دراسة: "الغزاة" الجدد يكلفون الزراعة بإفريقيا 3.6 تريليون دولار سنوياً

time reading iconدقائق القراءة - 8
مزارع يحمل قمحاً على رأسه في حقل بغينيا بيساو، 3 نوفمبر 2012  - REUTERS
مزارع يحمل قمحاً على رأسه في حقل بغينيا بيساو، 3 نوفمبر 2012 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

على مدى قرون عانت بلدان القارة الإفريقية من الغزو الاستعماري، وناضلت الأمم من أجل التخلص من المستعمرين. وبالفعل نالت إفريقيا حريتها منذ سنوات بعد طول انتظار. إلا أنه يبدو وكأن قدرها أن تظل مستعمرة على نحو ما، لكن هذه المرة من كائنات أخرى غريبة حطت على أرضها، وزاحمت سُكانها الأصليين من الحيوانات والنباتات في تربتها وسمائها.

فبحسب دراسة جديدة، نشرت نتائجها مجلة الزراعة والعلوم البيولوجية CABI Agriculture and Bioscience، فإن وجود الأنواع الغريبة الغازية الضارة التي أدخلها النشاط البشري إلى منطقة ليست أصلية فيها، يكلف القطاع الزراعي الإفريقي 3.66 تريليون دولار سنوياً، وهو ما يقارب 1.5 ضعف الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الإفريقية مجتمعة.

ويقدر فريق من الباحثين في غانا وكينيا والمملكة المتحدة وسويسرا، أن متوسط تكلفة الأنواع الغريبة الغازية للقطاع الزراعي في كل بلد إفريقي، يبلغ 76.3 مليار دولار سنوياً.

خسائر الأعشاب الضارة

ويقول الباحثون، إنه يوجد تباين كبير بين البلدان في الخسائر. إذ تبلغ تكلفة وجود الأنواع الغازية نحو تريليون دولار في نيجيريا، و317 مليار دولار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، و248 مليار دولار في النيجر، و229 مليار دولار في جنوب إفريقيا. بينما تقدر التكاليف الإجمالية لجيبوتي وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو، بنحو 82 مليون دولار في السنة.

ووجد المؤلفون أن إزالة الحشائش الغريبة الغازية من المحاصيل تمثل 99.2% (3.63 تريليون دولار) من إجمالي التكاليف المقدرة التي يتكبدها القطاع الزراعي الإفريقي كل عام من قبل الأنواع الغريبة الغازية.

وتمثل إزالة الأعشاب الضارة في محاصيل الحبوب 72% (2.61 تريليون دولار)، بينما تمثل إزالة الأعشاب الضارة من الذرة والمحاصيل الجذرية 14% (508 مليارات دولار).

وتشير التقديرات إلى أن خسائر الأراضي العشبية التي تسببها الأنواع الغريبة الغازية في جميع أنحاء إفريقيا، تؤدي إلى خسائر في دخل الثروة الحيوانية قدرها 172 مليون دولار سنوياً.

أما مُجمل الأموال التي تم إنفاقها على البحث عن الأنواع الغريبة الغازية في عام 2019، فبلغت 1.9 مليون دولار.

العثة.. أبرز المتسببين

وكانت الأنواع الغريبة الغازية التي تسببت في أكبر خسائر في المحاصيل، هي العثة والتي تؤثر في نباتات الطماطم، ويقدر أنها تكلف القطاع الزراعي 11.4 مليار دولار في خسائر المحاصيل سنوياً.

وتشمل الخسائر السنوية المقدرة للمحاصيل التي تسببها الأنواع الأخرى 9.4 مليار دولار من حشرة جيش الخريف، و6.3 مليار دولار من البق الدقيقي، و5.8 مليار دولار من ذبابة الفاكهة. وتؤثر هذه الأنواع في محاصيل الذرة والكسافا والمانجو والحمضيات على التوالي.

ويقول المؤلف الأول للدراسة رينيه إشن، في تصريحات لـ"الشرق"، إن الدراسة تكشف "حجم الآثار الاقتصادية للأنواع الغريبة الغازية في القطاع الزراعي، في واحدة من أقل القارات التي يتم دراسة المشكلة فيها".

ويشير إشن إلى أن مقدار خسائر الغلة "مهولة"، مشيراً إلى أن الأنواع الغازية "تُسبب انخفاض الدخل من الثروة الحيوانية أيضاً". ويضيف: "تكشف نتائجنا عن التكلفة الكبيرة للأنواع الغريبة الغازية للمزارعين ومستخدمي الأراضي الآخرين، فضلاً عن التأثير الكبير لهذه الأنواع على سبل عيش الناس".

وتقول الدراسة إن إزالة الأعشاب الدخيلة الغازية عمل غير مدفوع الأجر إلى حد كبير، و"تقوم به النساء والأطفال في المقام الأول، مما يقلل من مقدار الوقت الذي يمكنهم قضاؤه في الأنشطة المدرة للدخل والأنشطة المجتمعية أو التعليم".

وهناك حاجة ملحة لاتخاذ تدابير للتخفيف من الآثار الحالية للأنواع الغريبة الغازية ومنع انتشار الأنواع الغريبة الجديدة عبر إفريقيا.

تأثير اقتصادي كبير

يحذر المؤلفون من أن النتائج التي توصلوا إليها قد تكون أقل من الرقم الحقيقي للتكلفة الاقتصادية الحقيقية للأنواع الغريبة الغازية للقطاع الزراعي، إذ ركز تحليلهم على الأنواع التي لها حالياً أكبر تأثير اقتصادي، ولم يشمل التكاليف المتعلقة بمبيدات الأعشاب الكيميائية المستخدمة لمكافحة الآفات والأمراض.

وتسلط النتائج الضوء على الحاجة إلى تدابير تمنع الأنواع الجديدة من الوصول والأنواع المستقرة من الانتشار، من خلال طرق مبتكرة مثل المكافحة البيولوجية، وهو ما سيؤدي "إلى خفض تكاليف الإنتاج المستقبلية، وتقليل خسائر الغلة، وتحسين سبل عيش المزارعين وغيرهم من مستخدمي الأراضي المتضررين" على حد قول مؤلف الدراسة.

وبصرف النظر عن التكلفة الواضحة لفقدان الغلة وخسارة الدخل المشتق من الثروة الحيوانية، تكشف الدراسة التكلفة الهائلة لإزالة الأعشاب الضارة في حقول المحاصيل.

فرص بديلة

يقول إشن: "من المهم أن ندرك أن هذه تكلفة الفرصة البديلة، ما يعني أنه على الرغم من أن هذا المبلغ من غير المرجح دفعه كرواتب، إلا أن الأطفال يخسرون فرص الذهاب للمدرسة، كما تخسر النساء فرصة العمل في نشاط اقتصادي مدر للدخل".

وتأتي الدراسة بعد قمة السياسات بشأن الأنواع الغازية التي عقدت في عام 2019، إذ قرر 70 مندوباً من دول مختلفة يمثلون صناع السياسات والأبحاث والقطاع الخاص والمجتمع المدني من جميع أنحاء إفريقيا، تطوير استراتيجية وخطة عمل لمحاربة الأنواع الغريبة الغازية. كانت إحدى المهام التي تم تحديدها خلال القمة تحديد تكلفة الأنواع الغازية.

ويأمل إشن أن تزيد الدراسة من الوعي بتأثيرات الأنواع الغريبة الغازية والحاجة إلى التخفيف من هذه الآثار، حيث تسلط النتائج الضوء على تأثيرات الأنواع الغريبة الغازية على سبل عيش العديد من الناس.