وجد التداول الموسع الذي حظيت به التكنولوجيا الصديقة للبيئة من قبل قادة وزعماء الدول الصناعية السبع (G7) في قمتهم الأخيرة صدى عالمياً، خصوصاً أنها يمكن أن تشكل أداة بارزة لمواجهة التغير المناخي وتقليص معدلات احترار الأرض.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت "سينوبك"، إحدى كبريات شركات النفط الصينية، تدشين مشروع التقاط وتخزين الكربون شرق الصين، ومن المتوقع أن يكون الأكبر من نوعه في المنطقة، ويأتي بعد أسابيع فقط من الإعلان عن عدة مبادرات أميركية لاحتجاز الكربون.
عزل غاز ثاني أكسيد الكربون
وبالرغم من أن بعض مبادرات عزل الكربون صناعياً ترجع إلى عقدي السبعينات والثمانينات، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة، فإن التوسع الأكبر في تلك التكنولوجيا يرتبط بالألفية الجديدة.
وعادة ما تستخدم أحرف "CCUS" لوصف عملية عزل غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد أبرز أسباب ارتفاع درجة حرارة الأرض، وإعادة استخدامه أو تخزينه، وهي اختصار للمصطلح Carbon Capture Utilization & Storage.
ووفقاً لموقع Vox، فإن العملية ببساطة ترتكز على توظيف وسائل كيميائية متنوعة لاستخلاص غاز ثاني أكسيد الكربون من المواقع الصناعية الزاخرة به، كمصانع الأسمنت والحديد والصلب، ومحطات الطاقة التي تعتمد على الفحم.
نظرياً ينحصر استخلاص ثاني أكسيد الكربون في طريقتين: استخلاصه من الهواء المحيط (حيث نسبته مساوية لنسبته في الطبيعة)، أو استخلاصه عبر فلترة غاز المداخن (حيث ثاني أكسيد الكربون أكثر تركيزاً ووفرة)، وهي الوسيلة الأكثر عملية.
استخدامات جديدة
لا تتوقف عملية عزل ثاني أكسيد الكربون عند هذا الحد، فالجزء الآخر من العملية يتمثل في إيجاد استخدامات جديدة للغاز المستخلص. بعض الاستخدامات تكون مباشرة، كونه يدخل في بعض الصناعات، بعد خضوعه لمراحل من التحوّل البيولوجي والكيميائي.
ووفقاً لورقة علمية أعدتها زمالة الجمعية الملكية في لندن، فإن غاز ثاني أكسيد الكربون قد يستخدم مباشرة في المشاتل الزراعية، وصناعة المشروبات المكربنة (الفوّارة).
أما الاستخدامات غير المباشرة لثاني أكسيد الكربون، فتكون بعد معالجات في الوقود التخليقي، وصناعة البلاستيك واللدائن.
مرحلة أخرى
بالرغم من البداية المبكرة للتكنولوجيا الصديقة للبيئة، إلا أن القمة الأخيرة لمجموعة السبع أعطتها دفعة عالمية، لتضعها على قائمة أولويات الدول الصناعية في الفترة المقبلة.
وقد جاء التصريح بالالتزام تجاه تكنولوجيا حجز الكربون من جهة البيت الأبيض مرتبطاً بتخلي دول القمة عن محطات الطاقة التي تستخدم الفحم، ما عدا تلك التي تستخدم تكنولوجيا عزل الكربون، كجزء من محاولة بلوغ حد احترار لا يتعدى درجة ونصف الدرجة، أعلى من معدلات ما قبل المرحلة الصناعية.
ووفقاً لموقع الوكالة الدولية للطاقة، فإن الدول الأسبق لتبني هذه التكنولوجيا هي الولايات المتحدة وكندا والنرويج والصين. وتؤكد إحصاءات الوكالة أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تزايداً في تبني تلك التكنولوجيا التي من شأنها تقليص انبعاثات الكربون بمقدار الخُمس عالمياً، وتقليل تكلفة التعامل مع أزمة المناخ بنسبة 70%.
حل مزيّف
وخلافاً للرؤى المتفائلة بقدرة التوسع في تكنولوجيا حجز الكربون على إحداث فارق حقيقي خلال السنوات المقبلة، تعتبرها بعض الأصوات مجرد "حل تلطيفي لا جذري لمشكلة المناخ".
وتعتبر هذه الأصوات، وفقاً لتقرير في موقع "ذا فيرج"، أن حجز الكربون من شأنه أن يسهم في إيجاد مبررات لعمليات "مدمرة للطبيعة"، طالما يمكن تحجيم آثارها الحرارية، كالحفر والتعدين وتكسير الأشجار للحصول على وقود أحفوري، ما سيعيد الكرة مرة أخرى، ويهدد بأخطار عديدة منها خطر التسرّب النفطي على سبيل المثال.
أحد الأصوات البارزة في هذا المعسكر، المرشح السابق لرئاسة الولايات المتحدة، بيرني ساندرز الذي وضع حجز الكربون ضمن قائمة من "الحلول المزيفة" وتشمل الطاقة النووية والهندسة الجيولوجية، والتي تقف في طريق الاعتماد على طاقة مستدامة بنسبة 100%.