أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، الثلاثاء، أن المسبار الصيني Chang'e 6، انطلق من الجانب البعيد للقمر، ليبدأ رحلة العودة إلى الأرض.
ومغادرة المسبار الناجحة للقمر تعني أن الصين أقرب إلى أن تصبح أول دولة تعيد عينات من الجانب الذي لا يمكن رؤيته من الأرض.
وأكمل المسبار، الذي غادر القمر الساعة (2338 بتوقيت جرينتش)، بنجاح جمع العينات يومي الثاني والثالث من يونيو، وقالت صحيفة بكين ديلي، إن Chang'e 6 رفع علم الصين لأول مرة على الجانب البعيد من القمر بعد جمع العينات.
ويتابع العلماء في جميع أنحاء العالم عودة العينات القمرية إلى الأرض، ويأملون أن تساعد التربة التي جمعها المسبار في الإجابة على أسئلة مثل نشأة النظام الشمسي.
وانطلق Chang'e 6، الذي سمي على اسم إلهة القمر الصينية الأسطورية، في الثالث من مايو من جزيرة هاينان بجنوب الصين، وهبط يوم الأحد في موقع لم يسبق استكشافه في الجزء البعيد من القمر الذي لا يواجه الأرض.
ونجحت مهمة الفضاء الصينية السابقة Chang'e 5 في جمع عينات من القمر من الجانب المواجه للأرض في ديسمبر 2020، وهو إنجاز أعاد تحفيز الجهود العالمية لإحضار عينات بعد فترة توقف طويلة دامت 44 عاماً.
ماذا يوجد في الجانب البعيد من القمر؟
ولا يزال القمر، أقرب رفيق سماوي للأرض، يثير فضول العلماء والعامة على حد سواء، وفي حين تمت دراسة الوجه المألوف للقمر ورسم خرائط له، إلا أن "جانبه البعيد يظل محاطاً بالغموض".
ويشار للجانب البعيد من القمر غالباً بـ"الجانب المظلم" ليس لأنه يفتقر إلى ضوء الشمس، لكن لأنه لا يزال مجهولاً إلى حد كبير، إذ يُقدّم هذا النصف الغامض تضاريس مختلفة تماماً عن نظيره القريب.
وعلى عكس السهول الناعمة القمرية التي تُميّز الجانب القريب، فإن الجانب البعيد وعر ومليء بالفوهات، ويشبه المناظر الطبيعية المقفرة الأخرى في نظامنا الشمسي.
ومن أبرز معالمها حوض القطب الجنوبي-أيتكين، وهو أحد أكبر الحُفَر في النظام الشمسي بأكمله. وبفضل تضاريسه الفريدة، يُمكن أن يقدم الجانب البعيد لمحة عن التاريخ العنيف للتأثيرات القمرية، والعمليات الجيولوجية.
وظَل الجانب البعيد مخفياً عن أعين البشر، ولا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الصور التي التقطتها المجسات الفضائية، ولم يكن الأمر كذلك حتى عام 1959 عندما التقطت المركبة الفضائية السوفييتية "لونا 3" الصور الأولى لهذا النصف الغامض من الكرة الأرضية، وكشفت للعالم عن تضاريسه غير المستكشفة.
وأتاحت المهمات اللاحقة، بما في ذلك رحلة "أبولو 8" الشهيرة في عام 1968، لرواد الفضاء مشاهدة الجانب البعيد بشكل مباشر، الأمر الذي مَثَّل لحظة تاريخية في استكشاف الفضاء.
وعلى الرغم من هذه الإنجازات، كان الاستكشاف البشري والهبوط مقتصراً على الجانب القريب من القمر حتى 3 يناير 2019، عندما حققت المركبة الفضائية الصينية "تشانج آه 4" الإنجاز التاريخي المتمثل في الهبوط على الجانب البعيد.
وفتحت هذه المهمة الرائدة إمكانيات جديدة للاكتشاف والاستكشاف العلمي، ما مهَّد الطريق للمهام القمرية المستقبلية.
ما هو حوض أيتكين؟
وتقول الوكالة الصينية للفضاء إن مهمة المسبار تمثلت في الهبوط في حوض أيتكين في القطب الجنوبي على الجانب البعيد من القمر، وجمْع العينات وإعادتها للأرض، فما هو هذا الحوض؟
ويُعد حوض القطب الجنوبي أيتكين، واحداً من أبرز وأكبر الهياكل في النظام الشمسي، ويقع على الجانب البعيد من القمر، ويبلغ قطره نحو 2500 كيلومتر وبعمق يصل إلى نحو 13 كيلومتراً، وهو بمثابة شهادة على الاصطدامات العنيفة التي شكّلت التاريخ المبكر للقمر.
وتشكّل هذا الحوض منذ مليارات السنين نتيجة اصطدام هائل، ويتميز بمساحته الشاسعة وتضاريسه الوعرة، ويتميز قاعه بتضاريس معقدة من الجبال والتلال والمنخفضات، ما يوفر لمحة عن ماضي القمر القديم.
ويجعل حجْم وعمق الحوض الهائل منه نقطة محورية للاستكشاف العلمي، بهدف توفير رؤى قيّمة حول جيولوجيا القمر والعمليات التي شكّلت سطح القمر.
كما أن أحد الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام في حوض القطب الجنوبي-أيتكين هو تكوينه الذي يختلف بشكل كبير عن المرتفعات القمرية المحيطة به.
وتشير الدراسات الجيولوجية إلى أن الحوض ربما كشف عن القشرة العميقة للقمر، وربما حتى أجزاء من الوشاح، ما يوفر للعلماء فرصة فريدة لدراسة البنية الداخلية للقمر.
وقد استحوذ حوض القطب الجنوبي أيتكين، على اهتمام الباحثين نظراً لإمكاناته كموقع لاستكشاف القمر والتحقيق العلمي في المستقبل، فتضاريسه الوعرة وتنوعه الجيولوجي يجعلان منه موقعاً مثالياً لدراسة جيولوجيا القمر وإجراء المسوحات الجيولوجية وجمْع العينات التي يمكن أن توفر رؤى قيّمة حول تكوين القمر وتطوره.