أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون بجامعة "موناش" في أستراليا ونشرت في دورية "نيتشر"، أن عملية متميزة تسمى "التخليق الكيميائي" تغذي الميكروبات في أعماق المحيطات المظلمة، وذلك من خلال استخدام مركبات غير عضوية.
وحاول الباحثون طوال عقود فهم الكيفية التي تعيش بها البكتيريا الموجودة في أعماق المحيطات، حيث لا يوجد الكثير من ضوء الشمس أو العناصر الغذائية.
ووجد الباحثون في الدراسة الجديدة، أن العديد من بكتيريا المحيطات تعيش بالفعل عن طريق استهلاك الهيدروجين وأول أكسيد الكربون، كمصدر للطاقة.
وقالت الباحثة في قسم الأحياء الدقيقة بالجامعة، راشيل لابان، وهي المؤلفة الأولى للدراسة، إن "استراتيجية البقاء هذه أكثر شيوعاً في أعماق المحيط، حيث يوجد ضوء أقل".
وأضافت لـ"الشرق" أنه من المهم دراسة كيفية بقاء البكتيريا في المحيط، وإنتاج واستهلاك العناصر الغذائية، والتكيّف مع بيئتها، لافتة إلى أن ذلك يساعد في فهم كيفية عمل الحياة في المحيط، والتنبؤ بكيفية استجابة البكتيريا لتغير المناخ أو الضغوط البيئية الأخرى.
نوعان من الغازات
وتتحدى الدراسة الفكرة التي تؤكد أن الجزء الأكبر من الحياة في المحيط تغذيها عملية التمثيل الضوئي عبر أشعة الشمس، إذ يعتقد معظم العلماء أن الحياة الميكروبية في المحيط، مدفوعة أساساً بعملية التمثيل الضوئي أو النمو باستخدام الطاقة الضوئية.
وأظهر الباحثون في الدراسة أنه بدلاً من التمثيل الضوئي، تستخدم الكائنات عملية "التخليق الكيميائي".
وكشفت الدراسة، التي استمرت 5 سنوات، أن اثنين من الغازات الشائعة وهما الهيدروجين وأول أكسيد الكربون، يعملان كوقود لتريليونات الميكروبات في المحيط، من المناطق المدارية إلى القطبين.
ووجد الباحثون أن الجينات التي تمكن تلك الكائنات من استهلاك الهيدروجين موجودة وفعالة ونشطة في ثمانية أنواع من الميكروبات.
وتحتوي الطبقات السطحية لمحيطات العالم بشكل عام على مستويات عالية من الهيدروجين المذاب وغازات أول أكسيد الكربون، بسبب العمليات الجيولوجية والبيولوجية المختلفة.
وترى الدراسة أن الهيدروجين وأول أكسيد الكربون "يغذيان" الميكروبات في جميع المناطق من الخلجان الحضرية إلى الجزر الاستوائية إلى مئات الأمتار تحت السطح، كما يمكن العثور على بعض الكائنات التي تتغذى بنفس الكيفية، تحت الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية.
وتُظهر هذه النتائج أن البكتيريا الموجودة في المحيط "مرنة جداً" في نظامها الغذائي، باستخدامها مصادر الطاقة البديلة، كما تلقي الضوء على كيفية دعم المحيط لمثل هذه الحياة المتنوعة، حتى في الأماكن التي لا يخترقها الضوء.
اقرأ أيضاً: