كائنات "البلوب" تسافر إلى الفضاء في تجربة علمية

time reading iconدقائق القراءة - 4
أحد الكائنات الحية المجهرية التي يطلق عليها "البلوب" - Getty Images
أحد الكائنات الحية المجهرية التي يطلق عليها "البلوب" - Getty Images
باريس-أ ف ب

تستعدّ محطة الفضاء الدولية لاستقبال ضيف غريب من نوعه، وهو كائن يسمّى اختصاراً "البلوب" ومن الصعب تصنيفه في خانة معيّنة، حيث سيسافر إلى الفضاء الثلاثاء، ليشكّل محور تجربة تعليمية يديرها الرائد الفرنسي توما بيسكيه.

وفي الخريف، سيقوم مئات آلاف التلاميذ من المدرسة الابتدائية إلى الثانوية، باستنساخ التجربة من الأرض على هذا الكائن الحيّ الغريب من نوعه الذي ليس حيواناً ولا نباتاً ولا فطراً، تحت رعاية المركز الوطني للأبحاث الفضائية وبالتعاون مع المركز الوطني للأبحاث العلمية (سي إن آر إس).

ويتألف "فيزاروم بوليسيفالوم" من خليّة واحدة ونويات عدّة. وهو يشبه كتلة ليفية صفراء، ولا فم له أو قوائم أو دماغ. لكنه يأكل وينمو ويتنقّل "ببطء شديد" ويتمتّع بقدرات كبيرة على التعلّم. وفي وسع الكائن أيضاً التكاثر بلا حدود والدخول في حالة سبات "من دون النفوق" متجفّفاً.

وفي هذه الحالة بالتحديد المعروفة بـ "الأصلوبة" ستصل قطع عدّة منه إلى الفضاء، ضمن حمولة شحن موجّهة إلى المحطة الدولية. وعندما يقوم بيسكيه بإعادة الرطوبة إليها في سبتمبر، ستعود الحياة إليها على مسافة 400 كيلومتر عن الأرض.

وهذه القطع الأربع التي بالكاد يبلغ حجمها نصف سنتيمتر، ستوضع في علب من نوع بيتري حيث ستخضع لتجربتين. وسيتمّ في التجربة الأولى تحليل سلوك "البوب" المحروم من الغذاء. أما التجربة الثانية، فستوفّر لكائنات أكثر حظّاً مصدر غذاء قوامه رقائق شوفان.

نقاشات شيّقة 

ويقضي الهدف بدراسة آثار انعدام الجاذبية على هذه الكائنات. وقال بيار فيران الأستاذ المحاضر في علوم الأرض المتعاون مع المركز الوطني للأبحاث الفضائية القيّم على هذا المشروع "لا أحد يعلم اليوم كيف ستتصرّف هذه الكائنات في أجواء الجاذبية الصغرى وفي أيّ اتّجاه ستتنقّل. فهل ستّتجه صعوداً أو بشكل مائل؟".

وصرّحت أودري دوسوتور مديرة الأبحاث لحساب "سي إن آر إس" في مركز الأبحاث حول القدرات الحيوانية في تولوز المتخصصة في كائنات البلوب "أنا متحمّسة جدّاً لمعرفة إن كانت ستنمو مع تشكيل طبقات عمودية".

وعلى الأرض، ستوزّع الآلاف من عيّنات البلوب المأخوذة من السلالة عينها "إل يو 352" التي سترسَل أجزاء منها إلى الفضاء، على 4500 مدرسة في فرنسا.

وتهافتت المؤسسات التعليمية لتلبية دعوة المشاركة في هذا المشروع. وقالت كريستين كوريشير، المسؤولة عن المشاريع التعليمية في المركز الفضائي "خطّطنا في البداية للتعاون مع ألفي صفّ. لكن في ظلّ الكمّ الهائل من الترشيحات، بذل المركزان مجهوداً مالياً إضافياً لتلبية الطلبات البالغ عددها 4500". وكشفت أن "أكثر من 350 ألف تلميذ سيتعاملون مع البلوب!".

"إعادة الحياة"

وفي أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر، سيتلقّى المدرّسون رزمة فيها ما بين 3 و5 قطع بلوب في حالة سبات حضّرها فريق أودري دوسوتور مرفقة بتوجيهات لإجراء الاختبار.

وعندما يعيد توما بيسكيه الرطوبة إلى هذه الكائنات في محطة الفضاء الدولية، فسيقوم التلاميذ بالمثل في صفوفهم قبل الشروع بمراقبة نموّ البلوب ومقارنته في حالتي وجود الجاذبية وانعدامها.

ومن شأن هذه الكائنات التي تكسر القواعد العلمية المتعارف عليها أن تثير نقاشات شيّقة في الصفوف، "فالنظرية الخلوية، وهي إحدى أقدم النظريات، تفيد بأن كلّ خليّة تنقسم إلى خليّتين. لكنها لا تنطبق على البلوب، إذ إنها خليّة واحدة تنمو من دون أن تنقسم"، على حدّ قول بيار فيران.

ومن الغرائب الأخرى التي تتّسم بها هذه الكائنات "وجود أكثر من 720 نوعاً جنسياً بينها، في حين أن أغلبية الكائنات تقوم على نوعين جنسيين"، بحسب الأخير.

ويعود وجود البلوب على الأرض إلى أكثر من 500 مليون سنة، أي قبل الحيوانات. وطالما اعتُبر من الفطريات قبل تجريده من هذا التصنيف في التسعينات ليلتحق بـ"الطلائعيات الأميبية".