روبوت أم لاعب بشري.. كيف يختلف لعب تنس الطاولة في الحالتين؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
طالب يلعب تنس الطاولة مع روبوت ويرتدي غطاء رأس يتتبع نشاط دماغه خلال دراسة أجرتها جامعة فلوريدا الأميركية - science.org
طالب يلعب تنس الطاولة مع روبوت ويرتدي غطاء رأس يتتبع نشاط دماغه خلال دراسة أجرتها جامعة فلوريدا الأميركية - science.org
القاهرة-محمد منصور

صممت شركات عالمية عدة "أجهزة "روبوت" يُمكن استخدامها لتدريب البشر على الألعاب المختلفة، بما فيها كرة القدم، وتنس الطاولة، والتنس الأرضي.

ورغم وجود عدة اختلافات بين اللعب ضد البشر، واللعب ضد الأجهزة، إلا أن العلماء لم يتعرفوا على وجه الدقة على الكيفية التي تستجيب بها أدمغة البشر عندما تلعب ضد الآلة، لذلك صمم باحثون من جامعة فلوريدا تجربة جديدة لقياس استجابة أدمغة البشر للعب تنس الطاولة، سواء أمام أجهزة "روبوت" أو أمام نظرائهم من البشر.

ووجد الباحثون أن أدمغة لاعبي تنس الطاولة تتفاعل بشكل مختلف تماماً مع خصومهم من البشر أو الآلات، ففي مواجهة غموض آلة الكرة الروبوتية، تتدافع الإشارات الكهربية في خلايا أدمغة اللاعبين العصبية تحسباً للإرسال التالي بشكل فوضوي.

أما أثناء وجود الإشارات الواضحة التي تشير إلى أن خصماً بشرياً على وشك لعب الإرسال، فكانت خلاياهم العصبية تنقل الإشارات العصبية في انسجام تام، ويبدو أنها واثقة من حركتها التالية.

وقال أستاذ الإبداع الهندسي بجامعة فلوريدا، دانيال فيريس، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة، لـ"الشرق" إن هذا يعني أن هناك مؤشراً على تركيز نشاط الدماغ بصورة أكبر قبل كرة الإرسال القادمة من الروبوت، إذ "مع الخصوم من البشر، هناك تكريس أقل للموارد العقلية للإدراك البصري لكرة الإرسال المنتظرة".

"عدم التزامن"

ولإجراء تلك التجربة، حشد الباحثون عشرات الطلاب في ملعب تنس الطاولة، وارتدى الطلاب غطاءً على الرأس يحتوي على مجموعة من الأقطاب الكهربائية التي تقيس إشارات الدماغ.

وخاض الطلاب مجموعة من المباريات، بعضها ضد "روبوت" وبعضها ضد المؤلفة الأولى للدراسة أماندا ستودنيكي، والتي قضت جزءاً من حياتها في لعب تنس الطاولة بمستوى احترافي.

وحلل الباحثون عشرات الساعات من اللعب ضد ستودنيكي والروبوت، ووجدوا أنه عند اللعب ضد إنسان آخر، تعمل الخلايا العصبية للاعبين في انسجام تام، كما لو كانوا جميعاً "يتحدثون نفس اللغة".

وعلى النقيض من ذلك، عندما واجه اللاعبون آلة إرسال الكرة، لم تكن الخلايا العصبية في أدمغتهم مصطفة مع بعضها البعض، وفي عالم علم الأعصاب، يُعرف هذا النقص في المحاذاة باسم عدم التزامن.

وقال الفريق الذي أنجز الدراسة إن أدمغة اللاعبين كانت نشطة للغاية أثناء انتظار إرسال الروبوتات؛ لأن الآلة لا تقدم أي إشارات على ما ستفعله.

ومن الواضح أن أدمغة البشر تعالج هاتين التجربتين بشكل مختلف تماماً، ما يشير إلى أن التدريب باستخدام آلة قد لا يقدم نفس التجربة مثل اللعب ضد خصم حقيقي.

اختلافات

هناك عدة اختلافات بين لعب تنس الطاولة ضد إنسان واللعب ضد "روبوت"، أولها الاستراتيجية، إذ لا يمكن التنبؤ بحركات البشر بل يجب التكيف مع أسلوب لعبهم، ما يعني أن اللاعب بحاجة إلى أن يكون قادراً على تغيير الاستراتيجية أثناء اللعب. أما الروبوتات فهي مبرمجة لتلعب بطريقة معينة، ويمكن أن تكون حركاتها وتسديداتها أكثر قابلية للتنبؤ، وهذا يعني أن اللاعب بحاجة لتعديل استراتيجية اللعب بمعدل أقل ضد الروبوت.

الاختلاف الثاني هو أن البشر لديهم عواطف يمكن أن تؤثر على طريقة لعبهم، إذ قد يصابون بالإحباط أو الغضب أو التوتر، ما قد يؤدي إلى ارتكاب الأخطاء، أما الروبوتات فهي لا تملك مشاعر، لذا فهي أقل عرضة لارتكاب أخطاء عقلية.

ويتمتع البشر بمجموعة متنوعة من القدرات على ضرب الكرة بطرق مختلفة، عكس الروبوتات التي لديها قدرات محدودة في أنواع الضربات، اعتماداً على برامجها، إلا أن الروبوتات لديها ميزة رئيسية تتمثل في قدرتها على ضرب الكرة بشكل أقوى وأكثر اتساقاً من البشر، ولكنها في الوقت ذاته قد تكون محدودة من حيث الحركة وخفة الحركة.

البشر يقدمون "واقعية"

الدراسة أشارت إلى أن ثمة اختلافاً على المستوى العصبي، فمنطقة الدماغ المسؤولة عن التكامل الحسي والتتبع البصري المعروفة باسم "القشرة القذالية" كانت بها اختلافات كبيرة جداً بين الإنسان والروبوت، فعند الاستجابة لكرة إرسال الروبوت، أظهرت "القشرة القذالية" نشاطاً يدل على زيادة الاهتمام والتركيز والتوقع قبل كل كرة إرسال.

ولتلك النتائج آثار على التدريب الرياضي المعتمد على الروبوتات، إذ أثبتت الدراسة أن الخصوم البشريين يقدمون واقعية لا يمكن استبدالها بالآلة. 

وحيث إن الروبوتات تزداد شيوعاً وتعقيداً، فإن فهم استجابة أدمغة البشر يمكن أن يساعد في جعل "رفقائنا الاصطناعيين" أكثر طبيعية.

لكن، هل يُمكن أن يُحسن لعب تنس الطاولة مع الروبوتات أي وظيفة من الوظائف الإدراكية؟

قال فيريس إنه لا يوجد أي دليل في الدراسة يؤكد أن اللعب ضد الروبوت يحسن الإدراك "لكنه يعزز نشاط الدماغ في المناطق المسؤولة عن تكامل المعلومات المرئية والحسية الأخرى" والأهم من ذلك، أن "اللعب ضد روبوت من المرجح أن يكون مرهقاً عقلياً أكثر من اللعب ضد إنسان".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات