ابتكر فريق بحثي مشترك من جامعتي هارفارد وبوسطن الأميركيتين ملابس روبوتية؛ يُمكن ارتداؤها لمساعدة الأشخاص المصابين بمرض الشلل الرعاش (باركنسون) على المشي، وفق ما ذكره موقع مجلة "نيتشر".
أمضى الفريق ستة أشهر في العمل مع رجل يبلغ من العمر 73 عاماً مصاب بمرض باركنسون، وكان يتعرض رغم استخدام العلاجات الجراحية والدوائية، لنوبات تجمد شديدة، أعاقته عن القدرة على المشي، مما تسبب في سقوطه بشكل متكرر. ومنعته هذه الأعراض من التحرك في محيطه، وأجبرته على الاعتماد على كرسي متحرك للتجول في الخارج.
ومرض باركنسون هو اضطراب عصبي سائد يتميز بفقد الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في العقد القاعدية، مما يؤدي إلى ضعف تلقائية الحركة.
ويعد الخلل في المشي مشكلة كبيرة في مرض باركنسون، إذ يواجه المصابون صعوبة في المشي تتميز بحركات بطيئة ومنخفضة وغير متناسقة ومجهدة.
ويُعد "تجمد المشي" أحد المظاهر الشديدة لذلك الخلل؛ إذ يعاني الأفراد من نوبات مفاجئة من توقف الحركة إلى الأمام أو انخفاضها بشكل كبير، على الرغم من نيتهم المشي.
ويؤثر ذلك التجمد بشكل كبير على الحركة والاستقلالية، ويزيد من مخاطر السقوط، ويؤدي إلى تفاقم الإعاقة وتقليل جودة الحياة بشكل عام للأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون.
في الوقت الحالي، توفر التدخلات المتاحة لإدارة مرض باركنسون راحة محدودة ومؤقتة.
وتشمل الأدوية الحالية الدوبامين، وجراحة التحفيز العميق للدماغ، والاستراتيجيات السلوكية مثل تقنيات الإشارات باستخدام المحفزات الحسية.
ومع ذلك، فإن فعاليتها تميل إلى الانخفاض مع مرور الوقت مع تطور المرض. على سبيل المثال، تفقد علاجات الدوبامين فعاليتها مع تقدم المرض، ويظهر التحفيز العميق للدماغ انخفاضاً في الفعالية أيضاً بمرور الوقت.
ورغم أن العلاج بتحفيز الدماغ يبدو واعداً، إلا أن استراتيجيات التنبيه تتطلب وقتاً طويلاً لتحسين المشي، وقد تتداخل مع الأنشطة اليومية بسبب اعتمادها على المعالجة المعرفية.
ولا يعرف العلماء سبب تجمد المشي على وجه الدقة حتى الآن؛ إذ إنها لا تزال سمة مرضية معقدة وغير مفهومة تماماً، وتتضمن اضطرابات في الدوائر الحركية للعقد القاعدية وجذع الدماغ.
اضطرابات حركية
من الناحية الميكانيكية الحيوية، يرتبط ذلك العرض بانهيارات في الميكانيكا المكانية والزمانية للمشي، كما يتضح من انخفاض حركات الأطراف السفلية، وطول الخطوة، وسرعة المشي، وضعف التنسيق العضلي أثناء نوبات التجمد والمشي المنتظم لدى مرضى باركنسون.
ويُظهر الأفراد الذين يعانون من ذلك الأمر اضطرابات حركية مستمرة أثناء المشي، مثل ضعف تنسيق الأطراف، وانخفاض حركة الورك، واضطراب إيقاع المشي، وزيادة التباين من خطوة إلى أخرى. ويُعتقد أن هذه الإعاقات الحركية المكانية والزمانية التراكمية أثناء المشي تصل إلى عتبة حرجة، مما يؤدي إلى حدوث نوبة تجمد.
ويقول الباحثون إنه يمكن أن تؤدي معالجة هذه التعقيدات إلى تحسين نوعية الحياة والقدرة على الحركة بشكل كبير، للأفراد الذين يعانون من مرض باركنسون، ويعانون تجمد المشي.
أجهزة قابلة للارتداء
في بحث سابق، استفاد نفس الفريق من استخدام حلقات المساعدة على المشي؛ لإثبات أنه يمكن استخدام جهاز ناعم يمكن ارتداؤه لزيادة انثناء الورك، والمساعدة في تأرجح الساق للأمام، لتوفير نهج فعال لتقليل استهلاك الطاقة أثناء المشي في الأفراد الأصحاء.
وخلال البحث الجديد، استخدم الباحثون نفس النهج، ولكن لمعالجة التجمد، ويستخدم الجهاز القابل للارتداء مشغلات وأجهزة استشعار تعمل بالكابلات، ويتم ارتداؤها حول الخصر والفخذين.
وباستخدام بيانات الحركة التي تم جمعها بواسطة أجهزة الاستشعار، تقوم الخوارزميات بتقدير مرحلة المشي وتوليد قوى مساعدة جنباً إلى جنب مع حركة العضلات. وكان التأثير فورياً، فبدون أي تدريب خاص، استطاع المريض المشي دون أي تجمد، كما كان قادراً على المشي والتحدث، دون أن يتجمد في الهواء الطلق، وهو أمر نادر بدون الجهاز.
وقضى الجهاز تماماً على تجمد المشاركين أثناء المشي داخل المنزل، مما سمح لهم بالمشي بشكل أسرع وأبعد.
ويقول الباحثون إن كمية صغيرة فقط من المساعدة الميكانيكية من ملابس تلك الآلية الناعمة توفر تأثيرات فورية وتحسن المشي بشكل مستمر.
كما يوضح البحث قدرة الروبوتات الناعمة على علاج هذا العرض المحبط، والذي يحتمل أن يكون خطيراً لمرض باركنسون، ويمكن أن يسمح للأشخاص المصابين بالمرض باستعادة ليس قدرتهم على الحركة فحسب، بل أيضاً استقلالهم.