"محاكاة الشمس".. إنجاز أوروبي في تجارب الاندماج النووي

time reading iconدقائق القراءة - 5
صورة تعبيرية توضح عملية الاندماج النووي - Getty Images
صورة تعبيرية توضح عملية الاندماج النووي - Getty Images
دبي -الشرق

سجل علماء أوروبيون رقماً قياسياً جديداً لأكبر قدر من الطاقة، التي يتم توليدها من خلال عملية "الاندماج النووي"، وهو ما يعد أحدث تقدم توصلوا إليه في جهود استمرت لعقود لمحاكاة عملية إنتاج الطاقة التي تتم في الشمس، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

وذكرت الصحيفة، الأربعاء، أن فريقاً من الباحثين من اتحاد Eurofusion استطاع إنتاج 59 ميجاجول من الطاقة من خلال تفاعل استمر دون توقف لمدة 5 ثوانٍ، وهي كمية طاقة كافية لتشغيل نحو 60 غلاية مياه، وذلك في تجربة أجريت داخل منشأة تابعة لمشروع Joint European Torus الذي يُستخدم لإجراء التجارب الخاصة بعملية الاندماج النووي في أكسفورد ببريطانيا.

ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الذرية في المملكة المتحدة إيان تشابمان، قوله: "تمثل هذه النتائج المذهلة خطوة كبيرة نحو التغلب على أحد أكبر التحديات العلمية والهندسية على الإطلاق".

ووفقاً للصحيفة، فإن مشروع Joint European Torus عبارة عن تعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وسويسرا والمملكة المتحدة وأوكرانيا، تأسس في عام 1978.

ويضم المشروع أكبر وأقوى آلة في العالم من نوع tokamak، ابتكرها علماء من الاتحاد السوفييتي السابق في خمسينيات القرن الماضي.

وأوضحت الصحيفة أن الآلة تستخدم مغناطيساً شديد القوة لدمج اثنين من نظائر الهيدروجين (الديوتيريوم والتريتيوم)، حيث يتم تسخينهما إلى درجات حرارة أعلى من الشمس للسماح بحدوث اندماج الذرات ومن ثم إطلاق الطاقة.

وأشارت إلى أنه خلال نصف قرن من التجارب حول العالم، لم يتمكن العلماء من توليد طاقة من تفاعل الاندماج النووي هذا أكثر مما يستهلكه النظام كثيف الطاقة.

من جانبه، يقول آرثر توريل، الذي يوضح كتابه The Star Builders الجهود المبذولة لعدة عقود لتوليد الطاقة من خلال الاندماج النووي، إن الاختبار الناجح، الذي أدى لإنتاج أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق من الطاقة البالغ 22 ميجا جول، والذي تم تحقيقه في Joint European Torus عام 1997، يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام، مضيفاً أنها "تعادل قوة نحو 4 توربينات رياح، وهو ما يعد قريباً من النطاق الصناعي".

وذكرت الصحيفة أنه على عكس الانشطار النووي، لا تخلف عملية الاندماج هذه نفايات مشعة كبيرة، لكن التحدي الأكبر يتمثل في كيفية الحفاظ على استمرار التفاعل ومنعه من التوقف.

اكتشاف مذهل

ويتابع توريل "الحفاظ على استمرار توليد الطاقة لمدة 5 ثوان هو أمر ذو أهمية خاصة، فصحيح أن المدة لا تبدو مذهلة، لكن 5 ثوانٍ فترة طويلة بشكل لا يُصدق بالنسبة للحسابات الزمنية النووية".

ومن المتوقع أن يسهم التقدم المحرز في Joint European Torus في التجارب المستقبلية في "إيتير" وهو أكبر مشروع للاندماج النووي في العالم، قيد الإنشاء حالياً في فرنسا بتكلفة تزيد على 20 مليار دولار.

ويقول رئيس اتحاد Eurofusion الذي أجرى التجربة، توني دوني: "بعدما استطعنا الحفاظ على استمرار تفاعل الاندماج لمدة خمس ثوانٍ، فيمكننا القيام بذلك لمدة خمس دقائق ثم خمس ساعات، بينما نقوم بتوسيع نطاق عملياتنا في الآلات المستقبلية".

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن الطاقة الناتجة عن عملية الاندماج لديها الكثير من المتشككين، وذلك بالنظر إلى المدة التي تستغرقها لإحراز تقدم، ولكن لكونها أداة واعدة لمكافحة تغير المناخ قد زاد من الاهتمام بها على مدى العقد الماضي.

وتابعت "لا تخلف طاقة الاندماج أي غازات دفيئة كما أن المدخلات الكيميائية التي تُستخدم في العملية لا تنضب، إذ يوجد ما يقرب من 5 جم من الديوتيريوم في حجم المياه المستخدمة لملء حوض استحمام من مياه البحر، وبينما يصعب الوصول إلى التريتيوم، فإنه يمكن استخراجه من الليثيوم المعدني الشائع أو أنه يتولد في التفاعل نفسه، ونظرياً فإنه يمكن لكوب صغير من الوقود الناتج عن هذه العملية تشغيل المنزل لمئات السنين".

ونقلت الصحيفة عن وزير العلوم والبحوث والابتكار في المملكة المتحدة، جورج فريمان، قوله إن "المملكة المتحدة ملتزمة بالمساعدة على نجاح التجارب الخاصة بطاقة الاندماج".

وأضاف: "نحن مصممون على التأكد من اعتماد هذه الطاقة، وأن نؤكد أن هذه التكنولوجيا قادمة".

اقرأ أيضاً: