بايرن ميونخ في 2020.. مغامرة فليك تقود الفريق لإنجاز تاريخي

time reading iconدقائق القراءة - 8
هانز فليك المدير الفني لبايرن ميونخ - REUTERS
هانز فليك المدير الفني لبايرن ميونخ - REUTERS
القاهرة -محمد فتحي

بعد بداية متعثرة، نجح بايرن ميونخ في التتويج بلقبي الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا خلال العام الجاري 2020. 

ويعد المدرب هانز فليك كلمة السر وراء قيادة الفريق لمنصات التتويج، بعدما انتشله من تعثره وقاده بهدوء إلى القمة.

نقطة البداية

لسنواتٍ، ظل فليك بلا عمل بعد رحيله عن الجهاز الفني لمنتخب ألمانيا عام 2014. وحين جاء مساعداً للمدرب الكرواتي نيكو كوفاتش المدير الفني لبايرن ميونخ كان البعض يشكك في قدراته.

بعد أسابيع قليلة من انطلاق الموسم الماضي (2019-2020) أقال بايرن، كوفاتش، بسبب تراجع النتائج، وأسند المهمة إلى فليك بشكل مؤقت.

لم يكن أحد يتوقع أن يستمر الأخير في منصبه لفترة طويلة، إذ لم يسبق له قيادة فرق في هذا المستوى، لكنّه برهن على تفوقه منذ المباراة المحلية الأولى حين دكّ بايرن ميونخ حصون بوروسيا دورتموند برباعية نظيفة، بدأ بعدها الفريق يستعيد قوته وهيبته المحلية بالتدريج.

وينطلق فليك في مشروعه التدريبي من نقطة مهمة ومحورية. تتمثل في قدرته على التواصل مع لاعبيه بشكل مميز يُمَكِّنه من شرح أفكاره ببساطة ووضوح، ويكسبه أيضاً في الوقت نفسه احترامهم.

أمّا أفكاره الكروية، فكشف عن كثير منها في مؤتمره الصحفي الأول حين قال: "يجب أن ندافع بقوة من الخط الأمامي. علينا استعادة الكرة في أسرع وقت ممكن. هذه أمور يجب معالجتها. لقد استقبل الفريق العديد من الأهداف السهلة في المباريات الماضية". 

بعد سلسلة من الانتصارات منح بايرن ميونخ مدربه الجديد الفرصة ليستمر في منصبه حتى نهاية الموسم. أعاد فليك الثقة إلى بعض الوجوه القديمة، وعلى رأسها المخضرم توماس مولر الذي كان يتعرض لانتقادات حادة، كما منح المدرب في الوقت نفسه الفرصة لبعض الوجوه الشابة، وأبرزها الظهير الكندي ألفونسو ديفيز.

وظهرت بصمة فليك على أداء العديد من لاعبيه. فمثلاً نجح في تطوير ديفيد ألابا الظهير الأيسر ليقدم أداءً جيداً في قلب الدفاع، كذلك تطور بشكل واضح أداء ليون غورتسيكا لاعب الوسط الذي بات محورياً في خطط المدرب.

تطور تكتيكي

عانى بايرن ميونخ مع كوفاتش من العديد من الأزمات التكتيكية التي تسببت في تراجع أداء ونتائج الفريق. 

إحدى هذه الأزمات تمثلت في إصرار المدرب على الهجوم من طرفي الملعب مع تراجع لاعب الوسط تياغو ألكانترا للتواجد على مقربة من خط الدفاع لبدء الهجمة. وحين كانت الكرة تصل إلى الجناح والظهير بالقرب من منطقة جزاء المنافس ويتعرضان للضغط، لا يجد أي منهما المساندة الكافية، لأن تياغو لاعب الارتكاز بعيد عنهما. وهكذا كان المنافس ينجح بسهولة في افتكاك الكرة.

حين جاء فليك أجرى تعديلات تكتيكية عديدة للتغلب على هذه الأزمة. لم يعد ألكانترا وحده المسؤول عن بدء الهجمات، لكن ضم إلى جواره جوشوا كيميتش الذي نقله من مركز الظهير الأيمن إلى لاعب الوسط الارتكاز. وهكذا بات التدرج بالكرة أسهل في وجود الثنائي ألكانترا وكيميتش. ولسد الثغرة الناتجة عن تراجع ثنائي الارتكاز لبدء الهجمة اعتمد فليك على توماس مولر الذي كلفه بالتراجع إلى دائرة منتصف الملعب، وفي الوقت نفسه طالب الظهيرين بالتقدم للهجوم. 

