لم تتوصل نحو 200 دولة إلى اتفاق على معاهدة عالمية للحد من التلوث الناجم عن استخدام البلاستيك، بعد أسبوع من المفاوضات التي استضافتها مدينة بوسان في كوريا الجنوبية.
رغم أن هذه الجولة كان يُفترض أن تكون النهائية، إلا أن باب المفاوضات لن يغلق، وفقاً لما أكدته فرح الحطاب مسؤولة حملات في "جرينبيس" وممثلة المنظمة في المفاوضات، إذ تم الاتفاق على إجراء "جولة نهائية أخرى بحلول منتصف العام المقبل".
الحطاب قالت في تصريحات لـ"الشرق"، إن الجولة الحالية من المفاوضات التي بدأت عام 2022، انتهت بشكل "مخيب للآمال". ولكنها أشارت إلى أن هذه النتيجة "ما تزال أفضل من التوصل إلى اتفاق على معاهدة ضعيفة لا تحل أزمة التلوث البلاستيكي".
وجهات النظر
تمثلت إحدى أبرز نقاط الخلاف في تحديد ما إذا كان سيتم فرض قيود مُلزمة على فئات معينة من المواد الكيميائية وإنتاج البلاستيك، أو الاكتفاء بحزمة تمويل لتحسين جمع النفايات وإعادة التدوير.
إلزامية المعاهدة من نقاط الخلاف الأخرى، إذ تطالب بعض الدول، خصوصاً المنتجة للبلاستيك، بأن تكون الحلول طوعية، وتعارض بشدة القيود التي قد تؤثر على اقتصاداتها.
من جهتها، ترى الدول المؤيدة للمعاهدة وخصوصاً تلك المتضررة من النفايات البلاستيكية، ضرورة في الوصول إلى اتفاقية ملزمة، تهدف إلى تنظيم المواد الكيميائية الخطرة، والتخلص التدريجي من المنتجات البلاستيكية الأكثر تلويثاً مثل أدوات المائدة. كما تطالب هذه الدول أيضاً بدعم مالي وتقني لتطبيق السياسات المطلوبة.
ورغم التأجيل، عبَّر كثير من المفاوضين عن الحاجة الملحّة للعودة إلى المحادثات. وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنجر أندرسن إن "من الواضح أن الخلافات لا تزال مستمرة".
من جهتها، قالت المديرة العامة لهيئة إدارة البيئة في رواندا جولييت كابيرا: "أي معاهدة تعتمد فقط على الإجراءات الطوعية لن تكون مقبولة... لقد حان الوقت لنأخذ الأمر على محمل الجد، ونتفاوض على معاهدة مناسبة للهدف منها، لا أن يكون محكوم عليها بالفشل".
وكان من شأن اقتراح قدَّمته بنما وحظى بدعم أكثر من 100 دولة، أن يرسم مساراً لهدف عالمي لخفض إنتاج البلاستيك، بينما لم يتضمن مقترح آخر حدوداً للإنتاج.
توقعات بنمو إنتاج البلاستيك
يُنتج العالم كميات ضخمة من البلاستيك سنوياً، إذ تفيد بيانات "بولي جلوب" (Polyglobe) بأن الصين تُعد أكبر منتج في العالم، بقدرة بلغت 222.1 مليون طن خلال العام الجاري، في حين أن الولايات المتحدة التي جاءت في المرتبة الثانية أنتجت 92.7 مليون طن من البلاستيك.
أما دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا، فأنتجت مجتمعة 83.1 مليون طن من البلاستيك، لتحتل المرتبة الثالثة، وفق "بلومبرغ".
ووفقاً لشركة "يونوميا" للأبحاث والبيانات، تصدَّرت الصين، والولايات المتحدة، والهند، وكوريا الجنوبية، قائمة منتجي البوليمرات في 2023.
ولا تقف المعضلة هنا، إذ تشير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن إنتاج البلاستيك سيرتفع بنحو 60% إلى 736 مليون طن سنوياً بحلول عام 2040.
ومن المتوقع كذلك أن يتضاعف إنتاج البلاستيك 3 مرات بحلول عام 2050، كما تم العثور على جزيئات بلاستيكية دقيقة في الهواء، وفي المنتجات الغذائية الطازجة، وحتى في حليب الأمهات.
وفي ظل غياب عمليات التدوير والاستخدام الكثيف للبلاستيك، فإن زيادة الإنتاج من شأنها أن تضاعف كميات النفايات البلاستيكية، ما قد يزيد من التهديد الذي يشكله التلوث البلاستيكي على البيئة والإنسان.