الكويت.. تحركات لحل أزمة العمالة الهامشية ومخالفات الإسكان بعد "حريق المنقف"

فتح الحريق الذي اندلع في مبنى سكني بمنطقة المنقف في الكويت، وراح ضحيته 49 عاملاً غالبيتهم من الهنود، الباب لتحرّك حكومي عاجل نحو معالجة ملفين عالقين منذ أكثر من عقدين، أحدهما هو قضية "العمالة السائبة"، والآخر هو مخالفات الإسكان التي ارتكبها بعض ملاك العقارات من خلال زيادة أعداد المستأجرين بما يفوق طاقة المباني.

البداية كانت، الخميس، في 4 مناطق كويتية تكتظ بالعمالة، إذ ترأس نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح، حملات شاملة لإزالة التعديات في العقارات المخالفة، بمشاركة وزيرة البلدية وزيرة الأشغال العامة نورة المشعان، وحضور مسؤولين من البلدية، وهيئة القوى العاملة.

وأشارت وزارة الداخلية إلى أن الحملة انطلقت بتوجيهات من أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مؤكدة أنها مستمرة في رصد المخالفات في العقارات في مناطق خيطان، والمهبولة، وجليب الشيوخ، والمنقف التي شهدت الحريق المأساوي، الثلاثاء، إضافة إلى العمل على إزالة مخالفات، في عمل مستمر دون توقف حتى خلال عطلة عيد الأضحى، حسبما أفادت وكالة الأنباء الكويتية "كونا".

وخلال الجولة، أعلن الشيخ فهد اليوسف الصباح، تقديم مشروع قانون إلى مجلس الوزراء، خلال أسبوعين، يُتيح للفرق المختصة إزالة التعديات والمخالفات في العقارات دون إنذار مسبق، منوهاً إلى أن بعض ملاك العقارات المخالفة تواصلوا معه وطلبوا مهلة 48 ساعة لإزالة المخالفات في عقاراتهم، بينما شرع آخرون في إزالتها بالفعل.

وأعلنت وزيرة البلدية فصل التيار الكهربائي عن عقارات مخالفة رصدتها الجولة التفتيشية التي شاركت بها قوة من الإدارة العامة للإطفاء أيضاً.

أعداد العمالة الأجنبية

وتشهد الكويت بشكل مستمر طرح قضايا العمالة خاصة "الهامشية" منها، إلى جانب مخالفات قانون الإقامة، إذ يتكدس عشرات الآلاف من العمال، ما دفع بعض ملاك العقار إلى إنشاء أبنية مخالفة بغرض الربح من تأجير الوحدات إلى أكبر عدد من العمالة، ما تسبب في تكدّس العمالة ضمن حيّز غير كاف، فضلاً عن الضغط الذي تشكله المخالفات على الأحمال الكهربائية، وبالتالي زيادة مخاطر اندلاع حرائق.

وفي تقرير سابق، قدّرت صحيفة "الجريدة" الكويتية عدد سكان منطقة جليب الشيوخ وحدها بـ332 ألفاً و664 نسمة، منهم 202 ألف عازب (عمالة)، و125 ألفاً من العوائل، و4 آلاف كويتي.

وتُشير الإحصائيات التي نشرتها الصحيفة إلى أن منطقة المهبولة، تضم 196 ألف نسمة، 20% منهم عوائل، و80% عزاب، لافتة إلى أن المنطقة تحتوي على 45 منزلاً فقط و1293 بناية سكنية.

وبحسب بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية في الكويت نهاية عام 2023، بلغ عدد سكان الدولة 4 ملايين و913 ألفاً و271 نسمة، يُمثل الكويتيون منهم 31.4% بما يعادل مليون و545 ألفاً و781 نسمة، بينما يبلغ تعداد غير الكويتيين 3 ملايين و367 ألفاً و490 نسمة، ثلثاهم من الذكور بنسبة 68.6% من السكان.

ضغط على الخدمات الصحية

وكانت قضية "العمالة الهامشية"، والمخالفة بلغت ذروتها في النقاش خلال أزمة جائحة كورونا، عندما تعرّضت الخدمات الصحية لضغط كبير. ونقلت صحيفة "القبس" عن رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر، قوله إن ظاهرة العمالة الوافدة الهامشية ليست مشكلة جديدة، بل تعود بداياتها إلى أكثر من 3 عقود، مشيراً بأصبع الاتهام إلى من سماهم "تجار الإقامات" الذين يستقدمون العمالة مقابل أموال، على أمل أن يجدوا عملاً في الكويت، بينما قلّة فقط تنجح في ذلك.

ولفتت غرفة التجارة والصناعة الكويتية إلى أن عدد المقيمين الأجانب في منطقتي جليب الشيوخ، والمهبولة، اللتين تتركز فيهما العمالة وصل في نهاية سبتمر 2019، إلى أكثر من 513 ألف شخص، منهم 372 ألف آسيوي، و141 ألف عربي. وبالتالي، فإن حجم الظاهرة لا يقل عن 400 ألف عامل أجنبي، أو ما يعادل 23% من إجمالي حجم العمالة الأجنبية، عدا العمالة المنزلية وما في حكمها.

وفي تقريرها عرّفت غرفة تجارة وصناعة الكويت "العمالة الهامشية"، بأنها تتوّزع على 3 مجموعات هي: عمالة لديها إقامة صالحة وعقد عمل صحيح، ولكنها لا تحصل على حقوقها بشكل منتظم، وعمالة باليومية بطريقة غير رسمية حسب الفرص التي تتاح لها، وهذه الفئة لا تعمل لدى الشركات الوهمية التي استقدمتها مقابل مبالغ كبيرة ودفعات سنوية، والثالثة، تشمل العمالة التي لا تملك إقامة صالحة في الكويت، وليس لديها عمل ثابت، ولا تُتقن مهنة أو حرفة تصلح للعمل باليومية.