تداعيات احتجاجات مزارعي أوروبا تصل المغرب

تجمع للمزارعين والمصدرين المغاربة يرفع دعوى قضائية أمام المحاكم الإسبانية

time reading iconدقائق القراءة - 6
مزارعون إسبان يعترضون شاحنة متوجهة إلى فرنسا في منطقة كتالونيا الحدودية. 27 فبراير 2024 - AFP
مزارعون إسبان يعترضون شاحنة متوجهة إلى فرنسا في منطقة كتالونيا الحدودية. 27 فبراير 2024 - AFP
الرباط -أنس عياش

يعيش المزارعون في المغرب قلقاً إزاء تصاعد الهجمات على صادراتهم الزراعية نحو الأسواق الأوروبية، وذلك في خضم تواصل احتجاجات المزارعين في الاتحاد الأوروبي.

وخلال الأسابيع الأخيرة أظهرت لقطات فيديو، عدداً من المحتجين في إقليم كتالونيا الإسباني على الحدود الفرنسية، وهم يعترضون شاحنات تحمل سلعاً زراعية قادمة من المغرب، ويقدمون على إتلافها، رفضاً لما يصفونه بـ"المنافسة غير العادلة"، أمام المعايير الصارمة المفروضة في دول منظومة اليورو.

في وقت سابق، الخميس، أعلن تجمع للمزارعين والمصدرين المغاربة، رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الإسبانية، رفضاً لـ"الاعتداءات المتكررة والمقلقة" التي تستهدف شاحنات صادرات الخضر والفواكه المغربية، ضمن استهداف مزارعي الاتحاد الأوروبي للواردات الزراعية بشكل عام.

وقالت الكونفيدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، في بيان، إن "هذه الهجمات غير مبررة، وهي ترمي إلى نشر مغالطات إعلامية مغرضة، تُسيئ إلى الفلاحين المغاربة، وتلحق بهم بالغ الضرر".

ولم تكشف الكونفيدرالية التي تضم 356 منظمة زراعية مهنية، عن حجم الخسائر التي تكبدها القطاع، لكن رئيسها رشيد بنعلي قال في تصريحات لـ"الشرق"، إن هدف الدعوى هو "الدفاع عن سمعة المنتجات الزراعية المغربية".

وأبدى بنعلي، مخاوف من تأثيرات تلك الهجمات على الصادرات الزراعية المغربية، تدفع لتراجع الطلب الأوروبي عليها، مؤكداً أن الادعاءات بعدم احترام الزراعات المغربية للمعايير البيئية والصحية الأوروبية "عارية عن الصحة".

وأوضح أن المبيدات الممنوعة في أوروبا، ممنوعة كذلك في المغرب منذ 4 سنوات، مشيراً إلى أن السلع المغربية تخضع للمراقبة من قبل المؤسسات المغربية كالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وكذلك من قبل نظيراتها الأوروبية.

اتفاق للتبادل الحر

ويوجّه المغرب نحو 50% من صادراته الزراعية إلى الاتحاد الأوروبي، ضمن اتفاق للتبادل الحر بين الجانبين يعود لعام 2000، تميل فيه الكفة لصالح الاتحاد الأوروبي، إذ كشف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن الاتحاد الأوروبي يُحقق فائضاً بنحو 600 مليون يورو في مبادلاته التجارية مع المغرب في المجال الزراعي فقط، وهو رقم يرتفع إلى 10 مليارات يورو في حجم التبادل التجاري بين الجانبين بشكل عام.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورني، في الرباط، رفض وزير الخارجية المغربي الهجمات التي تتعرض لها الصادرات المغربية، وقال إن الضغط على المنتجات الزراعية المغربية "أمر غير عادل".

بدوره، أكد الناطق باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، أن اتفاق التبادل الحر الذي يجمع المملكة بالاتحاد الأوروبي "اتفاق إجمالي وليس انتقائي، تم التفاوض حول مختلف تفاصيله بما فيه الكميات وغيرها".

