
تفوقت الجامعات الصينية على نظيرتها الأميركية في إنتاج أبحاث الذكاء الاصطناعي، بعد ارتفاع سريع في ذلك المجال خلال السنوات الـ3 الأخيرة، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه البيانات الحديثة تفسر إلى حد ما النجاح المفاجئ لشركة "ديب سيك" الصينية، والتي اعتمدت على خريجي الجامعات المحلية لبناء نموذج ذكاء اصطناعي قوي بتكلفة أقل بكثير وبموارد طاقة أقل من نظيرتها الأميركية ChatGPT التابعة لشركة OpenAI.
وتصدرت جامعة بكين قائمة عالمية للمؤسسات المصنفة حسب إنتاج أبحاث الذكاء الاصطناعي منذ عام 2022، وفقاً لموقع AIRankings.
ويرأس تشو سونج تشون، الحائز على جوائز في مجال الرؤية الحاسوبية، والذي عاد إلى الصين من جامعة كاليفورنيا عام 2020، معهد الذكاء الاصطناعي التابع لجامعة بكين، بالإضافة إلى كلية علوم وتكنولوجيا الذكاء.
وفي منتدى بجامعة بكين خلال يناير الماضي، قال تشو، الذي أسس أيضاً معهد بكين للذكاء الاصطناعي العام، إن رواية هيمنة أميركا في العلوم والتكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، قد شجعت التمويل والابتكار في الولايات المتحدة، بينما أضرت بثقة الدول الأخرى.
"تكنولوجيا بفكر صيني"
وأضاف شو: "إن ابتكار تكنولوجيا عالمية المستوى من خلال الفكر الصيني هو هدفنا ومسؤوليتنا". وأوضح أن "الصين قادرة تماماً على أخذ زمام المبادرة في عصر الذكاء الاصطناعي". كما أشار إلى أنه لا ينبغي للبلاد الاكتفاء بتقليد الغرب في تطوير الذكاء الاصطناعي.
ويبدو أن المؤسسات الصينية تتنافس بالفعل مع الولايات المتحدة على ريادتها في هذا المجال.
ووفقاً لموقع AIRankings تصدرت جامعة بكين التصنيف من حيث عدد الأوراق البحثية لعام 2024. واحتلت المؤسسات الصينية نصف المراكز ضمن المراكز العشرة الأولى، بينما احتلت جامعات آسيوية أخرى مركزين آخرين.
وحصلت جامعة "كارنيجي ميلون" في الولايات المتحدة على المركز الرابع، ثم الأكاديمية الصينية للعلوم (CAS)، وجامعة نانيانج التكنولوجية (NTU) في سنغافورة، وجامعة شنغهاي جياو تونج، وجامعة ستانفورد، والمعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST)، وجامعة كاليفورنيا.
وأظهرت تصنيفات المعاهد التي تغطي العقد بأكمله من عام 2015 إلى عام 2025 أن الجامعات الثلاث الأولى هي جامعة بكين وجامعة "كارنيجي ميلون" وجامعة تسينجهوا، يليها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي في الولايات المتحدة.
وجاءت جامعة تشجيانج وأكاديمية العلوم الصينية والمعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا وجامعة تايوان الوطنية في المركز التالي في القائمة.
"ديب سيك" نموذج النجاح الصيني
يُظهر النجاح المفاجئ لشركة "ديب سيك" أن خريجي هذه الجامعات الصينية الرائدة يتمتعون بقدرة تنافسية عالية.
وتخرج مؤسس الشركة، ليانج وينفينج، من جامعة تشجيانج عام 2010 بدرجتي البكالوريوس والماجستير في هندسة المعلومات.
ويتألف فريقه من العلماء الشباب بشكل شبه حصري من مواطنين صينيين وخريجين جدد من أفضل الجامعات، بما في ذلك جامعة تسينجهوا وجامعة بكين.
كما تقوم الشركة بتوظيف باحثين للدكتوراه ومحترفي الذكاء الاصطناعي الشباب الذين لديهم خبرة بضع سنوات فقط.
يحلل موقع AIRankings قدرات البحث في مجال الذكاء الاصطناعي عالمياً، مثل الرؤية الحاسوبية واللغة الطبيعية والتعلم الآلي، على مستويات مختلفة تشمل المؤلفين والمعاهد والمدن والدول. كما يجمع بيانات عن المنشورات في المجلات العلمية والمؤتمرات الأكاديمية.
وفي حين شهدت الجامعات الصينية الرائدة زيادة في المنشورات خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، إلا أنه بالمقارنة مع الدول الأخرى، لا تزال الصين في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد المنشورات في مجالات الذكاء الاصطناعي على مدى السنوات العشر الماضية. وتتقدم الولايات المتحدة والصين بفارق كبير على جميع الدول الأخرى في قائمة العشرة الأوائل.
ومنذ عام 2015، نشر 188 معهداً في الولايات المتحدة أكثر من 35 ألف مقال. تليها الصين حيث نشر 33 معهداً ما يقرب من 17 ألفاً و900 مقال. بعد ذلك تأتي بريطانيا بـ7 آلاف و50 مقالاً، وألمانيا بـ6 آلاف و480 مقالاً، وكندا بـ4 آلاف و70 مقالاً، تليها أستراليا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وسويسرا واليابان.
ومنذ إطلاق ChatGPT في أواخر عام 2022، ضيقت الصين الفجوة في مخرجات البحث مع الولايات المتحدة؛ فقد انتقلت من نشر 1900 مقال أقل من الولايات المتحدة في عام 2023 إلى نشر 1400 مقال أقل في عام 2024. وحتى الآن هذا العام، نشرت 27 معهداً صينياً ما مجموعه 280 مقالاً لـ 279 مؤلفاً، مقارنة بـ102 معهداً أميركياً نشرت 179 مقالاً لـ248 مؤلفاً.