كشف علماء من جامعة "بريستول" البريطانية مؤخراً، أن الحراشف الموجودة على أجنحة حشرة العث تعمل على امتصاص الموجات الصوتية بكفاءة حتى عند وضعها على أي سطح اصطناعي.
وقبل أكثر من 66 مليون عام، طورت الخفافيش قدرتها لتحديد الموقع بالصدى، إذ تُطلق موجات صوتية تجوب الأرجاء وتصطدم بالفريسة المحتملة لترتد مُوضحة موقعها، ولأن حشرة "العث" تعد إحدى الفرائس المُفضلة للخفافيش، فقد طورت بدورها وسيلة تُمكنها من الدفاع عن نفسها.
وهذا يعنى أن أجنحة العث توفر حماية صوتية من موجات تحديد الموقع بالصدى للخفافيش، إذ تتعرض حشرات العث لضغط الافتراس الهائل من الخفافيش وقد طورت عدداً كبيراً من الدفاعات في سعيها للبقاء على قيد الحياة، ولكن الحراشف على جناح العثة، هي أفضل أسلحتها المكتشفة على الإطلاق.
امتصاص الصوت
واختبر الباحثون تلك الحراشف عن طريق وضع أقسام صغيرة من أجنحة العثة على قرص من الألومنيوم، ثم درسوا بشكل منهجي كيفية تأثير اتجاه الجناح فيما يتعلق بالصوت الوارد، كما اختبروا الأمر ذاته لكن مع إزالة طبقات القشور التي تغطي الأجنحة.
ووجد الباحثون بشكل ملحوظ، أن أجنحة العثة تمتص الصوت بشكل ممتاز، حتى عندما تكون فوق طبقة صلبة تنقل الصوت، حيث تمتص الأجنحة ما يصل إلى 87 % من الطاقة الصوتية الواردة، كما أن التأثير يشمل نطاقاً عريضاً وشاملاً للصوت، ويغطي نطاقاً واسعاً من الترددات وزوايا سقوط الصوت.
وقال الباحثون إن الأمر الأكثر إثارة للإعجاب هو أن الأجنحة تفعل ذلك رغم أنها رقيقة بشكل لا يصدق، فطبقة الجناح لا تزيد على 1/50 من سمك الطول الموجي للصوت الذي تمتصه.
ويؤهل هذا الأداء الاستثنائي جناح العثة باعتباره سطحاً طبيعياً يمتص الصوت، وهو مادة لها خصائص وقدرات فريدة لا يمكن إنشاؤها باستخدام المواد التقليدية.
ولإمكانية إنشاء لوحات امتصاص الصوت فائقة الرقة آثار هائلة في عدة مجالات، فمع ارتفاع صوت المدن، تزداد الحاجة إلى حلول فعالة وغير تدخلية لتخفيف الصوت.
وسائط النقل
وبالمثل، يمكن أن يكون لهذه الألواح خفيفة الوزن الممتصة للصوت تأثيرات هائلة على صناعة السفر، مع أي توفير للوزن في الطائرات والسيارات والقطارات، ما يزيد من الكفاءة في وسائط النقل هذه، ويقلل من استخدام الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويخطط العلماء الآن لتكرار أداء امتصاص الصوت من خلال تصميم وبناء نماذج أولية تعتمد على آليات امتصاص الصوت للعثة.
ويقول الباحثون إن الامتصاص الذي تتميز به الحراشف الموجودة على جناح العثة يقع كله في نطاق تردد الموجات فوق الصوتية، فوق ما يمكن أن يسمعه البشر.
ويشير الباحثون إلى أن التحدي التالي هو تصميم هيكل يعمل بترددات منخفضة مع الاحتفاظ بنفس البنية فائقة النحافة التي تستخدمها العثة، إذ لفتوا إلى أن العث سيلهم الجيل القادم من مواد امتصاص الصوت.
فقد أظهرت تلك الحشرات أنه في يوم من الأيام سيكون من الممكن تزيين جدران المنزل بورق حائط فائق النحافة يمتص الصوت، باستخدام تصميم ينسخ الآليات التي تمنح العث تمويهاً صوتياً خفياً.