هذه الأفكار منحت الفريق حلولاً أكثر للتمرير في منتصف ملعب المنافس، وجعلت إفساد هجمات الفريق البافاري أمراً صعباً ومعقداً. 

يشرح مولر فلسفة فليك قائلاً: "هانز لم يمنحنا اختيارات كثيرة، بل تعليمات محددة ودقيقة يطلب من كل لاعب الالتزام بها. هذا سر تطور النتائج. ندافع بقوة ككتلة واحدة تبدأ من المهاجمين، لقدبنى الفريق مرة أخرى بطريقة مميزة".

ويقول هداف الفريق وأفضل لاعب في العالم عام 2020 روبرت ليفاندوفسكي مادحاً مدربه: "ثقافته الكروية واسعة، ويمتلك رؤية فنية مميزة".

أمّا الظهير بينيامين بافارد فامتدح قدرة فليك على شرح أفكاره للاعبين قائلاً: "المدرب يتواصل معنا بشكل جيد. نفهم أفكاره، ونثق بقدراته، ونتائج الفريق تتحسن بالتدريج".

التطور الفني والتكتيكي قاد الفريق للمزيد من النتائج الإيجابية، وكان لافتاً بعد انتهاء فترة التوقف التي خلفها فيروس كورونا، أن الفريق لم يتأثر بشكل سلبي، بل عاد للمنافسات بقوة عازماً على حصد الألقاب. لم يجد بايرن ميونخ بعدما استعاد عافيته، صعوبة في التتويج بلقب الدوري المحلي، وبعده الكأس أيضاً. 

ثلاثية تاريخية

بعد نهاية الموسم في ألمانيا، كان على بايرن الانتظار حتى إقامة الأدوار الإقصائية من دوري أبطال أوروبا. 

لم يجد الفريق صعوبة في تجاوز تشيلسي في دور الـ16. سجل في شباكه سبعة أهداف خلال مباراتي الذهاب والإياب، ولم يتلقَّ إلا هدفاً واحداً. 

وفي الدور ربع النهائي الذي أقيم من مباراة واحدة، نجحت كتيبة فليك في سحق برشلونة الإسباني بنتيجة تاريخية (8-2) ليقترب الفريق الألماني خطوة جديدة من اللقب الغائب منذ عام 2013.

وظهر في مباراة برشلونة، الذي كان يمر بمرحلة من عدم الاتزان، القوة البدنية الهائلة التي يتمتع بها لاعبو بايرن، والانضباط التكتيكي الكبير الذي جعل الفريق يدافع ككتلة واحدة صلبة يصعب اختراقها، قبل أن ينطلق بسرعة كبيرة للهجوم، وينقض على دفاعات البارسا.

اجتاز بايرن فريق ليون الفرنسي في نصف النهائي بثلاثية نظيفة. ليصعد لمواجهة باريس سان جيرمان في المباراة النهائية. 

ورغم قوة المنافس، والعديد من الفرص التي سنحت له لهز شباك بايرن، إلّا أن الفريق الألماني نجح في حسم المباراة بهدف نظيف سجله كينغسلي كومان في الدقيقة 59. 

نجح الفريق في التتويج بدوري أبطال أوروبا، وتمكن فليك في أول موسم له بصفته مديراً فنياً للفريق من قيادته إلى التتويج بالثلاثية التاريخية، ليحجز لنفسه مكاناً بين صفوة مدربي اللعبة في العالم.

وفي الموسم الحالي، وبعد مرور 13 جولة من مسابقة الدوري يتصدر بايرن الترتيب برصيد 30 نقطة، بفارق نقطتين فقط عن باير ليفركوزن ولايبزيغ أقرب منافسيه. وفي دوري أبطال أوروبا، في النسخة الجديدة، تجاوز الفريق مرحلة المجموعات ليواجه فريق لاتسيو في دور الـ16.