أجب بسرعة.. لتُصدَّق

time reading iconدقائق القراءة - 5
سيدتان تتحدثان أمام سيارة للشرطة وسط العاصمة الإسبانية مدريد - REUTERS
سيدتان تتحدثان أمام سيارة للشرطة وسط العاصمة الإسبانية مدريد - REUTERS
القاهرة - محمد منصور

قالت دراسة نفسية حديثة إنه حين يتردد الشخص قبل الإجابة عن سؤال ما، حتى وإن كان لبضع ثوانٍ، فإن المتلقي يظن أن الإجابة أقل صدقاً وموثوقية مُقارنة بالرد الفوري.

وفي الدراسة التي نشرتها دورية علم النفس الأميركية، طالب الباحثون نحو 7500 مشارك من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بأن يستمعوا إلى مقتطف صوتي أو يشاهدوا مقطع فيديو أو يقرأوا حساباً لشخص يجيب عن سؤال بسيط، مثل: "هل أحبوا كعكة صنعها أحد الأصدقاء، أو هل سرقوا المال من العمل"، ثم طُلب من المشاركين تصنيف شعورهم بصدق الإجابة عن مقياس متدرج.

وفي جميع التجارب البالغ عددها 14 تجربة، صنف المشاركون باستمرار الردود المتأخرة على أنها أقل صدقاً بغض النظر عن السؤال، سواء كان غير مؤذٍ عن الكعكة أو أكثر جدية بشأن ارتكاب جريمة.

وأظهرت النتائج أن المتطوعين يظنون أن الردود التي استغرقت وقتاً أطول للإجابة، غير صادقة، نظراً لمحاولة الشخص لقمع الحقيقة أو افتعال إجابة غير صادقة، وفق الدراسة، إذ "يبدو أن للناس نظرة عامة إيجابية عن سرعة الاستجابة، حيث حكم المتطوعون بشكل منهجي على الردود الأبطأ (مقابل الأسرع) باعتبارها أقل صدقاً".

الباحث الرئيسي في الدراسة، إجنازيو زيانو قال لـ"الشرق"، إن العمل على الدراسة استغرق نحو 3 سنوات كاملة، مضيفاً أن "فكرة الدراسة بدأت عندما كنت في حفل مكتبي أتناول كعكة صنعها أحد الزملاء ولم أحبها. بدأت أتخيل ما سيحدث إذا سألني الزميل الذي أعد الكعكة إذا كنت أحببتها أم لا. هل سيصدقني الزميل إذا أجبت بشكل أسرع أم أبطأ؟".

ظروف تقلل من تأثير سرعة الاستجابة

ووجد الباحثون أن بعض الظروف قللت من تأثير سرعة الاستجابة تلك، على وصف المتلقي الإجابات بالصدق أو الكذب. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الإجابة غير مرغوب فيها اجتماعياً، مثل قول: "لا. لم أحبها" (فيما يتعلق بالسؤال عن الكعكة)، فإن سرعة الاستجابة لن تهم كثيراً سواء كان الجواب سريعاً أم بطيئاً. 

في المقابل، أشار الباحثون إلى أن الإجابة الأسرع قد تكون ذات مصداقية أقل في بعض الأسئلة، كما في حال الإجابة عن سؤال "هل سرقت الحلوى قبل 10 سنوات؟"، إذ قال الباحثون إن سرعة الاستجابة في تلك الحالة ستكون دليلاً على "مصداقية أقل"، فالعقل مجبر على التفكير لبعض الوقت لتذكر الإجابة الصحيحة.

ويرى الباحثون أن "تلك النتائج لها أهمية كبيرة. فعندما يتفاعل الناس في حواراتهم اليومية، فإنهم يحكمون على صدق بعضهم". 

عوامل مختلفة

ويمكن تطبيق هذه النتائج على مجموعة واسعة من التفاعلات، بدءاً من الدردشة في مكان العمل إلى المشاحنات بين الأزواج والأصدقاء. علاوةً على ذلك، في مقابلات العمل وجلسات الاستماع والمحاكمات، غالباً ما يتم تكليف الأشخاص بإصدار أحكام صادقة. وهنا أيضاً، يمكن أن تلعب سرعة الاستجابة دوراً.

حاول أن تتخيل اثنين في مقابلة للعمل في وظيفة، يسألهم المدير إذا ما كانوا يعرفون مهارة البرمجة بالجافا سكريبت. يرد الأول على الفور بنعم، فيما يستغرق الثاني ثواني قليلة للرد. سيعتبر المدير فوراً أن الأول هو الأكثر صدقاً.

هناك مجال آخر قد يكون فيه وقت الاستجابة مهماً وهو ردود أفعال هيئة المحلفين على الشهادة في المحكمة.

في تلك الحالة، سيكون من الظلم للمستجيب، مثل المشتبه به في جريمة، إذا كان تأخر الرد يُنسب بشكل خاطئ إلى تلفيق الإجابة عندما كان في الواقع ناتجاً عن عامل مختلف، مثل مجرد التشتت أو التفكير.

يقول زيانو: "قد يكون لبضع ثوانٍ أهمية بالنسبة إلى مدى صدق الحكم عليك، خاصةً إذا كانت الإجابة بسيطة نسبياً، لكن الحكم على إجابات الناس بمقياس سرعة ردودهم قد يكون أمراً خاطئاً بشكل كُلي".