انخفضت أسواق الأسهم العالمية، خصوصاً في آسيا وأوروبا، الاثنين، ما أدى إلى تفعيل "إيقاف التداولات"، مع تزايد ذعر المستثمرين إزاء علامات تباطؤ الاقتصاد الأميركي، في ظل ارتفاع معدل البطالة الذي قفز إلى أعلى مستوى خلال السنوات الثلاث الماضية.
وشهدت الأسهم اليابانية، هبوطاً كبيراً مما دفع المؤشرات الرئيسية في البلاد، إلى جلسة ثالثة متتالية من الانخفاضات الكبيرة وسط قلق الأسواق العالمية من احتمال حدوث ركود في الولايات المتحدة، حسبما أفادت "فاينانشيال تايمز".
وفي تراجع أسفر عن انخفاضات في أسواق آسيوية أخرى، هبط مؤشر "توبكس" الياباني بنحو 7.3% مما أدى إلى محو جميع مكاسبه منذ بداية العام، كما انخفض مؤشر "نيكي 225"، الذي عانى، الجمعة، من أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ انهيار عام 1987، بنسبة 5.9% أيضاً.
وقال المتداولون في طوكيو، إن عمليات البيع في اليابان من المرجح أن تستمر في أوروبا والولايات المتحدة أيضاً، إذ يستعد المستثمرون لتقلبات جديدة وسط مخاوف من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان بطيئاً للغاية في الاستجابة لعلامات تباطؤ الاقتصاد الأميركي، وقد يضطر إلى خفض أسعار الفائدة.
ونقلت الصحيفة عن رئيس أحد صناديق التقاعد العالمية في اليابان، قوله: "ينظر المستثمرون العالميون إلى السوق اليابانية باعتبارها ضمانة للتجارة العالمية، ولذا إذا كنت في وضع تقليل المخاطر بشكل كبير، كما هو الحال مع العديد من المستثمرين في هذه المرحلة بسبب مخاوف الركود في الولايات المتحدة والوضع الجيوسياسي الحالي، فمن المنطقي أن تجني الأرباح في السوق اليابانية التي حققت أداءاً جيداً للغاية حتى الآن هذا العام".
وإضافة إلى الضغوط، بدأ المستثمرون الأجانب في بيع مراكزهم في الأسهم اليابانية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وفي أحدث البيانات الصادرة عن بورصة طوكيو، باع المستثمرون الأجانب ما يقرب من 4 مليارات دولار أميركي أكثر من الأسهم اليابانية التي اشتروها خلال الأسبوع المنتهي في 26 يوليو. وفي الأسبوع السابق، كانوا بائعين صافيين بقيمة 1.5 مليار دولار أميركي من الأسهم، وفق "فاينانشيال تايمز".
وفي أوروبا، انخفض مؤشر "ستوكس أوروبا 600" القياسي بنسبة 3%.
ركود الاقتصاد الأميركي
وتأتي هذه التراجعات في ظل مخاوف من أداء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي كان بطيئاً للغاية، وفي ظل مؤشرات عن ركود الاقتصاد الأميركي مع ارتفاع معدل البطالة.
وانخفضت العقود الآجلة للأسهم لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من 3%، كما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك بنسبة 6%. وأشارت العقود الآجلة للأسهم للمؤشرات الرئيسية في أوروبا، بما في ذلك ألمانيا، إلى انخفاضات بأكثر من 2%.
وجاءت الانخفاضات في أعقاب تقرير الوظائف في الولايات المتحدة، الجمعة، والذي أشار إلى أن أصحاب العمل تباطأوا في التوظيف بشكل كبير في يوليو الماضي، مع ارتفاع البطالة إلى أعلى مستوى لها في ما يقرب من ثلاث سنوات. وقد أدى هذا إلى تعميق المخاوف من أن الاقتصاد الأميركي قد يواجه ركوداً في الفترة المقبلة، وفق "نيويورك تايمز".
وقال تورستن سلوك، وهو كبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة "أبولو" الأميركية لإدارة الأصول: "لقد تغيرت السردية بين عشية وضحاها حرفياً، إذ كان المستثمرون يفكرون فيما إذا كان يجب التعامل مع أرقام الوظائف (الأميركية) الصادرة الجمعة باعتبارها استثناءاً أم أن الولايات المتحدة باتت تمر الآن بفترة تباطؤ أكثر حدة".
وفي مذكرة بحثية أصدرها، الاثنين، قال بنك نومورا الاستثماري الياباني، إن "تباطؤ البيانات الأميركية يتسبب في مخاوف بشأن النمو في الأسواق"، وإنه "أعاد إشعال المخاوف من تباطؤ أسرع من المتوقع في الولايات المتحدة".
وبناء على تقرير الوظائف، قال بنك "جولدمان ساكس" في مذكرة، إنه يتوقع الآن أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماعاته الثلاثة المقبلة.
اضطراب في سوق العملات المشفرة
وامتد الاضطراب العالمي إلى سوق العملات المشفرة، إذ انخفض سعر البيتكوين بأكثر من 17% إلى 52 ألف دولار، الاثنين، في حين انخفض سعر الإيثر، وهي عملة مشفرة أخرى، بنحو 17% إلى 2200 دولار.
وأشارت "فايناشيال تايمز"، إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ثبت أسعار الفائدة، الأسبوع الماضي، لكن رد فعل السوق بعد بيانات الوظائف يشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ربما ارتكب خطأً في عدم خفض أسعار الفائدة.
وانضم اقتصاديون في "جي بي مورجان" إلى مجموعة متزايدة من استراتيجيي وول ستريت خلال عطلة نهاية الأسبوع في دعوة المجلس لخفض الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية في اجتماعيه المقبلين.
وكتب سري رماسوامي، المدير الإداري لأبحاث الدخل الثابت في الولايات المتحدة في "جي بي مورجان"، السبت، أنه أصبح "متفائلا بشأن التقلبات" نظراً لعدم اليقين الجديد لدى المستثمرين بشأن مسار أسعار الفائدة والسيولة الصيفية.
وارتفع مؤشر Vix للتقلبات المتوقعة في سوق الأسهم الأميركية، المعروف عادةً باسم "مقياس الخوف" في وول ستريت، ليصل إلى 29 نقطة، الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ أزمة البنوك الإقليمية الأميركية في مارس العام الماضي.
وأنهى مؤشر ناسداك المركب ذو الثقل التكنولوجي الأسبوع بانخفاض قدره 3.4% وتراجع بأكثر من 10% منذ أعلى مستوى له في يوليو. وانتعشت السندات الحكومية، حيث وصل عائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر عند 3.82%.
وأعلنت شركة بيركشاير هاثاواي التابعة للملياردير الأميركي، وارن بافيت، السبت، تخفيض حصتها في شركة أبل إلى النصف في الربع الثاني، بينما رفعت مركزها النقدي إلى رقم قياسي بلغ 277 مليار دولار وقامت بشراء سندات خزانة.
ويراهن المستثمرون على أن مجلس الاحتياط الفيدرالي، سيخفض تكاليف الاقتراض بأكثر من نقطة مئوية كاملة بحلول نهاية العام لمواجهة الاقتصاد المتباطئ.
وقال ريك ريدر، رئيس قسم الدخل الثابت العالمي في بلاك روك: "أعتقد أن أسعار الفائدة مرتفعة جداً". وأضاف أنه بينما كان الاقتصاد لا يزال "قوياً نسبياً"، كان يجب على المجلس أن يخفض أسعار الفائدة إلى حوالي 4% "في أقرب وقت ممكن".
ومع ذلك، قالت ديانا إيوفانيل، كبيرة الاقتصاديين في "كابيتال إكينوميكس" في لندن، إن "تقييمات الأسهم لا تزال بعيدة عن الإشارة إلى كارثة اقتصادية".
وأضافت: "زادت المخاوف المتجددة من ركود اقتصادي أميركي من فرص خفض إضافي لأسعار الفائدة من مجلس الاحتياط الفيدرالي. ولكننا لا نعتقد أن الاقتصاد الأميركي سيمنع انتعاش سوق الأسهم لفترة طويلة".