ذكرت دراسة علمية أن أبحاث علم المتحجرات الهادف إلى بحث التنوع البيولوجي، الذي كان قائماً في الماضي، يعتريها خلل في التوازن بين دول الشمال والجنوب، حسب ما نشر في المجلة العلمية "نيتشر إيكولوجي أند إيفوليوشن".
وأوضحت الدراسة، المنشورة الخميس، أنه "خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة، وفّر باحثون من الدول ذات الدخل المرتفع، وخصوصاً أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، ما نسبته 97 في المئة من البيانات الأحفورية في العالم".
ولفتت إلى أنه "غالباً ما يُجري هؤلاء أبحاثهم في بلدان الجنوب من دون إشراك باحثيها المحليين"، منبهة إلى أن هذا السلوك الذي يشبه "الإسقاط بالمظلات" يؤدي إلى فهم "مشوب بالتحيز" للتنوع البيولوجي.
وتشكل دول الدومينيكان، وبورما، والمغرب، ومنغوليا، وكازاخستان، نماذج للدول الأكثر عرضة لهذا "الإسقاط بالمظلات"، إذ إنها بلدان غنية بالفقاريات، بالإضافة إلى دول أخرى في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
مشكلة عينات
وشرحت المُعدّة المشارِكة للدراسة نسيبة رجا شوب من جامعة إرلنجن نورنبيرج، في ألمانيا، لوكالة فرانس برس، أن "علم المتحجرات يعاني مشكلة عيّنات، إذ ثمة بيانات كثيرة في أماكن مقابل كمية غير كافية في أماكن أخرى". وتساءلت عما إذا كانت ثمة تفسيرات اجتماعية واقتصادية وتاريخية لهذه "التحيزات" الجغرافية.
وأضافت الباحثة في علم الأحياء القديمة أنه "عندما كُنت طالبة، عرض لنا أحد أساتذتنا رسماً بيانياً يُظهر إمكانية استنتاج كمية المتحجرات في بلد ما وفقاً لإجمالي ناتجه المحلي. هذه الصورة جعلتني أرغب في التعمق في هذه المسألة".
وبادرت نسيبة رجا شوب مع فريقها لإجراء مراجعة لقاعدة بيانات علم الأحياء القديمة، وهو مستودع مرجعي عالمي يضم أكثر من 220 ألف مجموعة أحفورية لأنواع منقرضة، كالديناصورات والرخويات وسواها.
وبيّنت هذه الدراسة أن أكثر من ثلث المساهمات مصدره باحثون مقيمون في الولايات المتحدة، صاحبة أقوى اقتصاد في العالم، وفي المراتب التالية، علماء من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، يساهم كل منهم بنسبة 10 في المئة.
وعلى الرغم من أن معظم أبحاثهم تُنفذ في مناطق أخرى من العالم، فإن تلك التي يجرونها بالتعاون مع باحثين من الدول المستكشَفة قليلة جداً، إن لم تكن معدومة.
وتستنتج الدراسة أن ثمة ارتباطاً واضحاً بالتاريخ الاستعماري، إذ إن ربع الأبحاث التي أجريت في المغرب وتونس والجزائر مثلاً كان القائمون بها فرنسيين.
ولاحظت الدراسة أن العلوم الطبيعية شهدت تطوراً كبيراً في القرن التاسع عشر بفضل الاستعمار الأوروبي.
وأشار الباحثون إلى أن "العيّنات المتعلقة بعلمَي الحيوان والنبات المكتشفة خلال الحملات الاستعمارية أرسلت إلى متاحف عواصم الإمبراطوريات المستعمِرة".
وتركت هذه الممارسات بصماتها، خصوصاً أن هذه العينات لا تزال قيد الدراسة في بلدان الشمال، كعينات العوالق التي جمعتها بعثة السفينة "إتس إم إس تشالنجر"، التابعة للبحرية الملكية البريطانية عام 1858، أو المتحجرات التي أحضرها تشارلز داروين من جنوب إفريقيا.