طائر الطيهوج.. كيف يحمل الماء لصغاره داخل ريش البطن؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
طائر الطيهوج
طائر الطيهوج
القاهرة-محمد منصور

بين الأعشاب القصيرة والشجيرات العرضية في جنوب إفريقيا وناميبيا، يعيش طائر "طيهوج الرمل" الذي يتغذى على البذور الجافة.

تضع تلك الطيور بيضها في نطاق يصل إلى 20 كيلومتراً من مصادر المياه. وتُصبح أفراخها قادرة على المشي بعد ساعة واحدة من الولادة، إلا أنها لا تكون قادرة على الطيران قبل مُضى شهر كامل. 

فكيف يشرب الصغار؟ 

تنقل الذكور البالغة المياه للصغار في ريش البطن. وهي طريقة تستخدمها جميع الأنواع الستة عشر من طيور "طيهوج الرمل" باستثناء نوع واحد يعيش في سهول آسيا الوسطى.

قدرة على الامتصاص

المثير أن ريش بطن تلك الطيور يمنحها قدرة فريدة على امتصاص الماء وحمله. وقام الباحثون، لأول مرة، بفحص بنية الريش عن كثب لمعرفة كيفية امتصاصه للماء وما إذا كانت العملية يمكن تكييفها للاستخدام البشري. 

في الدراسة المنشورة في دورية "ذا رويال سوسايتي"، استخدم الباحثون تقنيات التصوير الحديثة ثلاثية الأبعاد للكشف عن الآليات الكامنة وراء سحب المياه وتخزينها ثم إطلاقها لمساعدة الصغار على شرب المياه.  

ويقول أستاذ مساعد الهندسة المدنية وهندسة النظم بجامعة "جونز هوبكنز" الأميركية يوخن مولر إن الدراسة الجديدة "قد تلهمنا لتصميم نوع جديد من زجاجات المياه يحصد الماء من رطوبة الهواء بسهولة ويُسر". 

وتقوم معظم أنواع الريش بصد المياه، وليس امتصاصها، لكن "طيهوج الرمل" يُمكنه الهبوط على سطح المياه، وامتصاص الماء في ريشه، والطيران لمسافة تزيد عن 20 كيلومتراً ونقله للصغار.

نظرة لم يسبق لها مثيل

وبحسب الدراسة، يُمكن لذلك الطائر الاحتفاظ بحوالي 15% من وزنه ماءً والطيران بسرعة 64 كيلومتراً في الساعة الواحدة. 

وقد لوحظت قدرات الطيهوج على حمل المياه لأول مرة في عام 1896 من قبل عالم الطيور "إدموند ميد والدو" أثناء قيامه بتربية الطيور في الأسر، لكنه عندما أبلغ النتائج التي توصل إليها للآخرين، لم يصدقه أحد.

وفي عام 1967 أبلغ عالمان آخران عن ذلك السلوك، فانتبه المجتمع العلمي، لكن لم يتوصل أحد للكيفية التي يحمل بها الطائر تلك الكمية من المياه أثناء الطيران. 

والآن، استخدم باحثون من جامعة جونز هوبكنز ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مجاهر حديثة عالية الدقة وتقنية ثلاثية الأبعاد لإلقاء نظرة لم يسبق لها مثيل على ما يمنح الريش قدرته على الاحتفاظ بالماء.  

باستخدام المجهر الإلكتروني والتصوير المقطعي المحوسب الدقيق والفحص المجهري الضوئي والتصوير بالفيديو ثلاثي الأبعاد، تمكن الباحثون من النظر إلى هياكل أجزاء صغيرة من ريش البطن يبلغ عرضها عرض شعرة الإنسان.

وتوفر هذه الأجزاء الصغيرة الهيكل الميكانيكي للريشة، وخصائص الديناميكا الهوائية التي تمكن الطائر من الطيران. 

ثم قاموا بالمهمة الدقيقة المتمثلة في غمس الريش الجاف داخل وخارج الماء، وتحت الميكروسكوب، شاهدوا هياكل الريش تمتص السائل.

ريش على شكل دمعة عين

وقد وجد الباحثون أن ريش الطائر يتكون من عمود مركزي، يتفرع منه ريش أصغر فأصغر، يحتوي الريش الأصغر على تكوينات ملفوفة حلزونياً عند قاعدتها من الداخل. أما في منطقته الخارجية فيكون الريش مستدقاً وحاداً.

وحين يتواجد الطائر في الماء، يُصبح الريش الموجود في المنطقة الداخلية أصغر، ومرن أكثر بحيث يكون التوتر السطحي كافياً لثني الأجزاء المستقيمة الخارجية إلى هياكل على شكل دمعة عين تحتوي على الماء.  

وتلتف أجزاء المنطقة الخارجية حول هياكل المنطقة الداخلية، مما يساعد على إبقاء الماء في مكانه. وعندما يتخلص الطائر من الماء، تعود الهياكل إلى شكلها الأصلي. 

ويقول "مولر" لـ"الشرق" إن "الطبيعة مدهشة ويمكننا الاستمرار في التعلم منها"، فعلى الرغم من كل ما تم استكشافه بالفعل "من المحتمل أن يكون هناك المزيد الذي لم يتم استكشافه بعد". 

ويُعتقد الباحثون أن النتائج يمكن أن تؤدي إلى ابتكارات مستوحاة من الطبيعة. فعلى سبيل المثال، في المناطق الصحراوية التي تتزايد فيها رطوبة الهواء، لكن تندر المياه في الوقت ذاته، يمكن دمج بنية الريش في شبكات تجميع المياه وحصادها من رطوبة الهواء. 

وهناك استخدام آخر محتمل يتمثل في تصميم زجاجة ماء تحتوي على الكثير من السوائل لكنها تعتمد على هيكل الريش لمنع الماء من التحرك عندما يكون شخص ما، على سبيل المثال، يركض. 

يقول "مولر" إننا نُعاني بشكل يومي تقريباً من انسكاب المياه أو السوائل الأخرى من الزجاجات والأكواب أثناء التنقل بالأكواب الممتلئة و"ريش طائر الطيهوج يحمل الحل". 

فعبر استخدام الميزات الموجودة في الريش، يُمكن تصميم حواف للزجاجات والأكواب لإطلاق الماء عند الحاجة دون أن تنسكب أثناء الحركة " بمعنى عام جداً، ستكون زجاجات المياه المحسّنة هذه سهلة التعبئة والتفريغ مثل الزجاجات التقليدية، لكن لن تنسكب منها المياه دون الحاجة".  

اقرأ أيضاً:

تصنيفات