات.

واختتم رايان تصريحاته بالإشارة إلى أن "تغيير النظام المالي"، أمر يُمكن أن يساهم في حل تلك الأزمة.

كندا والوقود الأحفوري

أكد وزير البيئة وتغير المناخ في كندا ستيفن جيلبو، في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، أن كندا "ستستمر في إنتاج الوقود الأحفوري، لكن مع دفع "التعويضات اللازمة لاستراتيجيات التكيف وصندوق الخسائر والأضرار".

وقال الوزير إنه يعترف أن ذلك الأمر "غير كاف على الإطلاق" لكن كندا "ستحاول فعل الأفضل في المستقبل".

وتُعد كندا رابع أكبر منتج للنفط في العالم؛ وقال "جيلبو": "هذه حقيقة ولن نستطيع أن نخفيها، لكن هذا يعني أن لدينا مسؤولية كبيرة للغاية تجاه العديد من الدول عندما يتعلق الأمر بتخفيض الانبعاثات ودعم دول الجنوب".

وأشار "جيلبو" إلى أن "كندا" خفضت انبعاثاتها بمقدار 7% منذ اتفاقية باريس عام 2015 وحتى الآن "كان الهدف تخفيض الانبعاثات بمقدار 9% في عام 2030.. حققنا جزءاً كبيراً من الهدف في 8 سنوات فقط"، و"نحاول تغيير دفة الانبعاثات في كندا، لكن هنالك الكثير من الأمور التي يجب فعلها".

وقال "جيلبو" إن الوفد الكندي سعيد للغاية جداً بالعمل مع رئاسة كوب28 والتي تحاول "إيجاد أرض مشتركة واتفاقية تناسب أكثر عدد من الدول "ونحن نحرز تقدماً هائلاً".

إعانات واستثمارات كبيرة

وتستفيد صناعات الوقود الأحفوري في كثير من الأحيان من الإعانات والاستثمارات الكبيرة، مما يجعلها قادرة على المنافسة اقتصادياً مقارنة بالبدائل الأنظف مثل مصادر الطاقة المتجددة.

وتفضل البنية التحتية الحالية بشكل كبير استخراج الوقود الأحفوري وإنتاجه وتوزيعه، ويتطلب التحول بعيداً عن هذه الأنظمة القائمة استثمارات كبيرة في البنية التحتية الجديدة لمصادر الطاقة المتجددة، وشبكات التخزين والتوزيع.

وتقاوم المؤسسات المالية التقليدية التخارج من الوقود الأحفوري بسبب المصالح الوطنية، والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في التقنيات الأحدث.

وقد يكون للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري آثار اجتماعية واقتصادية مثل إزاحة الوظائف في الصناعات التقليدية. وبدون خطط ودعم مناسبين للعمال والمجتمعات المتضررة، قد تكون هناك مقاومة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

المسودة في مرمى الانتقادات

وقال خبراء ونشطاء معنيون بتغيّر المناخ إن المسودة، جاءت خالية من نص تضمنته المسودات السابقة، يضع التخلص من الوقود الأحفوري ضمن الخيارات التي يمكن أن تتبناها الأطراف المشاركة.

عالمة المناخ هيلي كامبل، رأت أن المسودة تعكس "قلقاً عميقاً" بشأن النص الحالي للتقييم العالمي "GST"، بسبب عدم معالجة الهدف الأساسي المتمثل في كبح ارتفاع درجة الحرارة، معتبرةً أن عدم الاعتراف بهذا الهدف الحاسم "خطأ كبير" في النص.

وسلطت كامبل، في بيانها، الضوء على "الانفصال" بين النص والدعوات الحماسية لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن المناخ، والتي عبر عنها زعماء العالم.

من جهته، قال مدير السياسة العالمية لتغير النفط الدولي، رومان إيوالين، إن "المسودة عبارة عن قائمة غير متماسكة من التدابير المنفصلة عما هو مطلوب"، مشدداً على أن "التخلص التدريجي الكامل والسريع والعادل والممول من جميع أنواع الوقود الأحفوري، أمر ضروري لتحقيق أهداف اتفاق باريس".

بينما اعتبر الأستاذ المساعد في علوم المناخ والغلاف الجوي في معهد "سكريبس" لعلوم المحيطات، ديفيد فيكتور، أن المسودة برمتها تعكس "عدم التوازن بين التخفيف والتكيف الذي يسود دبلوماسية المناخ، على الرغم من أنها تغيرت قليلاً.."، ولكن هناك الكثير من الغموض في المسودة، لافتاً إلى أن "الحديث أكثر عن التكيف ليس هزيمة.. إنها حقيقة".

"قائمة أمنيات مُفككة"

وأشار المدير المساعد للسياسات والحملات بمؤسسة 350، أندرياس سيبر، إلى أن مسودة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين "تشبه قائمة أمنيات مُفككة، بعيدة كل البعد عن التدابير المطلوبة للحد من ارتفاع درجة الحرارة".

ووصف الناشط المعني بالتغير المناخي المسودة بأنها "غير كافية"، مطالباً "الدول الملتزمة بالعمل المناخي رفض هذا الاقتراح، والإصرار على تغييرات تحويلية من أجل تأثير مفيد على العالم".

وذكر كبير مستشاري رئيس معهد "وودز هول" لعلوم المحيطات وسياسة المناخ، كيلابارتي راماكريشنا، أن مسودة التقييم العالمي أكدت أهمية المحيطات والنظم البيئية البحرية في نقل البشرية نحو مستقبل مناخي آمن ومستدام، "لكن ما لم نوقف اعتمادنا على الوقود الأحفوري، ونبدأ في إزالة الكربون القديم من الغلاف الجوي، فلن تتمكن المحيطات من الاستمرار في حمايتنا من أزمة المناخ".

وتتجه الأنظار إلى مواقف الدول التي تقف على طرفي نقيض من القضية خلال آخر أيام المفاوضات، الثلاثاء، لمعرفة ما إذا كانت الصيغة الجديدة قد تحظى بقبول من كانوا يطالبون بموقف "أكثر تشدداً"، ومن كانوا يرغبون في تجنب ذكر الوقود الأحفوري على الإطلاق.

وينتظر أن يشهد اليوم الأخير ضمن الجدول الزمني للمؤتمر، الثلاثاء، استكمال المفاوضات النهائية وسط ترقب لمواقف الطرفين من اللغة التي تبنتها المسودة الجديدة، إذ كانت نحو 80 دولة تدعم النسخة التي تنص على "التخلص" من الوقود الأحفوري، فيما تطالب مجموعة أخرى على رأسها الدول المنتجة للنفط بالتركيز على خفض الانبعاثات، وليس أنواع الوقود ومصادر الطاقة.

تصنيفات

قصص قد تهمك