يشير دليل جديد خلص إليه عدد من العلماء إلى وجود مياه سائلة تحت سطح الكوكب السيار المريخ.
ويعد هذا الاكتشاف إنجازاً كبيراً في البحث عن دليل يؤكد أن المريخ أكثر رطوبة مما يبدو، وكذلك في مجال البحث عن أشكال حياة فضائية يستضيفها الكوكب.
يقول علماء إن النتائج الجديدة تنطوي للمرة الأولى على دليل يشير إلى وجود مياه تحت سطح المريخ باستخدام بيانات ليست مستمدة من الرادار. هكذا، فإنها تقدم رأياً إضافياً مفاده أن "الكوكب الأحمر" قد يكون صالحاً للعيش.
وحذر العلماء من أن نتيجة البحث "لا تعني بالضرورة وجود حياة على سطح المريخ"، ولكنها تشير إلى أنه ربما في فترة من الزمن كان الكوكب أكثر قابلية للعيش، وفق الباحثين.
في الدراسة، استخدم الباحثون نظام ليزر على مركبة فضائية بغرض تحديد تغيرات صغيرة شهدتها ارتفاعات القمم الجليدية على المريخ. في مرحلة لاحقة، قارنوا تلك الأنساق بنموذج حاسوبي افتراضي وضع توقعات في شأن التغيرات التي ربما يطرحها على السطح وجود كتلة مائية تحت تلك القمم الجليدية - ووجدوا أنهما متطابقتان.
رصد بالرادار
سبق أن استخدم العلماء المسح بأجهزة الرادار بحثاً عن معلومات تشير إلى احتمال وجود مياه تحت الجليد، ولكن بعض الباحثين أوضحوا أن البيانات المستقاة من الرادار تحتمل تفسيرات أخرى منتقدين تلك النتائج.
الآن، تعد النتائج الجديدة دليلاً آخر على أن المريخ في الواقع يحتوي على مياه سائلة تحت قطبه الجنوبي.
تولت جامعة كامبريدج الإنجليزية الإشراف على العمل الذي ضم علماء من "جامعة شيفيلد" و"الجامعة المفتوحة" Open University في بريطانيا. أما التفاصيل في شأن عملهم فعرضتها ورقة بحثية جديدة بعنوان "التأثير الطبوغرافي السطحي للمياه السفلية تحت الغطاء الجليدي للقطب الجنوبي على المريخ"، فنشرت في مجلة "نيتشر أسترونومي" Nature Astronomy الأحد.
أسوة بالأرض يحتوي المريخ قمماً جليدية مائية سميكة في كل من قطبيه، أي ما يعادل في الحجم الإجمالي الغطاء الجليدي في جرينلاند تقريباً.
وتحت الصفائح الجليدية على الأرض تقع قنوات مملوءة بالمياه وحتى بحيرات تحت جليدية كبيرة، ولكن، كان يعتقد حتى وقت قريب أن نظيرتها الموجودة على المريخ متجمدة صلبة وصولاً إلى قيعانها بسبب مناخ المريخ البارد.
يقول فرانسيس بوتشر، الباحث الثاني في الدراسة من "جامعة شيفيلد": "تقدم الدراسة أفضل مؤشر حتى الآن على وجود ماء سائل على المريخ، وذلك أننا وجدنا الآن على سطح الكوكب اثنين من الأدّلة الرئيسة التي سنفتش عنها عند البحث عن بحيرات تحت جليدية على الأرض".
وأضاف: "معلوم أن الماء السائل عنصر أساسي للحياة، على رغم أنه لا يعني بالضرورة وجود الحياة على سطح المريخ".
صعوبة العيش
وفق الباحث بوتشر: "كي يكون في هيئة سائلة وسط درجات الحرارة المنخفضة هذه قد يكون الماء الموجود أسفل القطب الجنوبي مالحاً جداً، فيكون من الصعب على أي حياة ميكروبية العيش فيه".
"ومع ذلك، يعطي (هذا الرصد) أملاً في أن الكوكب اشتمل في الماضي على بيئات صالحة للعيش عندما كان المناخ أقل تطرفاً (أكثر اعتدالاً)"، وفقاً لرأي الدكتور بوتشر.
وفي عام 2018، استخدم العلماء رادار "مارس إكسبرس" أو "المريخ إكسبرس" Mars Express التابع لـ"وكالة الفضاء الأوروبية" من أجل تفحص الغطاء الجليدي للمريخ.
وجد الجهاز أن المنطقة الواقعة تحت الجليد تعكس إشارات الرادار بقوة - فأشار العلماء إلى أنها تشكل دليلاً على وجود ماء سائل، لكن مجموعة من الدراسات اللاحقة أفادت بأن مواد أخرى ربما تكون عاكسة شأن الماء تماماً، وأن الاحتمال الذي يقول إن الانعكاسات تعزى إلى الماء كان أقل ترجيحاً نظراً إلى أنه سيحتاج إلى مصدر حرارة آخر (إضافي) ليبقى سائلاً.
على هذا النحو، اعتقد علماء كثر أن الإشارة إلى وجود المياه فعلاً على المريخ تستدعي توفر مزيد من الأدلة.
وتطرق إلى النتائج البروفيسور نيل أرنولد، من "معهد سكوت بولار للبحوث" في "جامعة كامبريدج" الذي أشرف على البحث، فقال "إن الجمع بين الأدلة الطبوغرافية الجديدة ونتائج نماذجنا الحاسوبية وبيانات الرادار تزيد من احتمال وجود منطقة واحدة من المياه السائلة على أقل تقدير تحت الطبقة الجليدية على كوكب المريخ، اليوم، وأنه لا بد من أن المريخ ما زال نشطاً في ما يتصل بالطاقة الحرارية الجوفية كي يحافظ على الماء تحت الغطاء الجليدي على هيئة سائل".
(شاركت "برس أسوسييشن" في إعداد التقرير)
*هذا المحتوى من موقع "اندبندنت عربية"
اقرأ أيضاً: