أظهرت دراسة حديثة منشورة في دورية "فرونتير"، أن البشر ربما طوّروا قوساً يُشبه "الزنبرك" للمساعدة في المشي على قدمين.
ويعني هذا أن بنية القدم البشرية خضعت للتكيّف مع مرور الوقت لتسهيل الحركة الفعالة على قدمين. وقالت الدراسة إن القوس الذي يشبه الزنبرك في القدم يلعب دوراً في تعزيز القدرة على المشي.
وتتكون القدم البشرية من عدة أقواس، بما في ذلك القوس الطولي الإنسي، والوحشي، الذي يمتد بطول القدم، والقوس المستعرض الذي يمتد على العرض. وتتشكل هذه الأقواس من خلال ترتيب العظام والأربطة والعضلات، مما يخلق بنية مرنة وداعمة.
وتقترح الدراسة الجديدة أن القوس الذي يشبه الزنبرك في القدم، كان يعمل كممتص طبيعي للصدمات، مما يساعد على امتصاص قوى الصدمات الناتجة عن المشي أو الجري.
وتقلل هذه الآلية من الضغط الواقع على القدم والأطراف السفلية، مما يعزز كفاءة الطاقة ويقلل من مخاطر الإصابات.
ويخزن القوس الذي يشبه الزنبرك الطاقة المرنة عند ضغطه أثناء مرحلة التلامس للمشي أو الجري ويطلقها أثناء مرحلة الدفع، مما يساعد في الدفع الأمامي. ويُعتقد أن نقل الطاقة هذا يحسن كفاءة الحركة البشرية.
وافترض الباحثون الذين يدرسون تطوّر المشي على القدمين منذ فترة طويلة، أن قوس القدم المرتفع يساعد على المشي من خلال العمل كرافعة تدفع الجسم إلى الأمام.
لكن فريقاً عالمياً من العلماء وجد أن ارتداد القوس المرن يعيد وضع الكاحل إلى الوضع المستقيم لمزيد من المشي الفعال.
وتظهر تلك الآثار في الجري بصورة أكبر، مما يشير إلى أن القدرة على الجري بكفاءة كان يمكن أن تكون ضغطاً انتقائياً لقوس مرن جعل المشي أكثر كفاءة أيضاً.
ويمكن أن يساعد هذا الاكتشاف الأطباء على تحسين علاجات مشكلات قدم المرضى في الوقت الحاضر.
تطوّر الأقدام
ويعد تطوّر الأقدام، بما في ذلك القوس الإنسي المرتفع الذي يميز البشر عن القرود العظيمة، أمراً بالغ الأهمية للمشي على قدمين.
وللتحقيق في هذه الفرضيات، اختار الفريق سبعة مشاركين يتمتعون بحركة قوسية متفاوتة، ساروا وركضوا بينما تم تصوير أقدامهم بواسطة كاميرات التقاط الحركة بالأشعة السينية عالية السرعة. وتشير حركة القوس إلى درجة المرونة أو الحركة في أقواس أقدام المشاركين.
من خلال اختيار الأفراد ذوي الحركة المتفاوتة للقوس، يهدف الباحثون إلى دراسة كيف يمكن أن تؤثر الاختلافات في بنية ووظيفة القوس على المشي أو ميكانيكا الجري. وتم قياس ارتفاع قوس كل مشارك، وتم مسح أقدامهم اليمنى بالأشعة المقطعية.
ابتكر العلماء نماذج صلبة للأقدام وقاموا بمقارنتها بالحركة المقاسة لعظام القدم لاختبار تأثير حركة القوس على المفاصل المجاورة.
كما قاموا بقياس المفاصل التي ساهمت أكثر في ارتداد القوس، ومساهمة ارتداد القوس في مركز الكتلة ودفع الكاحل.
ورغم أن العلماء توقعوا أن يجدوا أن ارتداد القوس يساعد على رفع الجسم لأعلى، فقد اكتشفوا أن القوس الصلب ظل دون ارتداد ما تسبب في مغادرة القدم للأرض مبكراً، وهو الأمر الذي يقلل من كفاءة عضلات الساق، أو يجعل عظام الكاحل تميل بعيداً جداً إلى الأمام.
أما القوس المرن فقد ساعد في إعادة وضع الكاحل في وضع مستقيم، مما سمح للساق بالدفع عن الأرض بشكل أكثر فعالية. ويكون هذا التأثير أكبر عند الجري، مما يشير إلى أن الجري الفعال ربما كان ضغطاً تطورياً لصالح القوس المرن.
ووجد العلماء أيضاً أن المفصل بين عظمتين في القوس الإنسي، المسماري البحري والإنسي، أمراً بالغ الأهمية لمرونة القوس.
وقد تؤدي هذه النتائج إلى التوصل إلى طرق علاجية للأشخاص الذين تكون أقواسهم جامدة بسبب الإصابة أو المرض، فدعم مرونة القوس يمكن أن يحسن المشي بشكل عام.
ومن خلال تحليل بنية القدم ووظيفتها، يمكن للباحثين اكتساب نظرة ثاقبة للتاريخ التطوري للسير على قدمين في الإنسان، والتكيّفات التي حدثت على مدى ملايين السنين.
كما يمكن أن يوفر فهم هذه التكيّفات معلومات قيمة حول الحركة البشرية والميكانيكا الحيوية والآثار المحتملة لمجالات مثل الطب الرياضي وجراحة العظام.
اقرأ أيضاً: