
تشهد محكمة فيدرالية هذا الشهر مواجهة بين شركة ميتا ولجنة التجارة الفيدرالية الأميركية، في أول اختبار كبير لمدى قدرة الجهة التنظيمية الجديدة لمكافحة الاحتكار، التي عيّنها الرئيس دونالد ترمب، على مواصلة حملتها الصارمة على شركات التكنولوجيا الكبرى.
وحسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإنه قبل المحاكمة المقرر إجراؤها في 14 أبريل، يلتقي مالك "ميتا" مارك زوكربيرج بالرئيس الأميركي، في محاولة ضغط في اللحظات الأخيرة لتجنب مواجهة قضائية.
وتمثل هذه المحاكمة أخطر تحدٍّ لمكافحة الاحتكار في تاريخ ميتا، وقد تُجبر عملاق التكنولوجيا، الذي تبلغ قيمته 1.5 تريليون دولار، على التراجع عن استحواذه على منصة الرسائل واتساب وتطبيق مشاركة الصور إنستجرام.
كما ستكون هذه القضية أول إشارة إلى كيفية تعامل رئيس لجنة التجارة الفيدرالية الجديد أندرو فيرجسون، الذي يتهم شركات التكنولوجيا الكبرى بالتعدي على الحريات الشخصية، مع قطاعٍ يسعى الآن جاهداً لكسب ود البيت الأبيض.
محاولة التوصل لتسوية
يبدو أن شركة ميتا تدرس إمكانية التوصل إلى تسوية مع الجهة التنظيمية، متجنبةً بذلك محاكمةً قد تشهد مثول زوكربيرج، والرئيسة التنفيذية السابقة للعمليات شيريل ساندبيرج، وقادة في شركات تيك توك وسناب ويوتيوب التابع لجوجل.
حضر زوكربيرج اجتماعاتٍ منتظمة في البيت الأبيض، بما في ذلك اجتماعٌ عُقد الأربعاء، في إطار سعيه المتصاعد لكسب ود الرئيس ترمب والسعي إلى نتائج إيجابية لميتا. ورفض البيت الأبيض وميتا ولجنة التجارة الفيدرالية التعليق على الاجتماع.
وأشار بيل كوفاسيتش، الرئيس السابق للجنة التجارة الفيدرالية، إلى أن تسوية تتضمن حلاً هيكلياً أصعب من اقتراح تعويضاتٍ مالية.
وأضاف: "يمكنك اتخاذ خطواتٍ لتزويد الشركات الأخرى بالبيانات والمعرفة بشأن العملاء الذين جمعتَهم بحكم الملكية". وتابع: "تعتمد جاذبية الموقف على ما تقدمه ميتا".
تأتي جهود زوكربيرج في الوقت الذي ألمح فيه رئيس لجنة التجارة الفيدرالية الجديد إلى أنه سيتمسك بالموقف المتشدد تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى، الذي بدأته سلفه لينا خان.
وينتمي فيرجسون إلى جيل جديد من الجمهوريين الشعبويين الذين يتبنون تطبيقاً صارماً لقوانين مكافحة الاحتكار، لا سيما ضد عمالقة وادي السيليكون، متهماً إياهم بفرض رقابة على الأصوات المحافظة.
وتعهد بتطبيق قوانين المنافسة "بحزم"، وقال إن "لجنة التجارة الفيدرالية في إدارة ترمب لن تتراجع أبداً عن مواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى"، وفق ما ذكرته الصحيفة البريطانية.
وانتقد رئيس لجنة التجارة الفيدرالية، الأربعاء، ما اعتبره تساهلاً في التدقيق بشأن شركات التكنولوجيا الكبرى، محذراً من عدم معالجة الحكومة لخطر الاحتكارات.
الحد من عمليات الاستحواذ
في حين كان وادي السيليكون يأمل أن تؤدي عودة ترمب إلى البيت الأبيض إلى فتح باب إبرام الصفقات، فإن قضية ميتا قد تكون أداة قوية لتثبيط عمليات الاستحواذ المناهضة للمنافسة.
وتأتي المحاكمة بعد أكثر من 4 سنوات من رفع لجنة التجارة الفيدرالية دعوى قضائية ضد فيسبوك آنذاك، بتهمة الحفاظ على احتكار غير قانوني.
واتهمت هيئة مكافحة الاحتكار خلال ولاية ترمب الأولى المجموعة بقمع المنافسة الناشئة من خلال شراء منافسيها إنستجرام وواتساب، اللذين أُبرما في عامي 2012 و2014، مقابل مليار دولار و19 مليار دولار على التوالي، وطالبت بإلغاء الصفقات.
وقال بيل باير، الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل، إن الأمر "له أهمية من حيث صلته بعمليات استحواذ ميتا هذه وبالمبدأ الأوسع المتمثل في ردع الشركات المهيمنة عن التهام (المنافسين الناشئين)".
وزعمت لجنة التجارة الفيدرالية أن ميتا لديها "استراتيجية منهجية" لقمع المنافسة، بما في ذلك نهج "الشراء أو الدفن" المتمثل في استقطاب المنافسين أو قطع الخدمات عن أولئك الذين يهددون قوتها الاحتكارية.
ومن المتوقع أن تجادل ميتا بأنها عززت عمليات الاستحواذ التي أجرتها بدلاً من دفنها، والتي تمت الموافقة عليها بالفعل من قبل لجنة التجارة الفيدرالية، وأن تشير إلى النمو السريع لمنافسي وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، وفقاً للخبراء.
وأشار العديد من المحللين إلى أن القاضي جيمس بواسبيرج، الذي يرأس القضية، كان متشككاً في حجج لجنة التجارة الفيدرالية، إذ رفض في البداية شكوى أولى على أساس أنها "غير كافية قانونياً" قبل قبول قضية أعيد رفعها في عام 2022.
ويضيف بواسبيرج، الذي يرأس القضية، دراما جديدة إلى الإجراءات البارزة، إذ سبق أن اصطدم ترمب معه بعد أن أوقف القاضي مؤقتاً إجراءً حكومياً سعى إلى تسريع عمليات الترحيل.
وقالت مورين أولهاوزن، الرئيسة السابقة للجنة التجارة الفيدرالية: "من الواضح أن أمام لجنة التجارة الفيدرالية طريقاً شاقاً، وستكون نتيجة القضية درساً مهماً في ما إذا كان العداء العام تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى يمكن أن يترجم إلى قضايا مقنعة بموجب المعايير الصارمة لقانون مكافحة الاحتكار الأميركي".
فيما قال خبراء إن فسخ الصفقات أمر معقد بشكل عام، لا سيما إذا تم إبرامها منذ أكثر من عقد من الزمان كما في قضية ميتا.