ينتج العالم بين 7 و10 مليارات طن من النفايات الصلبة كل عام، يتم التخلص من 70% منها في المكبات وتُدفن في التربة، حيث تتحلل ببطء إلى مكونات أبسط.
وما قد يبدو تراكماً خاملاً غير مُجدٍ لتلك النفايات، هو في الواقع نظام بيئي مُعقد تنتشر فيه مليارات من الجراثيم والكائنات الدقيقة التي تتغذى على تلك النفايات وتحولها إلى منتجات ثانوية من ضمنها ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من الغازات الدفيئة القوية والمساهمين الرئيسيين في تغير المناخ.
ويتم فصل معظم كميات الميثان المُولدة في مدافن النفايات وحرقها بعيداً، إلا أن الباحثين يأملون في الاستفادة من هذا المورد الذي يمكن تحويله إلى وقود أو كهرباء أو استخدامه لتدفئة المنازل.
وشكلت مدافن النفايات الصلبة عام 2019 ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان بنسبة 15% من إجمالي انبعاثات الميثان العالمية، وهي ما تعادل مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، أو تقريباً انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن نحو 22 مليون سيارة يتم قيادتها لمدة عام.
عُصارة القمامة
وفي دراسة جديدة نُشرت في مجلة علم الأحياء الدقيقة التطبيقية والبيئية، وجد الباحثون أن تكوين وسلوك الميكروبات المحددة الموجودة في مدافن النفايات القاحلة، مثل تلك الموجودة في ولاية "أريزونا" تختلف عن المجتمعات المماثلة في المناخات شبه الاستوائية أو المعتدلة، كما لاحظوا أن التركيب الميكروبي أيضاً يختلف اعتماداً على عمر رواسب مكب النفايات.
وتوصل المؤلف الرئيسي للدراسة مارك رينولدز، جنباً إلى جنب مع زملائه في جامعة ولاية أريزونا وفي مجموعة من المؤسسات الصناعية المختلفة، إلى هذه النتائج عبر دراسة المجتمعات الميكروبية المزدهرة في السائل الذي يتسرب عبر النفايات الصلبة في مكب النفايات، أو ما يعرف باسم "العُصارة".
ويأمل الباحثون من خلال فهم أفضل لسلوك هذه الكائنات الحية الدقيقة المنتجة للميثان في تحسين التقاط هذا المورد الحيوي وزيادة إنتاجه، كما أنه يمكن حصاد الميثان الزائد واستخدامه في توليد الكهرباء أو الوقود الكربوني المحايد أو لتدفئة المنازل. وبذلك لن يكون هناك حاجة إلى مزيد من معالجة الميثان.
ويمكن أن يساعد التقاط واستخدام الغازات المنتجة في مدافن النفايات في تقليل المخاطر المرتبطة بانبعاثات مدافن النفايات، ومنع غاز الميثان من التسرب إلى الغلاف الجوي.
وعادة ما يتم التقاط معظم غاز الميثان الذي تطلقه الكائنات الحية الدقيقة في مدافن النفايات كغاز حيوي ثم يتم حرقه لاحقاً، وتحويله إلى ثاني أكسيد الكربون. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة تحد من الآثار الضارة بالمناخ والمتعلقة بغاز الميثان، فإنها حل قصير الأجل وغير مناسب لمشكلة انبعاث غازات الاحتباس الحراري من مدافن النفايات.
ويمثل الميثان المفقود بخلاف تأثيره السلبي في المناخ، فرصة ضائعة لالتقاط هذا المورد الثمين. إذ تقدر الدراسة أن ما يقرب من خُمس مدافن النفايات في الولايات المتحدة يُمكن استخدامها في توليد الطاقة إذا أمكن التغلب على العقبات الاقتصادية والعقبات الأخرى.