أظهرت دراسة علمية نُشرت في المجلة البريطانية لعلم الاجتماع التربوي أنّ المعلمين يميلون لإعطاء درجات أكبر للطالبات في حالة تساوي مستوياتهن مع الطلاب الذكور.
وقالت الدراسة التي أجريت على عشرات الآلاف من التلاميذ ومعلميهم إنّ الفتيات يُمنحن بشكل روتيني درجات أكثر سخاءً من الأولاد الذين يتمتعون بنفس الكفاءات الأكاديمية.
وقد يعني هذا التحيّز ضد الطلاب الذكور الفرق بين النجاح والفشل في مواد مثل الرياضيات. ويمكن أن تكون له عواقب أوسع في مجالات مثل القبول في الجامعات والوظائف.
وتعد تلك الدراسة هي الأولى من نوعها التي تثبت أن المشكلة منهجية، أي تُمارس على نطاق واسع بنفس القدر، كما أنها موجودة في مجموعة متنوعة من البيئات التعليمية وبغض النظر عن مشاعر المعلمين وسماتهم النفسية.
والفجوات المتعلقة بنوع الجنس في التحصيل التعليمي شائعة بجميع أنحاء العالم. وفي تلك الدراسة استخدم العلماء نتائج الاختبارات الموحدة التي لها نظام تسجيل معياري. ولاحظوا تفوق الفتيات على الأولاد في العلوم الإنسانية واللغات ومهارات القراءة، بينما كان أداء الأولاد أفضل في الرياضيات.
لكن وعندما وصلت التجربة إلى فرز النتائج ومنح الدرجات من قبل المعلمين، كان أداء الإناث أفضل من الذكور في جميع المواد.
ولمعرفة لماذا تميل تقييمات المعلمين إلى تفضيل الإناث، بدأ باحثو جامعة "ترينتو" الإيطالية مقارنة الدرجات التي حصل عليها نحو 40 ألف طالب في الاختبارات الموحدة للغات والرياضيات مع الدرجات التي حققوها في اختبارات الفصول الدراسية.
كان الطلاب البالغ عددهم 38 ألفاً و957 طالباً في الصف العاشر، وتتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 16 عاماً.
وكان أداء الفتيات أفضل من الأولاد في الاختبارات الموحدة للغات، بينما كان الأولاد متقدمون بشكل ملحوظ في الرياضيات.
لكن المدرسين وضعوا الفتيات في المقدمة في كلا المادتين. وبلغ متوسط درجات الفتيات في اللغة 6.6 (من 10)، مقابل 6.2 للأولاد.
وفي الرياضيات، كان متوسط درجات الفتيات 6.3 بينما كان متوسط درجات الأولاد 5.9، وهو أقل من علامة النجاح البالغة 6 درجات.على الرغم من أن متوسط درجات الطلاب الذكور طبقاً لفرز أوراق الاختبارات كانت أعلى من الفتيات بأكثر من درجة كاملة.
وأظهر التحليل أيضاً أنه عندما يكون الفتى والفتاة مؤهلين بشكل مماثل في مادة ما، فإن الفتاة عادة ما تحصل على درجة أعلى.
عوامل مؤثرة
وللمساعدة في الكشف عن سبب إعطاء درجات أعلى للفتيات. نظر الباحثون فيما إذا كانت العوامل، مثل نوع المدرسة وحجم الفصول الدراسية وتركيبها الجنساني، تدفع الفجوة في الدرجات بين الجنسين.
كما قاموا بالتحقيق فيما إذا كانت سمات المعلمين أنفسهم، مثل مستواهم في التدريس أو خبرتهم وما إذا كانوا ذكوراً أم إناثاً.
وعثر الباحثون على عاملين فقط لهما تأثير، وفقط في حالة رصد درجات مادة الرياضيات. إذ كانت الفجوة بين الجنسين في درجات الرياضيات أكبر عندما كانت الفصول أكبر.
كما تم تصنيف الفتيات على أنهن متقدمات على الأولاد في المدارس الفنية والأكاديمية مقارنة بالمدارس المهنية. ولم يكن لأي من العوامل الأخرى أي تأثير كبير في تقليل فجوة الدرجات بين الجنسين.
وبشكل عام، تظهر النتائج لأول مرة أنّ إعطاء الدرجات الأعلى للفتيات، منهج متكرر لا ينبع من فشل مدرس واحد في رصد الدرجات، وقد اعتبره الباحثون "جزءاً لا يتجزأ من النظام المدرسي بأكمله".
ويقول مؤلفو الدراسة أيضاً إنّه من الممكن أن يكافئ المعلمون دون وعي الطلاب الذين يظهرون سلوكاً أنثوياً تقليدياً أثناء القراءة، كما أنهم يأخذون في اعتبارهم الهدوء والأناقة التي تميز الفتيات، ويعتبرون أنّ التدريس للفتيات أسهل من الفتيان.
نظرية أخرى هي أنّ الدرجات الأكبر في الرياضيات هي طريقة لمحاولة تشجيع الفتيات، اللواتي غالباً ما يُنظر إليهن على أنهن أضعف في هذا الموضوع.
وخلص مؤلفو الدراسة إلى أنّ التحيّز ضد الأولاد في المدارس كبير، ويمكن أن تكون له عواقب طويلة المدى.
وتقول الباحثة بجامعة "ترينتو" إيلاريا ليفور، وهي المؤلفة الرئيسية لتلك الدراسة إنّ "هناك علاقة قوية بين الحصول على درجات أعلى والنتائج التعليمية المرغوبة، مثل القبول في كليات جيدة أو انخفاض احتمالية التسرب من المدرسة".
وبالتالي، ترتبط الدرجات العليا أيضاً بنتائج أخرى، مثل الحصول على أرباح أعلى، أو الحصول على وظيفة أفضل أو حتى مستوى أعلى من الرضا عن الحياة.
وتشمل قيود الدراسة استخدام الدرجات التي تم منحها جزئياً خلال العام الدراسي. قد تختلف هذه عن الدرجات النهائية للطلاب وبالتالي أثرت على النتائج.
اقرأ أيضاً: