الطريق إلى المريخ.. كيف ستنجح ناسا في إرسال البشر للكوكب الأحمر؟

time reading iconدقائق القراءة - 12
صورة نشرتها ناسا بعد هبوط مسبارها على المريخ - AFP
صورة نشرتها ناسا بعد هبوط مسبارها على المريخ - AFP
القاهرة-محمد منصور

في عام 2010، صدر قانون تفويض وكالة ناسا، وهو قانون أميركي يُصرح بتخصيص اعتمادات وكالة ناسا للسنوات المالية (2011 و2012 و2013). 

ودعّم التفويض "المميز" في بنوده المنبثقة عن مراجعة شاملة قامت بها لجنة أوغسطين لخطط رحلات الفضاء المأهولة، النمو الشامل في العلوم والملاحة الجوية الهادفة، على المدى الطويل، لتوسيع الوجود البشري الدائم خارج مدار الأرض المنخفض.

وأقرّ الكونغرس حينها عملية ربط جهود رحلات الفضاء البشرية بـ"الاحتياجات والتحريات الوطنية والعالمية"، ودعم ناسا بميزانية لتوفير برنامج استكشاف الفضاء المستدام، ودعم الأداء السليم وتعظيم استخدام القوة العاملة للوصول إلى الحلم "استيطان المريخ".

وفي الوقت الحالي، تعمل وكالة ناسا على تطوير القدرات اللازمة لإرسال البشر إلى كويكب بحلول عام 2025، وإلى المريخ في ثلاثينات القرن الحالي، وهي الأهداف المحددة في قانون تفويض ناسا لعام 2010 وفي سياسة الفضاء الوطنية الأميركية، الصادرة أيضاً في عام 2010.

فماذا فعلت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" منذ ذلك التوقيت حتى الآن لدعم الوصول البشري إلى المريخ؟

التقنية الأولى: الدفع النووي

بينما درس المستكشفون الآليون المريخ لأكثر من 40 عاماً، بدأ مسار ناسا للاستكشاف البشري للمريخ في مدار أرضي منخفض على متن محطة الفضاء الدولية، يساعد رواد الفضاء في المختبر المداري على إثبات العديد من التقنيات وأنظمة الاتصالات اللازمة للبعثات البشرية إلى الفضاء السحيق، بما في ذلك المريخ. 

وتعمل المحطة الفضائية أيضاً على تطوير فهمنا لكيفية تغير الجسم في الفضاء ،وكيفية حماية صحة رواد الفضاء.

وبدأ تطوير تكنولوجيا الوصول للمريخ منذ ثلاثينات القرن العشرين، أي حتى قبل الوصول للقمر أو للمدار المنخفض حول الأرض. 

وتقول وكالة ناسا إن الوصول للكوكب الأحمر يستلزم وجود أنظمة دفع قوية تسافر في رحلة تبلغ مسافتها 140 مليون ميل في المتوسط 257 مليون كيلومتر، والعودة بأمان إلى الأرض. 

ورغم أنه من السابق لأوانه تحديد نظام الدفع الذي سيأخذ رواد الفضاء إلى المريخ، فإن علماء ناسا يعلمون أنهم بحاجة إلى نظام "نووي" لتقليل وقت السفر. 

وتعمل وكالة ناسا على تطوير خيارات متعددة، بما في ذلك الدفع الحراري النووي والكهربائي النووي، وكلاهما يستخدم الانشطار النووي لكنهما مختلفان تماماً عن بعضهما، فالصاروخ الكهربائي النووي أكثر كفاءة (أي أن معدل قطعه لمسافة معينة قياساً بالطاقة أفضل)، لكنه لا يولد الكثير من الدفع. 

وأياً كان النظام الذي يتم اختياره حسب ما ورد في الموقع الرسمي لوكالة ناسا، ستعمل أساسيات الدفع النووي على تقليل الوقت الذي يقضيه الطاقم بعيداً عن الأرض. 

وتعمل الوكالة وشركاؤها على تطوير واختبار المكونات الأساسية لتقنيات الدفع المختلفة، لتقليل مخاطر أول مهمة بشرية إلى المريخ.

التقنية الثانية: درع حراري

حتى الآن، لا يزيد حجم أكبر مركبة فضائية آلية وصلت للمريخ على حجم سيارة تقريباً، وسيتطلب إرسال البشر إلى المريخ مركبة فضائية أكبر بكثير. 

وستسمح التقنيات الجديدة للمركبات الفضائية الأثقل بدخول الغلاف الجوي للمريخ، والاقتراب من السطح، والهبوط بالقرب من المكان الذي يرغب رواد الفضاء في استكشافه.

وتعمل ناسا على "درع حراري مطوي" قابل للنفخ على أن يشغل مساحة أقل في الصاروخ الحامل للمركبة، ويمكن لتلك التكنولوجيا المساعدة في هبوط المركبة فضائية على أي كوكب له غلاف جوي، إذ ستتمدد وتنتفخ قبل أن يدخل الغلاف الجوي للمريخ، ليضع وسائل الإعاشة ومعدات الاختبار ورواد الفضاء بأمان.

وسيوضح اختبار طيران قادم لنموذج أولي يبلغ قطره 6 أمتار، كيفية أداء ذلك الدرع أثناء دخوله الغلاف الجوي للأرض، وسيثبت الاختبار قدرته على تحمل الحرارة الشديدة أثناء دخول المريخ.

التقنية الثالثة: بدلات حماية

يُعد المريخ وجهة غنية للاكتشافات العلمية والاستكشاف الآلي والبشري، ويمكن مقارنة تكوينه وتطوره بالأرض، ما يساعد البشرية على معرفة المزيد عن تاريخ الكوكب ومستقبله. 

إلّا أن المريخ كانت له ظروف مناسبة للحياة في الماضي، إذ يمكن للاستكشافات المستقبلية إيجاد دليل على الحياة، لتجيب على أحد الألغاز الأساسية للكون وهو: "هل توجد الحياة خارج الأرض؟"، وللوصول إلى تلك المعلومات نحتاج لوجود بشري على سطح الكوكب الأحمر.

وتقوم وكالة الفضاء الأميركية بتطوير بدلات فضاء جديدة للتنقل خارج المركبة، والتي ستمثل  الجيل التالي من بدلات الفضاء التي سمحت للرواد بالمشي على سطح القمر والمعروفة باسم "XTMU"، لكنها توفر مجموعة من الخصائص المختلفة لمعالجة الاختلافات بين المريخ والقمر.

ويجب على البدلة الجديدة دعم الحياة في الغلاف الجوي الغني بثاني أكسيد الكربون، والحفاظ على دفء الرواد أثناء شتاء المريخ القاسي، ومنع ارتفاع درجة حرارة أجسادهم في فصل الصيف، مع عدم إعاقة حركة الرواد أثناء أداء المهام المختلفة.

التقنية الرابعة: المنزل الجوال

ولتقليل عدد العناصر اللازمة للهبوط على السطح، ستكون عربة الهبوط هي نفسها منزل الرواد ومركبة الفضاء التي ستلحق مرة أخرى بالصاروخ في المدار للعودة إلى الأرض بعد انتهاء المهمة.

وأجرت وكالة ناسا اختبارات مكثفة للمركبة على الأرض لتطوير منزل متنقل مضغوط على سطح القمر، إذ سيتمكن الرواد الذين يعيشون ويعملون في المركبة الفضائية القمرية المضغوطة من تقديم ملاحظات للمساعدة في تحسين المركبات التي ستستخدم في استعمار المريخ.

كما ستساعد المركبات الروبوتية الموجودة هناك في الوقت الحالي على تصميم "المركبة/ المنزل"، وتحسين كل شيء داخلها، بداية من العجلات حتى أنظمة الإمداد بالهواء.

وستحتوي "العربة الجوالة"أو "المنزل الجوال"، بداخله على كل شيء يحتاجه رواد الفضاء للعيش والعمل لأسابيع، إذ يمكنهم القيادة بملابس مريحة، على بُعد عشرات الأميال من المركبة الفضائية التي ستعيدهم إلى الفضاء في رحلة العودة إلى الأرض. 

وعندما يواجهون مواقع مثيرة للاهتمام، يمكن لرواد الفضاء ارتداء بدلاتهم الفضائية عالية التقنية للخروج من "العربة الجوالة" وجمع العينات وإجراء التجارب العلمية.

التقنية الخامسة: شحن الأجهزة

ومثلما نستخدم الكهرباء لشحن أجهزتنا على الأرض، سيحتاج رواد الفضاء إلى مصدر طاقة موثوق لاستكشاف المريخ، يجب أن يكون النظام خفيف الوزن وقادر على العمل بغض النظر عن موقعه أو الطقس على الكوكب الأحمر.

ولدى المريخ دورة نهارية وليلية مثل الأرض، كما أن طقسه يمتلئ بالعواصف الترابية الدورية التي يمكن أن تستمر لأشهر، ما يجعل طاقة الانشطار النووي خياراً أكثر موثوقية من الطاقة الشمسية. 

واختبرت ناسا بالفعل التكنولوجيا على الأرض، وأثبتت أنها آمنة وفعالة ووفيرة بما يكفي لتمكين البعثات الفضائية طويلة الأمد، إذ تخطط ناسا لاستخدام نظام الطاقة الانشطاري على القمر أولاً، ثم المريخ.

التقنية السادسة: توصيل المعلومات

ربما تستخدم البعثات البشرية إلى المريخ أشعة الليزر للبقاء على اتصال بالأرض، ويمكن لنظام اتصالات ليزر في المريخ إرسال كميات كبيرة من المعلومات والبيانات في الوقت الحقيقي، بما في ذلك الصور عالية الدقة وموجزات الفيديو.

وأيضاً ربما يستغرق إرسال خريطة تفصيلية عن جغرافيا المريخ إلى الأرض 9 سنوات مع أنظمة الراديو الحالية، ولكن قد يستغرق أقل من 9 أسابيع مع استخدام الليزر. 

وستسمح التكنولوجيا أيضاً بالتواصل مع رواد الفضاء، ورؤية وسماع المزيد من مغامراتهم على الكوكب الأحمر.

إلّا أن هناك تحديات للتواصل عن طريق أشعة الليزر، تشمل إتقان نظام التوجيه، والسحب واضطرابات الاتصالات الأخرى.