كندا.. نزاعات عمالية تنذر باضطرابات اقتصادية

تعطل خطوط السكك الحديد يهدد التجارة مع الولايات المتحدة ودول أخرى

time reading iconدقائق القراءة - 8
صورة غير مؤرخة نشرتها "بلومبرغ" لشركة CSX Corporation الأميركية التي تركز على النقل بالسكك الحديد في أميركا الشمالية - Bloomberg
صورة غير مؤرخة نشرتها "بلومبرغ" لشركة CSX Corporation الأميركية التي تركز على النقل بالسكك الحديد في أميركا الشمالية - Bloomberg
دبي -الشرق

توقفت حركة الشحن بالسكك الحديد في كندا في وقت مبكر، الخميس، بعد أن قامت شركتا الشحن الرئيستان في البلاد بطرد حوالي 10 آلاف موظف على خلفية نزاعات عمالية، ما ينذر باضطرابات في سلسلة التوريد في الولايات المتحدة وعواقب اقتصادية خطيرة داخل البلاد، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب أشهر من المحادثات التعاقدية التي فشلت في التوصل إلى أي اتفاق، إذ قالت الشركتان، وهما Canadian National وCanadian Pacific Kansas City قبل الإغلاق، إن طرقهما الممتدة داخل الولايات المتحدة ستواصل العمل، قبل أن تحذرا من تأثر شركات كثيرة.

ووفقاً لرابطة السكك الحديدية الكندية، وهي مجموعة ضغط صناعية، فإن حوالي 6 آلاف و500 حاوية تدخل الولايات المتحدة عن طريق السكك الحديد من كندا يومياً.

وتشير تقديرات الرابطة إلى أن "نصف الصادرات الكندية يتم نقلها عبر القطارات"، وأن الخطوط "نقلت ما قيمته 380 مليار دولار كندي"، أي ما يعادل حوالي 279 مليار دولار أميركي من البضائع خلال عام 2022.

وتشمل هذه الحركة البضائع القادمة من آسيا وأوروبا، والتي يتم إنزالها الموانئ الكندية، كما سيتم إيقاف شحنات السكك الحديد القادمة من الولايات المتحدة إلى كندا.

وقد يكون التأثير على قطارات الركاب بين المدن، والتي عادة ما تستخدم خطوط شركة Canadian National، وعلى خطوط الركاب "أقل وضوحاً"، وبينما تنقل السكك الحديد الحبوب والمنتجات الأخرى للتصدير العالمي، فإنها تنقل عدداً أقل نسبياً من المنتجات الغذائية الموجودة في متاجر البقالة الكندية.

وحذرت "نيويورك تايمز" من أنه "بالنسبة لاقتصاد كندا المعتمد على التصدير"، فإن الإغلاق الطويل قد يخلف "تداعيات اقتصادية خطيرة".

من جانبها قالت شركة Canadian Pacific Kansas، إن عملياتها في المكسيك، والتي تتعامل بدرجة كبيرة مع حركة المرور من وإلى الولايات المتحدة "ستواصل عملياتها العادية".

وقال باري برينتيس، مدير معهد النقل بجامعة مانيتوبا، قبل اندلاع الإضطرابات العمالي، لـ "نيويورك تايمز": "لا أعتقد أن هذا الوضع سيستمر طويلاً"، مرجعاً ذلك إلى أنه "يؤثر على الاقتصاد العام".

وأضاف: "في الماضي، في كل مرة كانت تحدث فيها مثل هذه الأمور، كانت الحكومة تلجأ إلى استدعاء البرلمان، وإصدار تشريع يعيد السكك الحديد إلى العمل".

نقاط خلافية

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن عقود العمل المبرمة داخل الشركتين كانت تنتهي في السابق في "سنوات متناوبة"، ما أدى إلى تجنب إغلاق شبه كامل للسكك الحديد. ولكن، لاستيعاب اللوائح التنظيمية الفيدرالية المتغيرة، حصلت شركة Canadian National على تمديد لمدة عام واحد لآخر اتفاق أبرمته. وانتهت العقود مع الشركتين بنهاية العام الماضي. وبدأت المفاوضات في سبتمبر الماضي.

وتتمثل نقاط الخلاف الرئيسية بالنسبة لعمال السكك الحديد "في وضع الجداول وتحديد ساعات العمل وإدارة التعب".

وفي الإطار، قدم المسؤول التنفيذي الأميركي للسكك الحديدية في كندا، هانتر هاريسون، والذي أدار كلا الخطين في أوقات منفصلة، نظاماً يُعرف باسم "السكك الحديد المجدولة بدقة".

ولتعزيز الكفاءة، وضع هاريسون القطارات في جداول زمنية صارمة ومتسقة، وقلل المعدات والموظفين عبر خطوات من قبيل تشغيل قطارات طويلة للغاية، وقد عززت هذه المقاربة الأرباح، ولا يزال إرث هاريسون قائماً بدرجة كبيرة في كلا الخطين.

وفي يونيو الماضي، قال مؤتمر "سكك حديد كندا"، الذي نظمته نقابة سائقي الشاحنات، إن شركتي السكك الحديد "تحاولان الضغط على العمال لإتاحة المزيد من الوقت للعمل"، مضيفة أن هذا سيعني أن "أطقم القطارات سيضطرون إلى البقاء مستيقظين لوقت أطول، ما يفاقم خطر حوادث الخروج عن القضبان والحوادث الأخرى".

ودون تقديم تفاصيل قالت شركة Canadian National، في بيان صدر مؤخراً إنها اقترحت "اتفاقية محدثة تعمل على تحسين شروط السلامة والأجور والتوازن بين العمل والحياة"، فيما قالت Canadian Pacific إن عرضها "يحافظ على استمرار الوضع الراهن فيما يتعلق بجميع قواعد العمل"، مضيفة أنها "تلتزم تماماً بالمتطلبات التنظيمية الجديدة للراحة، ولا تضر بأي حال من الأحوال بشروط السلامة".

ورفض وزير العمل الفيدرالي، ستيف ماكينون، في وقت سابق، طلب الشركتين إرسال المحادثات الخاصة بالعقود لإخضاعها للتحكيم الملزم لتجنب الإغلاق.  

وسافر ماكينون إلى مقر Canadian National في مونتريال، الثلاثاء، حيث التقى المديرين التنفيذيين للشركة في مقرها الرئيسي في كالجاري، ألبرتا، في اليوم التالي.

وتحافظ حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو الليبرالية، على سيطرتها على السلطة في مجلس العموم بدعم من الحزب الديمقراطي الجديد الذي أسسه جزئياً العمال المنتظمون في نقابات.

والاثنين، حذر زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاجميت سينج، ترودو، من تمرير تشريع يجبر موظفي السكك الحديد على العودة إلى العمل.

وقال سينج للصحافيين إنه "منذ فترة طويلة رأينا الليبراليين والمحافظين يتدخلون في هذه الأنواع من النزاعات العمالية لصالح أصحاب العمل على حساب العمال"، مشدداً على أن هذا "خطأ فادح وسنعارضه".  

تأثير اقتصادي واسع

ورجحت "نيويورك تايمز" أن تمتد آثار الإغلاق إلى العديد من قطاعات الاقتصاد الكندي، بما في ذلك "الزراعة والتعدين والغابات والنفط والتصنيع".

وأشارت الصحيفة، إلى أن الكثير من شركات الشحن التي تستخدم السكك الحديد "لا تستطيع نقل بضائعها إلى الشاحنات، كما أن السفن لا تمثل بديلاً خارج نظام البحيرات العظمى ونهر سانت لورانس".

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه "يتم إرسال الغالبية العظمى من السيارات والشاحنات المصنوعة في كندا إلى الولايات المتحدة بالقطارات".

من ناحيتها قالت شركة Via Rail Canada، وهي منظومة الركاب المملوكة للحكومة، إن معظم قطاراتها، والتي تعمل بالأساس على خطوط Canadian National، "لن تتأثر"، إذ سيستمر منظمو الحركة في Canadian National في أعمالهم، بعكس نظرائهم في Canadian Pacific Kansas City.  

وقالت شركة Exo، وهي خدمة السكك الحديدية لنقل الركاب في منطقة مونتريال، إنها ستغلق الخدمة في 3 خطوط مملوكة لشركة Canadian Pacific Kansas City، والتي تنقل نحو 24 ألف راكب يومياً.

وقال إريك إدستروم، المتحدث باسم Exo، لـ "نيويورك تايمز" إن "الحافلات التي سيتم اقتراحها لن تكون قادرة على أن تحل محل خدمة القطارات المعتادة، وبخاصة خلال فترة العودة إلى المدارس".

وفي كولومبيا البريطانية، سيتم تعليق خدمة السكك الحديد على الخط الذي يمتد من وإلى محطة Canadian Pacific السابقة على الواجهة المائية لفانكوفر.

وتشير تقديرات TransLink، وهي الشركة المشغلة للخدمة بالمنطقة، إلى أن هذا الخط ينقل نحو 3 آلاف راكب خلال أيام العمل أسبوعياً.

وفي السياق قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن التحركات المتزامنة التي اتخذتها شركتا Canadian National وCanadian Pacific Kansas City جعلت الشركات وصناع السياسات في كندا "يتدافعون للحد من التداعيات" الخاصة بتعطيل العمل في القطاع، إذ حذرت الشركتان من وقوع "أضرار جسيمة" لعاشر أكبر اقتصاد في العالم، ما لم تتوصل السكك الحديد ومؤتمر "سكك حديد كندا"، إلى اتفاقيات جديدة.

وكانت النقابة قدمت العديد من العروض، ولكن أياً منها لم يتم بحثه بجدية من قبل الشركة، فيما أكد أحد المسؤولين في النقابة إن الرواتب "لا تعيق الاتفاق".

تصنيفات

قصص قد تهمك