خطوة في طريق المستحيل: جهاز يستخرج الأكسجين والهيدروجين من تربة المريخ

time reading iconدقائق القراءة - 5
كوكب المريخ  - Getty
كوكب المريخ - Getty
القاهرة -محمد منصور

تعمل وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على قدم وساق في محاولة الإيفاء بالتزامها المتعلق بإرسال أول بعثة بشرية مأهولة إلى المريخ في عام 2033، لكن هناك العديد من العقبات التقنية والمالية التي قد تمنع الوكالة من تحقيق وعودها. 

التكلفة المهولة للبعثة التي تزيد في أقل تقدير عن 6 مليارات دولار، ويمكن أن تصل إلى 500 مليار دولار، تقف حجر عثرة في طريق تحقيق ذلك الطموح؛ كما أن القيود التقنية المتعلقة بتوفير وقود لرحلة 34 مليون ميل ذهاباً وإياباً، وصناعة مركبة تحمي الرواد من الأشعة الكونية، وتوفير المستلزمات اللوجستية كالماء والوقود، هي الأخرى تمثل عائقاً يجعل تنفيذ تلك الرحلة ضرباً من ضروب الخيال.

تقنية تسهّل المستحيل

 علماء من جامعة واشنطن سانت لويس تمكنوا من قطع خطوة في طريق المستحيل، بعد أن ابتكروا تقنية جديدة تستخرج الأكسجين الصالح للتنفس من سطح الكوكب الأحمر، ويمكنها صنع الوقود اللازم لرحلة العودة من تربته.

وبحسب دراسة نُشرت نتائجها في دورية "وقائع الأكاديمية الأميركية للعلوم"، تمكن العلماء من ابتكار جهاز كهربائي قادر على تزويد رواد الفضاء بالمياه الصالحة للشرب وبكميات كبيرة من الهيدروجين، ما يمكنهم من صناعة وقود لاستخدامه في رحلة العودة، علاوة على إمكانية استخدامه أيضاً لإنتاج الأكسجين الغاز المطلوب للتنفس والحياة.

أملاح المريخ

عندما نتحدث عن المياه على المريخ، فهناك أخبار جيدة وأخرى سيئة. الخبر الجيد وجود ماء على سطح المريخ، أما السيئ فهو أن الكوكب الأحمر بارد جداً والماء مالح في الغالب، نظراً إلى تجمد المياه واختلاطها بأملاح التربة.

لإزالة الأملاح من الماء، يجب أن تستخدم الكهرباء لتقسيمها إلى أكسجين للتنفس وهيدروجين للوقود، لكن تلك العملية مرهقة ومكلفة إلى أقصى درجة، خصوصاً عندما تتم في بيئة قاسية وخطيرة كبيئة الكوكب الأحمر.

تصميم جهاز ثوري

فريق علماء جامعة واشنطن سانت لويس وجد الحل، إذ تمكنوا من تصميم جهاز ثوري، تم اختباره بالفعل في درجات حرارة مماثلة لدرجة حرارة المريخ، لديه القدرة على إحداث تغيير جذري في الحسابات اللوجستية للبعثات البشرية الهادفة للوصول للكوكب الأحمر.

ويتكون المحلل الكهربائي الجديد من أنود مصنوع من مادة "روثينات بيركلور الرصاص"، وهي مادة كيميائية يُمكن تصنيعها على الأرض بتكلفة زهيدة، علاوة على أجزاء من البلاتين والكربون اللذين يشكلان "كاثود" الجهاز الكهربائي.

يتم وضع كميات من مياه المريخ المالحة في الجهاز، وباستخدام قدر يسير من الكهرباء، يستطيع الجهاز إنتاج الأكسجين بمقدار 25 ضعف الأجهزة المتوفرة حالياً؛ كما ينتج الهيدروجين الذي يمكن استخدامه في تزويد البعثة بالوقود اللازم لرحلة الرجوع.

مادة محفزة من المريخ

الأمر الثوري في التصميم، هو المادة المحفزة إذ تحتاج أجهزة التحليل الكهربائي لمواد محفزة تساعدها على عملية فصل الغازات. وتحتاج تلك المواد أيضاً إلى حيز من فراغ تشغله في مركبة الفضاء المتوجهة نحو الكوكب الأحمر، وهذا يعني وزناً إضافياً وتكلفة إضافية.

أما الجهاز الجديد فيعمل بمادة محفزة تُسمى "البيركلورات" التي تتوفر بكثرة على سطح المريخ.

إن الجهاز الجديد أيضاً يختلف كلياً عن الأجهزة الموجودة على سطح الأرض، فجميع أجهزة التحليل الكهربائي تستخدم الماء عالي النقاء؛ أما تصميم ذلك الجهاز فيمكنه العمل على مياه "دون المستوى"، أي تلك المياه الممتلئة بالشوائب والأملاح.

ويقول المؤلف الرئيسي في الورقة العلمية التي تصف تلك التقنية، فيجاي راماني، في تصريحات لـ"الشرق"، إن ذلك الجهاز يشكل "تقنية مستقبلية"، مضيفاً: "نعم.. قطعنا خطوة كبيرة في طريق تحقيق المستحيل.. سنغزو المريخ يوماً ما، والأجيال القادمة من هذا الجهاز ستكون ضمن البعثة".

شكوك حول الموعد

ويسعى راماني إلى استخدام ذلك الجهاز على سطح الأرض أيضاً، خصوصاً أن الجهاز قادر على العمل في مناخ المريخ القاسي، ما يعني أن من المؤكد أنه سيعمل لإنتاج الهيدروجين على سطح الأرض بسهولة.

وتعمل "ناسا" على خطط لاستكشاف القمر، في إطار برنامج "أرتميس" الذي يهدف إلى إرسال أول امرأة إلى سطح القمر بحلول عام 2024، وذلك لإنشاء عمليات استكشاف مستدامة بحلول نهاية العقد. 

وستستخدم الوكالة ما تعرفه البشرية عن القمر للتحضير للقفزة البشرية العملاقة التالية، وهي إرسال رواد فضاء إلى المريخ في 2033.

 ثمة تقارير تشكك في قدرة الوكالة على تحقيق ذلك الوعد عام 2033، فقد أصدرت وكالة مستقلة تقريراً يفيد بعدم إمكانية الوصول إلى المريخ قبل عام 2037.

يقول راماني إن تقنيات التحليل الكهربائي المبتكرة حديثاً "قد تقرب حلم الوصول للمريخ"، ولكنه يستبعد تمكن وكالة الفضاء من تحقيق ذلك في غضون الـ15 عاماً المقبلة، فلا يزال الطريق طويلاً وصعباً.. لكن من الممكن الوصول إلى نهايته في المستقبل البعيد".