اكتشف علماء أستراليون حفريات محفوظة، في موقع للأحافير بـ"نيو ساوث ويلز" في أستراليا، يعود تاريخها إلى حوالي 16 مليون عام في وقت كانت فيه المنطقة مغطاة بالغابات المطيرة المورقة.
ويعتقد الباحثون أن ذلك الموقع يُمكن أن يقدم لمحة عن كيفية تأثير التحول المناخي الدراماتيكي في أنواع معينة داخل النظام البيئي للغابات المطيرة.
وعثر الباحثون بجانب حفرية العنكبوت على مجموعة من حفريات محفوظة جيداً لنباتات وحشرات وفقاريات في الموقع الذي أطلق عليه اسم McGraths Flat، ما يمنح نظرة ثاقبة غير مسبوقة لما كانت تبدو عليه أستراليا خلال حقبة الميوسين في هذا التوقيت.
ولا يشبه العنكبوت المكتشف حديثاً "أي شيء موجود على قيد الحياة اليوم"، وفقاً للباحث بمعهد أبحاث المتاحف الأسترالية ماثيو ماكوري، المؤلف المشارك في الدراسة المنشورة في "ساينس أدفانسس".
وقال الباحث في جامعة كانبرا، مايكل فريز، إن هذا الموقع يحافظ حتى على هياكل الأنسجة الرخوة داخل العينات. وظل الموقع سراً على مدى السنوات الثلاث الماضية، فيما نقب علماء الأحافير عن الزهور والحشرات، وحتى ريش الطائر الناعم.
ويساعد الموقع في التعرف على غابات عصر الميوسين المطيرة الأسترالية بتفاصيل غير مسبوقة، كما أن الموقع يفتح مجالاً جديداً بالكامل لاستكشاف علم الأحافير الأسترالية.
كيف حدث ذلك؟
قبل 15 مليون عام، نحت نهر عبّر الغابة بحيرة قوس قزح تخلو تقريباً من الأكسجين، ما حافظ على الحفريات في مكانها، وسمح بتراكم المواد النباتية وجثث الحيوانات، وتعرف البحيرة باسم "بيلابونج" في أستراليا.
ومع تسرب الجريان السطحي الغني بالحديد من جبال البازلت القريبة من تلك البحيرة، تسبب انخفاض درجة الحموضة في ترسيب الحديد، وتغليف المواد العضوية بشكل نتج عنه الحفاظ على الحفريات في صخور كثيفة غنية بالحديد تعرف باسم الجيوثايت.
وطريقة التحجر هذه غير شائعة على الإطلاق، إذ أن الحفريات عالية الجودة نادراً ما توجد في الصخور النارية، وغالباً ما يتجاهلها علماء الأحافير لصلابة تلك الصخور وصعوبة البحث فيها عن الحفريات.
وتؤكد حفريات الموقع الجديد أن الجيوثايت يمكن أن تحتوي على "حفريات رائعة"، حيث أنه نظراً لتركيبها الكيميائي المصبوغ بالحديد، فإن العديد من الحفريات في الموقع لها وميض لامع.
واكتشف الباحثون مجموعة مصغرة من حشرات السيكادا العملاقة، واليعسوب، والدبابير الطفيلية، عندما فصلوا الألواح الحجرية الملونة. وأوضحت صور الحفريات أن العديد منها محفوظ بشكل ملحوظ، وأن بعض الذباب القديم لا يزال يحمل السمات التفصيلية لعيونهم المركبة.
واستخرج الباحثون من الموقع أيضاً نحو 10 من العناكب القديمة، وعلى الرغم من أن تلك الحشرات تمتلك هياكل خارجية قوية، إلا أنها تكون هشة للغاية بعد الموت، وفي الغالب لا يُمكن العثور على حفرياتها.
وتم الحفاظ على الحفريات بشكل جيد للغاية، لدرجة أن علماء الأحافير كانوا قادرين على ملاحظة العلاقات بين الأنواع، إذ لاحظ الفريق وجود طفيليات مثبتة في ذيل سمكة، ونيماتودا تسللت إلى خنفساء طويلة القرون.
واستخدم الباحثون المجهر الإلكتروني وتقنيات التصوير الدقيق لفحص حفريات الغابات المطيرة. وأثناء تصوير ذبابة منشار متحجر، اكتشف الباحثون كتلة من حبوب اللقاح على رأس حشرة تشبه النحلة.
وكشفت حبوب اللقاح أن الغابة المطيرة كانت محاطة ببيئات أكثر جفافاً، ما يرجح أن ذلك الموقع يمثل رقعة متبقية من غابة كانت أكبر في السابق.
اقرأ أيضاً: