كاتالين كاريكو.. قصة رحلة بحثية محفوفة بالمصاعب توجت بـ"نوبل للطب"

time reading iconدقائق القراءة - 6
العالمة المجرية كاتالين كاريكو الفائزة بجائزة نوبل في الطب خلال مؤتمر صحافي بجامعة بنسلفانيا. 2 أكتوبر 2023 - Reuters
العالمة المجرية كاتالين كاريكو الفائزة بجائزة نوبل في الطب خلال مؤتمر صحافي بجامعة بنسلفانيا. 2 أكتوبر 2023 - Reuters
القاهرة-محمد منصور

قالت الهيئة المانحة لجائزة نوبل في الطب، الاثنين، إن العالمة المجرية كاتالين كاريكو، والعالم الأميركي درو وايزمان فازا بالجائزة لعام 2023 تقديراً لاكتشافاتهما التي ساعدت في تطوير لقاحات فعالة ضد فيروس كورونا.

وأوضحت اللجنة التي تتولى اختيار الفائزين، أن الباحثَين نالا الجائزة "لاكتشافاتهما المتعلقة بتعديلات القواعد النووية التي أتاحت التوصل إلى لقاحات فاعلة ضد كوفيد-19 قائمة على الحمض النووي الريبوزي المرسال".

وهذه الجائزة، وهي واحدة من أرفع الجوائز في المجتمع العلمي، يتم اختيارها من قِبَل جمعية نوبل في معهد كارولينسكا في السويد، وتبلغ قيمتها 11 مليون كرونة سويدية (نحو مليون دولار).

وجائزة نوبل في الطب هي الأولى التي يجري إعلانها، على أن تشهد الأيام التالية الإعلان عن الفائزين بالجوائز الخمس المتبقية لنوبل عن هذا العام.

من هي كاتالين كاريكو؟

في بلدة صغيرة تبعد نحو 150 كيلومتراً عن العاصمة المجرية بودابست، ولدت كاتالين كاريكو في يناير 1955، حيث كان والدها يعمل في الجزارة.

التحقت كاريكو بمدارس عامة محلية، واضعة نُصب عينيها منذ سن مبكرة أن تصبح عالمة. وفي عام 1978 حصلت على درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة "سيجد" المجرية، ثم بدأت العمل بمركز الأبحاث البيولوجية التابع للأكاديمية المجرية للعلوم.

وكان لأستاذتها ومشرفتها جيني توماس، وهي متخصصة في الكيمياء العضوية، تأثير كبير على كاريكو التي تخصصت في الكيمياء الحيوية، وبفضل ذلك حصلت على درجة الدكتوراة عام 1982 من جامعة سيجد.

وبدأت كاريكو في العمل على الحمض النووي الريبي المرسال، وهو النص الجيني الذي يحمل تعليمات الحمض النووي إلى آلية صنع البروتين في كل خلية، لكنها واجهت خياراً صعباً عندما نفد المال من برنامج الأبحاث بالجامعة في عام 1985، فقررت مغادرة المجر لاستكمال رحلتها الأكاديمية.

وتلقت كاريكو عرضاً من جامعة تيمبل في فيلادلفيا الأميركية للحصول على زمالة لما بعد الدكتوراة، إلا أن عائلتها لم يُسمح لها سوى بـ100 دولار في أثناء مغادرتها للمجر، وهو ما لم يكن كافياً لبدء حياة جديدة.

وبعد بيع سيارة العائلة، أخفت كاريكو نحو 1246 دولاراً داخل دمية ابنتها سوزان، وفي الولايات المتحدة عمل زوجها في إدارة مجمع سكني، كما فازت ابنتها بميداليتين ذهبيتين أولمبيتين للولايات المتحدة في التجديف، واحدة في العاصمة الصينية بكين والأخرى في لندن.

وفي عام 1989، التحقت كاريكو بكلية الطب بجامعة في بنسلفانيا كأستاذ مساعد باحث، حيث بدأت العمل مع طبيب القلب إليوت بارناثان. وكان لديهما العديد من الأفكار بشأن كيفية استخدام الحمض النووي الريبي المرسال، لكنهما تعرّضا للسخرية أثناء مناقشة تلك الأفكار.

كما أن أموال المِنَح لم تصل أيضاً لأن الحكومة والقطاع الخاص لم يرغبا في دعم الأبحاث التي بدت بعيدة المنال.

وعندما ترك بارناثان العمل في القطاع الخاص، بقيت كاريكو دون مختبر أو دعم مالي، وطلبت منها الجامعة أن تبحث عن مكان آخر. وواصلت التنقل بين المختبرات بينما كانت تكافح من أجل الاستمرار، إذ اعتمدت على علماء كبار لاصطحابها إلى مختبراتهم.

كان 1995 عاماً صعباً بالنسبة لكاريكو، إذ علِق زوجها في المجر بسبب مشكلة في التأشيرة، وكانت جامعة بنسلفانيا قد خفضت رتبتها، ما منعها من الحصول على منصب "أستاذة".

بدأت كاريكو في الاعتقاد أنها لم تكن جيدة أو ذكية بما يكفي، وقالت في إحدى المقابلات: "فكرت في الذهاب إلى مكان آخر، أو القيام بشيء آخر".

ولكن في عام 1998 وبينما كانت تقف بجوار "آلة تصوير" تغيرت حياتها المهنية، حيث التقت درو وايزمان الذي التحق بكلية الطب في الجامعة ذاتها، وعندما أخبرته بأنها تستطيع تعديل الحمض النووي الريبي المرسال، أبدى الأخير اهتماماً بالموضوع.

بدأ الاثنان تعاوناً طويلاً وناجحاً في البحث عن الحمض النووي الريبي المرسال وتطبيقاته، ورغم العديد من التحديات التي واجهتهما، إلا أنهما استمرا في طريقهما.

وفي عام 2005 حققت كاريكو وصديقها وايزمان تقدماً كبيراً في أبحاثهما، وتمكنا من تعديل الحمض النووي الريبي المرسال وتحسين استقراره. ومع ذلك، عندما نُشرت نتائجهما في مجلات علمية، لم يحظ هذا الاكتشاف باهتمام كبير.

بدأت كاريكو الانتقال إلى مجال التكنولوجيا الحيوية، إذ أسست في البداية شركتها (RNARx) في عام 2006، ثم عملت في شركات أكبر. وفي عام 2013 أُرغمت على التقاعد من الجامعة، على حد قولها.

وفي عام 2020 عادت كاريكو إلى الأضواء حين استُخدمت طريقتها لإنتاج لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال للوقاية من فيروس كورونا. وبعد النجاح في إنتاج اللقاح عرضت العديد من الجامعات عليها العمل.

غير أنها رفضت بشكل قاطع، وقالت في مقابلة صحافية إنها لن تعود إلى البحث الأكاديمي، قائلة: "لم أنجح قط في هذا العالم. لقد تقاعدت من جامعة بنسلفانيا منذ 10 سنوات. والآن أبدأ فصلاً جديداً من حياتي. أعتقد دائماً أنه سيكون الفصل الأخير".

وانتقلت كاريكو إلى شركة "بايونتيك" المطورة للقاح "فايزر"، حيث تعمل مستشارة.

تصنيفات

قصص قد تهمك