أظهرت دراسة حديثة حلّلت أكبر حزمة بيانات وراثية لحيوان الماموث الصوفي، معلومات فريدة حول هذا الحيوان الأيقوني، الذي ينتمي لفصيلة الفيلة في العصر الجليدي.
ومن بين المعلومات الجديدة التي تم الكشف عنها في هذه الدراسة، تفاصيل حول شعره المنتفش وأذنيه الصغيرتين، وقدرته على تحمل البرودة وتخزين الشحوم، بالإضافة إلى شمع آذانه الجاف.
وقال باحثون إنهم حللوا الشريط الوراثي (الجينوم) لثلاثة وعشرين من حيوانات الماموث الصوفي، استناداً إلى بقايا محفوظة في التربة الصقيعية السيبيرية، ثم قارنوها بالشريط الوراثي لثمانية وعشرين فيلاً آسيوياً وأفريقياً من العصر الحديث.
ديفيد دييز ديل مولينو، المتخصص في علم الوراثة التطوري من مركز الحفريات القديمة في ستوكهولم، وقائد فريق كتابة الدراسة التي نشرت في مجلة "كرنت بايولوجي" العلمية، الجمعة، قال إن "الهدف كان العثور على تلك الطفرات الموجودة في جميع أنواع الماموث لكنها غير موجودة في أي من الفيلة، أي صور التكيف الوراثي الموجودة حصرياً لدى الماموث الصوفي".
وأضاف دييز ديل مولينو: "وجدنا أن جينات الماموث الصوفي تضمنت صوراً من التكيف الجزيئي تتعلق بمواكبة البيئات القطبية الشمالية الباردة، مثل الفراء الكثيف، وتخزين الشحوم والأيض، والاستشعار الحراري، وصوراً أخرى من التكيف".
التكيف الوراثي للماموث
وشملت الدراسة شريطاً وراثياً لماموث عاش قبل 700 ألف عام، وهو وقت قريب من نشأة الماموث في سهوب سيبيريا، وأشرطة وراثية لحيوانات ماموث أخرى عاشت في أوقات لاحقة، وهو ما يقدم لمحة عن كيفية تطور التكيف الوراثي في الماموث.
وأظهرت الدراسة الجديدة أن 92% من الطفرات الفريدة ظهرت بالفعل منذ نشأة الماموث، مع استمرار التطور في سمات بعينها. على سبيل المثال، استمر فراء حيوانات الماموث في الانتفاش وآذانها في الصغر بمرور الوقت.
وقال لاف دالين، المتخصص في علم الوراثة التطوري بمركز الحفريات القديمة في ستوكهولم وأحد كبار كتاب الدراسة: "ربما كان للماموث في دراستنا الذي عاش قبل 700 ألف عام أذنان أكبر من أذني حيوانات الماموث التي عاشت في العصر الجليدي الأخير".
وكان من بين الجينات عالية التطور، واحداً أدى عند "تثبيطه" لدى جرذان الاختبار، إلى صِغر آذانها بشدة.
وكانت حيوانات الماموث الصوفي تقريباً في حجم الفيلة الأفريقية، المعاصرة التي يبلغ ارتفاعها نحو أربعة أمتار، لكن آذانها كانت أصغر كثيراً، لتقليل فقدها لحرارة الجسد عما لو كانت آذانها ذات سطح كبير.
واختلفت عدة جينات تتعلق بنوعية الفراء ونموه عن الفيلة المعاصرة. وأحد تلك الجينات يرتبط عند وجوده لدى الإنسان بمتلازمة الشعر غير القابل للتمشيط، وهي حالة تتسم بجفاف الشعر وتجعده وعدم التمكن من تمشيطه بشكل مستو. وفي حيوانات الماموث، ربما أسهم الشعر الأكثر انتفاشاً، بالإضافة إلى ترسبات الدهون، في تكوين طبقة عازلة في البرد القارس.
وحدثت لدى حيوانات الماموث طفرة في جين يرتبط لدى البشر بجفاف شمع الأذن، إلا أن ميزة ذلك للماموث غير معروفة. والطفرة نفسها مرتبطة بعدم وجود رائحة عرق نفاذة بمنطقة الإبط لدى البشر، لكن هذا لا يعني أن حيوانات الماموث ربما كانت تنبعث منها رائحة طيبة.
وقال دالين "أشك كثيرا في أن حيوانات الماموث كانت تتعرق من إبطها. هذا أمر بشري للغاية في اعتقادي. تنظم الثدييات الأخرى حرارة أجسادها بطرق أخرى. لذا، من غير الواضح للغاية إن كانت لحيوانات الماموث رائحة مختلفة بسبب هذه الطفرة الجينية".