مصر.. مطورون عقاريون يواصلون التحوط ويتوقعون ارتفاع الأسعار

توقعات بارتفاع الأسعار بين 15 و30% فيما تصل النسبة إلى 50% في الساحل الشمالي بدعم من صفقة رأس الحكمة

time reading iconدقائق القراءة - 8
"برج القاهرة" الأيقوني في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة- 2 أغسطس 2023 - Reuters
"برج القاهرة" الأيقوني في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة- 2 أغسطس 2023 - Reuters
القاهرة-الشرق

رغم الاستقرار النسبي لأسعار المدخلات وصرف الجنيه في الفترة الأخيرة، واصل العديد من المطورين العقاريين في مصر وضع خطط تحوط للأشهر المتبقية من العام الحالي، تحسباً لتكرار أزمة نقص العملات الأجنبية، ومنعاً لوقوعهم في فجوة جديدة بين أسعار بيع الوحدات وتكلفة تنفيذها.

وشملت هذه الخطط توقيع عقود طويلة المدى مع شركات المقاولات، فضلاً عن تنويع آليات تمويل المشاريع، والاحتفاظ بما يصل إلى 15% من الوحدات العقارية في المشاريع المنفذة، وفقاً للعديد من مسؤولي شركات التطوير العقاري الذين تحدثوا لـ"الشرق"، وتوقعوا أيضاً ارتفاع الأسعار بنسب تتراوح بين 15 و30% في بعض المناطق، بينما يُتوقع ارتفاعها بنسبة 50% في الساحل الشمالي.

وشهدت مصر خلال العامين الماضيين تقلباً كبيراً في سعر صرف الجنيه بين السوقين الرسمية والموازية، وهو ما أثر على مختلف القطاعات، ومن بينها قطاع التطوير العقاري وأسعار المواد الخام، وأدى إلى نشوء سوق موازية أيضاً لهذه المواد.

لكن بعد أن سمحت الحكومة للجنيه بالانخفاض في مارس الماضي، وثبات سعره أمام العملات الأجنبية بشكل عام منذ ذلك الحين، بدأت أسعار مواد البناء ومدخلات الإنتاج بالتراجع.

وعلى سبيل المثال، بلغت كلفة طن "حديد عز" مع بداية الشهر الجاري نحو 42165 جنيهاً، انخفاضاً من أعلى سعر وصله في السوق الموازية خلال الأزمة والذي بلغ 60 ألف جنيه، فيما بلغت أسعار الأسمنت نحو 3 آلاف جنيه حالياً للطن، بعد تجاوزها حاجز 3 آلاف و500 جنيه قبل مارس، عندما شهدت البلاد أيضاً دخول استثمارات أجنبية بنحو 50 مليار دولار.

"أريحية أكبر" في التحوط

أحمد صبور رئيس مجلس إدارة شركة "الأهلي صبور"، قال إن التحوط لا يزال موجوداً في خطط الشركة، لكنه لفت إلى أنه أصبح بـ"أريحية أكثر ومن دون قلق"، خاصة في ظل استقرار الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة.

وأشار صبور في حديث لـ"الشرق"، إلى أن الأزمة الماضية دفعت بالمطورين إلى وضع خطط تحوطية بشكل أسبوعي، مشيراً إلى أن هذه العملية "عادت إلى طبيعتها حالياً، حيث يتم وضع خطط تتناسب مع توقعات العام"، معتبراً أن "استقرار سعر الصرف ساعد في التحكم في التكلفة".

وكانت الشركة تتوقع أن تتراجع مبيعات العقارات بعد انخفاض قيمة الجنيه، إلا أن صبور أشار إلى أنها لا تزال قوية، وهو ما "يخفف من الضغوط المالية على الشركة"، منبهاً إلى وجود احتمالية لرفع الأسعار بنسب تصل إلى 20%، في حين قد تصل هذه النسبة إلى 50% في الساحل الشمالي، بدعم من صفقة تطوير "رأس الحكمة". 

التحوط أمر روتيني

عبد الله سلام الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة "مدينة مصر"، اعتبر أن التحوط من الأسعار هو أمر روتيني ويقع في صلب عملنا اليومي، و"ليس ردة فعل لظروف طارئة"، لافتاً إلى "أننا نعمل في صناعة دقيقة، كما أن هيكل التكاليف في التطوير العقاري أمر معقد".

وقال لـ"الشرق" إن التكلفة تتأثر بسعر الصرف والخامات، لكن هناك عوامل أخرى تدخل في هذه المعادلة، مثل تكلفة التمويل ومدده وآلياته وأنواعه، بالإضافة إلى التضخم، وتغير تكلفة الأراضي وتوافرها، وظروف ومرحلة كل مشروع، وحركة السوق، وتابع: "لذلك نحن دائماً نُخطط ونتحوط لتأثير كل هذه العوامل على التسعير".

وتوقع سلام أن تشهد أسعار الوحدات العقارية ارتفاعاً بنسبة لا تزيد عن 15% حتى نهاية العام.

اتفاقيات طويلة الأجل

من جهتها، نوعت شركة "ماونتن فيو للتنمية والاستثمار العقاري" كغيرها من الشركات، استراتيجيات التحوط، وفقاً لرئيس مجلس إدارتها التنفيذي عمرو سليمان، الذي أشار في حديث لـ"الشرق" إلى أن "المطور العقاري يحتاج بشكل دائم، لوضع استراتيجيات وخطط محكمة بآليات مختلفة للتعامل مع كافة الظروف الاقتصادية المحيطة".

ونبّه سليمان إلى أن الشركات تلجأ كنوع من التحوط، إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع شركات المقاولات، بهدف تثبيت الأسعار، فضلاً عن تنويع آليات تمويل المشاريع مثل التوريق، والتوسع في شراء أراض جديدة لتعويض زيادة تكلفة بناء الوحدات".

وأكد أن الشركة تركز على زيادة التصدير العقاري عن طريق جذب العديد من المستثمرين العرب والأجانب، ما يساهم في دعم الاقتصاد وزيادة الحصيلة الدولارية في الاقتصاد، خصوصاً أن قطاع العقارات يساهم بـ20% في الناتج المحلي.

الاحتفاظ بنسبة 15% من الوحدات

تلجأ شركات أخرى إلى الاحتفاظ بـ15% من الوحدات في كل مشروع تنفذه لمواجهة التغيرات التي قد تطرأ خلال مدة تنفيذ هذه المشاريع، وفق أحمد شلبي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة "تطوير مصر"، ورئيس مجلس العقار المصري، الذي رأى أنها "إحدى أهم آليات التحوط من ارتفاع الأسعار".

اعتبر شلبي في حديث لـ"الشرق" أن "الحذر مطلوب خلال الفترة المقبلة، نظراً لوجود توقعات باستمرار انخفاض قيمة العملة خلال العامين المقبلين".

ورأى أيضاً أن آليات التسعير لدى الشركات تستند إلى مدخلات عدة، بمتوسطات أسعار على المدى الطويل، ويتم تطبيق الزيادات السعرية على فترات مبتاعدة، حتى لا تنعكس بحدة على السوق، و"مع حالة الاستقرار في أسعار الصرف والمدخلات، فإن السوق ستشهد الزيادات الدورية المعتادة بين 20 إلى 30%".

وأضاف شلبي أن دورة العقارات تُعتبر طويلة نسبياً، فمرحلة تخصيص الأرض والتخطيط وصولاً إلى البدء بتنفيذ المشروع تستغرق في المتوسط نحو 7 سنوات، كما أن إطلاق كل مرحلة في المشاريع يستلزم من 3 إلى 4 سنوات من حيث البناء والتسليم. هذا الواقع يحتم "اتباع نفس آليات التحوط التي جرى العمل بها خلال الفترة الماضية"، إلى حين "انقضاء فترة طويلة من الاستقرار، وذلك للاطمئنان بأن الاقتصاد المصري واصل مرحلة التعافي".

تخزين الخامات

أما أحمد العتال رئيس مجلس إدارة شركة "العتال هولدينج"، فأكد أن شركته واصلت تبني سياسة تخزين الخامات ومواد البناء اللازمة للمشروع، للتغلب على أي تقلبات في الأسعار، مضيفاً أن الشركة تتحوط أيضاً من متغيرات السوق بالعمل على التسويق في الخارج، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية في مصر.

وقال العتال لـ"الشرق" إن سياسة التسعير في القطاع العقاري تتحدد على مدار 7 إلى 10 سنوات، وفي ضوء عدم وضوح الرؤية بشأن سعر الصرف، "لا بد من سياسة تحوط في التسعير، ومن هنا فإن الشركات تضع خططاً طويلة المدى". ورأى أنه وفقاً للمؤشرات الحالية، فإن الزيادات المتوقعة في أسعار العقارات بالسوق ستكون بنحو 20%. 

استقرار منتظر في الأسعار

اختلف أحمد عبد الله نائب رئيس "ريدكون بروبيرتيز" مع الآراء السابقة، معتبراً أن المطور العقاري لم يعد بحاجة للتحوط من التسعير بعد استقرار السوق وتوازن الأسعار، في ضوء مستجدات تحرير سعر الصرف.

وتوقع عبد الله في حديث لـ"الشرق"، أن تستقر أسعار العقارات مع حدوث زيادة بمعدلات طبيعية تتماشى مع معدل التضخم، في حال حافظت أسعار الصرف وأسعار المدخلات على استقرارها الحالي.

هذا المحتوى من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ

تصنيفات

قصص قد تهمك