رصد إشارات غريبة "تُشبه نبضات القلب" من مجرة بعيدة

time reading iconدقائق القراءة - 5
مُخطط يُظهر إشارات راديوية غريبة التقطها علماء فلك في الولايات المتحدة من مجرة بعيدة - nature.com
مُخطط يُظهر إشارات راديوية غريبة التقطها علماء فلك في الولايات المتحدة من مجرة بعيدة - nature.com
القاهرة-محمد منصور

اكتشف علماء الفلك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، إشارة راديو غريبة ومستمرة، من مجرة ​​بعيدة لها انتظام مدهش.

وتُصنف الإشارة على أنها "انفجار راديوي سريع"، وهو اندفاع قوي للغاية من موجات الراديو من أصل فيزيائي فلكي غير معروف، والذي يستمر عادةً لبضعة أجزاء من الألف من الثانية على الأكثر.

ومع ذلك، تستمر هذه الإشارة الجديدة لمدة تصل إلى 3 ثوان، أي حوالي 1000 مرة أطول من متوسط ​​الانفجارات الراديوية السريعة.

وبحسب دراسة نُشرت، الأربعاء، في دورية "نيتشر"؛ اكتشف الفريق أن تلك الموجات الراديوية تتكرر كل 0.2 ثانية بنمط دوري واضح، يشبه ضربات القلب.

وقام الباحثون بتسمية الإشارة "FRB 20191221A"، وهي حالياً تُصنف على كونها من الموجات الراديوية الأطول عمراً، مع أوضح نمط دوري تم اكتشافه حتى الآن.

ويقع مصدر الإشارة في مجرة ​​بعيدة، على بعد عدة مليارات من السنوات الضوئية عن الأرض.

ولا يزال المصدر الذي يبث تلك الإشارة لغزاً، على الرغم من أن علماء الفلك يشكّون في أن الإشارة يمكن أن تنبعث من نجم نابض راديوي أو نجم مغناطيسي، وكلاهما نوع من النجوم النيوترونية ذات النوى الكثيفة للغاية وسرعة الدوران الهائلة.

ويقول باحث ما بعد الدكتوراه بمعهد كافلي للفيزياء الفلكية وأبحاث الفضاء التابع لمعهد "ماساتشوستس" دانييل ميتشيلي إنه "لا توجد أشياء كثيرة في الكون تُصدر إشارات دورية منتظمة مثل تلك الإشارة".

وأضاف: "من الأمثلة التي نعرفها في مجرتنا: النجوم النابضة الراديوية والمغناطيسية، التي تدور وتنتج شعاعاً شبيهاً بالمنارة. ونعتقد أن هذه الإشارة الجديدة يمكن أن تكون نجماً مغناطيسياً أو نجماً نابضاً".

ويأمل الفريق في اكتشاف المزيد من الإشارات الدورية من هذا المصدر، والتي يُمكن استخدامها بعد ذلك كساعة فيزيائية فلكية. على سبيل المثال، يمكن استخدام تواتر الدفقات وكيفية تغيرها مع تحرك المصدر بعيداً عن الأرض لقياس معدل تمدد الكون.

واكتُشفت الانفجارات الراديوية السريعة لأول مرة عام 2007، ومن وقتها تمكن العلماء من تحديد المئات من ومضات الراديو المماثلة عبر الكون، وآخرها بواسطة التجربة الكندية لرسم خرائط كثافة الهيدروجين والتي تستخدم تلسكوب "تشاميني".

ويراقب ذلك التلسكوب السماء باستمرار بينما تدور الأرض، وهو مصمم لالتقاط موجات الراديو المنبعثة من الهيدروجين في المراحل المبكرة جداً من الكون.

ويحتوي التلسكوب أيضاً على حساسات للانفجارات الراديوية السريعة، ومنذ أن بدأ في مراقبة السماء عام 2018 ، اكتشف "تشاميني" مئات من الدفقات الراديوية السريعة المنبثقة من أجزاء مختلفة من السماء.

لكن الغالبية العظمى من تلك الدفقات التي لوحظت حتى الآن، هي لمرة واحدة، ويمكن تشبيهها بالرشقات النارية فائقة السطوع من موجات الراديو التي تستمر لبضعة أجزاء من الألف من الثانية قبل أن تومض.

واكتشف الباحثون مؤخراً أول انفجارات راديوية سريعة دورية يبدو أنها تنبعث من نمط منتظم من موجات الراديو.

وتستقبل هذه الأجهزة الإشارة لمدة 4 أيام، وتتكون من رشقات نارية عشوائية تتكرر بعد ذلك كل 16 يوماً.

وأشارت دورة الـ 16 يوماً هذه إلى وجود نمط دوري للنشاط، على الرغم من أن إشارة الدفقات الراديوية الفعلية كانت عشوائية وليست دورية.

وفي 21 ديسمبر 2019، التقطت "تشاميني" إشارة من موجات الراديو السريعة المحتملة تلك، والتي لفتت انتباه ميتشيلي على الفور، والذي كان يفحص وقتها البيانات الواردة من المرصد.

ويتذكر قائلاً: "كان الأمر غير عادي. لم تكن (الإشارة) طويلة جداً، ودامت حوالي 3 ثوان، ولكن كانت هناك قمم دورية دقيقة بشكل ملحوظ، تنبعث منها كل جزء من الثانية (بوم- بوم- بوم) تماماً مثل ضربات القلب. هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها الإشارة نفسها دورية".

وفي تحليل نمط الاندفاعات الراديوية لـتلك الرشقات وجد ميتشيلي وزملاؤه أوجه تشابه مع الانبعاثات الصادرة من النجوم النابضة الراديوية والمغناطيسية في مجرتنا.

والنجوم النابضة الراديوية هي نجوم نيوترونية تنبعث منها حزم من موجات الراديو، وتبدو كأنها تنبض بينما يدور النجم، بينما تُنتج النجوم المغناطيسية انبعاثاً مشابهاً بسبب مجالاتها المغناطيسية الشديدة.

ويتمثل الاختلاف الرئيسي بين الإشارة الجديدة والانبعاثات الراديوية من النجوم النابضة والمغناطيسية بالمجرة في أن الانفجارات الراديوية السريعة المكتشفة حديثاً تبدو وكأنها من مصدر أكثر سطوعاً بمليون مرة.

ويقول ميتشيلي إن تلك الومضات المضيئة قد تنشأ من نجم نابض راديوي بعيد أو نجم مغناطيسي يكون عادة أقل سطوعاً أثناء دورانه، ولسبب غير معروف أطلق قطاراً من الانفجارات اللامعة، في نافذة نادرة مدتها 3 ثوان.

ويُثير هذا الاكتشاف التساؤل حول ما الذي يمكن أن يُسبب تكوين تلك الإشارة الغريبة.

تصنيفات