ذكرت صحيفة "تايمز أوف إنديا"، الخميس، أن موجة حارة لافحة تجتاح شمال الهند أودت بحياة 52 على الأقل بالعاصمة نيودلهي، في وقت تجابه فيه البلاد ارتفاعاً قياسياً بدرجات الحرارة هذا الصيف.
وأضافت الصحيفة أن 52 جثة وصلت لمستشفيات على مدار اليومين الماضيين، أغلبها لمعدمين وفقراء يعيشون ويعملون في العراء.
وسجلت الهند أكثر من 40 ألف حالة اشتباه بالإصابة بضربة شمس هذا الصيف، و110 حالات وفاة مؤكدة على الأقل بين الأول من مارس، و18 يونيو، عندما شهدت مناطق في شمال غرب وشرق الهند أياماً من الموجات الحارة يفوق عددها المعتاد بمثلين.
وقالت الصحيفة في افتتاحية، الخميس: "طول فترة الصيف القاسي يجب أن يصنف ضمن الكوارث الطبيعية"، مشيرة إلى تزامن ذلك مع نقص المياه، وطلب قياسي على الكهرباء.
وأمرت وزارة الصحة مؤسسات اتحادية وفي داخل الولايات، بضمان الرعاية الفورية للمرضى، ووجهت المستشفيات بإتاحة المزيد من الأسرة.
وتنبأ مكتب الأرصاد بأن تستمر درجات الحرارة في تخطي المعتاد هذا الشهر أيضاً، وسجلت دلهي أكثر ليلة حرارة في ما يزيد عن 50 عاماً، الأربعاء، وأظهرت بيانات الأرصاد أن أقل درجة حرارة جاءت عند 35.2 درجة مئوية.
ويعاني المليارات في أنحاء آسيا من الحرارة الشديدة هذا الصيف، وهو تطور يقول علماء إنه تفاقم بسبب تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية.
تغير المناخ
ومطلع يونيو، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب "جحيم مناخي"، فيما ذكرت خدمة مراقبة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، أن كل من الأشهر الـ12 الماضية كان الأكثر دفئاً على الإطلاق على أساس سنوي.
وذكرت خدمة "كوبرنيكوس" لتغير المناخ، أن متوسط درجات الحرارة العالمية خلال العام المنتهي بنهاية مايو، تجاوز متوسط ما قبل الثورة الصناعية بنحو 1.63 درجة مئوية، ما يجعلها الفترة الأكثر دفئاً منذ بدء تسجيل البيانات في 1940.
ومتوسط الاثني عشر شهراً الماضية لا يعني أن العالم قد تجاوز عتبة الاحترار العالمي البالغة 1.5 درجة مئوية التي تقيس متوسط درجة الحرارة على مدى عقود من الزمن، ويحذّر العلماء من تبعات تجاوزها الأكثر تطرفاً والتي لا يمكن معالجتها.
وفي تقرير منفصل، أشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى وجود فرصة بنحو 80% في تسجيل متوسط حرارة يتجاوز مؤقتاً 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية خلال سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة، وذلك ارتفاعاً من فرصة بنحو 66% العام الماضي.
وحذَّر جوتيريش في حديثه عن هذه النتائج من السرعة التي يتحرك بها العالم في الاتجاه الخاطئ بعيداً عن استقرار النظام المناخي، وقال في كلمة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة: "في عام 2015، كانت فرصة حدوث هذا التجاوز قريبة من الصفر".
ومع نفاد الوقت المتبقي لعكس المسار، حثَّ جوتيريش على خفض إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري عالمياً بنحو 30% بحلول عام 2030.
وقال: "نحن بحاجة إلى مخرج من الطريق السريع نحو جحيم مناخي"، مضيفاً أن "المعركة من أجل 1.5 درجة مئوية سنكسبها أو نخسرها خلال العقد الحالي".
تأثير المناخ على الاقتصاد العالمي
واقتصادياً، توقعت دراسة علمية أن يتكبد الاقتصاد العالمي خسائر بقيمة 38 تريليون دولار سنوياً بحلول 2049 بسبب تغير المناخ، إذ يتلِف الطقس المتطرف المحاصيل الزراعية ويضر بإنتاجية العمالة ويدمر البنية التحتية، وفقاً لباحثين في معهد "بوتسدام لبحوث تأثيرات المناخ" (Potsdam Institute for Climate Impact Research).
ويشير بحث نُشر في مجلة "نيتشر" (Nature)، أبريل الماضي، إلى أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب سيؤدي إلى انخفاض الدخل بنسبة 19% عالمياً بحلول منتصف القرن، مقارنة بوضع الاقتصاد العالمي دون تغير المناخ، إذ استخدمت الدراسة بيانات من أكثر من 1600 منطقة حول العالم خلال الأربعين عاماً الماضية، لتقييم التأثيرات المستقبلية لارتفاع درجة حرارة الكوكب على النمو الاقتصادي.
ليوني وينز، العالمة في معهد "بوتسدام" والتي قادت الدراسة، قالت في بيان إن "تغير المناخ سيسبب أضراراً اقتصادية هائلة خلال الخمسة وعشرين عاماً المقبلة في جميع البلدان تقريباً.. يتعين علينا خفض انبعاثاتنا بشكل كبير وفوري، وإذا لم يحدث ذلك؛ فإن الخسائر الاقتصادية ستتفاقم في النصف الثاني من القرن، حيث ستصل إلى نحو 60% عالمياً في المتوسط بحلول 2100".