وأضاف خلال مؤتمر صحافي، عقب اجتماع مجلس الحكومة، الخميس، أنه "تم تفعيل القنوات الدبلوماسية من أجل حماية ولوج المنتجات المغربية إلى هذا الفضاء".

ومن بين 15 مُصدّراً رئيسياً إلى الاتحاد الأوروبي، يحتل المغرب المرتبة الثالثة من حيث احترام المعايير الأوروبية، بحسب الكونفيدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية.

وتؤكد الكونفيدرالية رفضها "التعامل بالمثل والانتقام من الصادرات الزراعية الإسبانية إلى المغرب"، ومواصلة العمل مع شركائها الأوربيين "للحفاظ على العلاقات التجارية بين الطرفين".

ومند عام 2008، يرتبط المغرب مع الاتحاد الأوروبي بصفة "الوضع المتقدم"، وهي صفة تتيح للمملكة الاندماج التدريجي في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي.

ويُعد الاتحاد، أول شريك تجاري للمغرب، كما يُعتبر المغرب أكبر شريك تجاري للاتحاد في الجوار الجنوبي.

احتجاجات مزارعي أوروبا

وتشهد عدد من العواصم الأوروبية خلال الفترة الأخيرة، تصاعداً في الاحتجاجات الاجتماعية، يقودها مزارعون غاضبون من حكوماتهم وسياسات الاتحاد الأوروبي، وهو ما أثار مخاوف من أن تتحول هذه الحركة الاجتماعية غير المنظمة و"العفوية" إلى حركة سياسية منظمة، خصوصاً مع انخراط اليمين المتطرّف فيها.

وفي فرنسا، التي تشهد تنامي حركة المزارعين، اضطر رئيس الحكومة جابرييل أتال، إلى عقد لقاءات مع المزارعين الغاضبين في مزرعة جنوب البلاد، إذ تعهّد بوضع حد لارتفاع تكلفة وقود الديزل المستخدم في الآلات الزراعية، والذي جاء نتيجة للإعفاءات الضريبية على الوقود الذي يجري التخلص منه تدريجياً، وفق صحيفة "لوموند".

ولا يبدو المشهد مختلفاً في ألمانيا، إذ تتواصل احتجاجات المزارعين لأسابيع بعد قرار الحكومة خفض دعم وقود الديزل، حيث منع المزارعون حركة المرور بالجرارات وغيرها من المعدات الزراعية في ضواحي برلين وميونخ.

ويواجه المزارعون الأوروبيون، خسائر اقتصادية بسبب أزمة تغير المناخ، ويتحدثون علناً ضد السياسات الخضراء، التي أقرها الاتحاد الأوروبي، إذ يعتبرونها متناقضة وغير عادلة، وتثير قلقهم بشأن المستقبل.

واندلعت احتجاجات المزارعين لأول مرة في هولندا في فبراير 2023؛ بسبب مطالبة الحكومة بخفض الإنتاج الحيواني إلى النصف، من أجل تقليل انبعاثات الميثان.

الصفقة الخضراء

ويقول المزارعون في فرنسا وألمانيا وإيطاليا ورومانيا إنهم يرفضون التشريعات التي أقرها الاتحاد الأوروبي لتنظيم الزراعة في ما يعرف بـ"الصفقة الخضراء"، إذ من المتوقع أن يصبح الديزل الزراعي أكثر تكلفة بعد إلغاء الدعم.

ويتعين على المزارعين دفع مبلغ إضافي قدره 47 مليون يورو سنوياً لاستهلاك المياه، ويقولون إن تعقيد اللوائح لا يسمح لهم بمعرفة ما يمكنهم وما لا يمكنهم فعله.

وتهدف الصفقة الخضراء، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في عام 2019، إلى إلزام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالتحول البيئي، وتحديد أهداف للحد من استخدام المبيدات الحشرية، وتطوير الزراعة العضوية وحماية التنوع البيولوجي.

تصنيفات

قصص قد تهمك