
نجحت شركة ميتا في استقطاب كوادر متميزة في مجال الذكاء الاصطناعي، من شركات مثل OpenAI، وأبل، وجوجل، وغيرها، في إطار الاستعداد لمختبرها الجديد للذكاء الفائق، مقابل رواتب بملايين الدولارات.
وانضم المزيد من الباحثين البارزين من شركة OpenAI إلى ميتا، في خطوة تعكس تصاعد المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا على استقطاب العقول المتخصصة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وأفادت بلومبرغ، الخميس، بأن ميتا بلاتفورمز عيّنت اثنين من الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي من شركة أبل، هما مارك لي، وتوم جونتر ضمن فريق مختبرها الجديد، في إطار سعيها الحثيث لاستقطاب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي.
ونقلت الوكالة عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة، قولها إن لي غادر أبل في الآونة الأخيرة وبدأ العمل في ميتا، بينما من المقرر أن ينضم جونتر قريباً.
كان الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، مارك زوكربيرج، أعلن الاثنين، أن شركة ستنفق مئات المليارات من الدولارات على بناء عدد من مراكز البيانات لتطوير ما يسمى "الذكاء الاصطناعي الفائق"، في تكثيف لمساعيه لاستقطاب أصحاب المواهب من مهندسي الذكاء الاصطناعي.
يأتي ذلك بعد أن غادر رومينج بانج، أبل مقابل راتب بملايين الدولارات في ميتا، وفقاً لتقرير صدر في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأفادت بلومبرغ بأن لي وجونتر عملا بشكل وثيق مع بانج.
في السياق ذاته، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر لم تسمها قولها إن بانج كان رئيس فريق نماذج الأساس في أبل، ومسؤولاً عن مزايا الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
ورفض متحدث باسم ميتا التعليق على التقرير، بينما لم ترد أبل بعد على طلب من "رويترز" للتعليق.
وأفاد موقع WIRED بأن الباحث جيسون وي، الذي يُعد من أبرز الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي داخل OpenAI، غادر الشركة لينضم إلى مختبر ميتا للذكاء الفائق.
ويشتهر وي بمساهماته في تطوير نماذج o1 وأبحاث التعلّم العميق، كما عمل في السابق لدى جوجل على أبحاث متقدمة تعرف بـchain-of-thought، والتي تهدف إلى تمكين النماذج من معالجة الاستفسارات المعقدة بأسلوب منطقي متسلسل.
وتظهر منشوراته على منصات التواصل تركيزه على تقنيات التعلّم بالتعزيز، وهي إحدى أكثر الاتجاهات الواعدة في تدريب النماذج الذكية.
وأفادت مصادر بأن الباحث هيونج وون تشونج، وهو زميل مقرب من وي، غادر OpenAI أيضاً للالتحاق بالفريق نفسه داخل ميتا.
وكان تشونج شارك وي في مشروعات عدة داخل جوجل وOpenAI، وتركز أبحاثه على مجالات الاستدلال المنطقي والوكلاء الأذكياء.
وذكرت تقارير أن حساباتهما على Slack الخاص بـ OpenAI جرى تعطيلها بالفعل، في إشارة إلى إنهاء علاقتهما بالشركة.
هذه الانتقالات تأتي ضمن حملة استقطاب واسعة تنفذها ميتا منذ أشهر، مستهدفة كبرى الكفاءات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتشير تقارير إلى أن الشركة عرضت على بعض هذه الكفاءات حزم تعويضات تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار على مدار 4 سنوات، في محاولة لإعادة تشكيل خارطة الذكاء الفائق في العالم.
مختبر الذكاء الفائق
في نهاية يونيو، أعلنت ميتا تأسيس مختبر ميتا للذكاء الفائق، وهو كيان جديد يقوده كل من ألكساندر وانج، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Scale AI، ونات فريدمان، المدير التنفيذي الأسبق لمنصة GitHub.
ويهدف المختبر إلى تسريع تطوير نماذج ذكاء اصطناعي فائقة القدرات تتجاوز ما هو متاح حالياً في السوق.
ومنذ الإعلان عن المختبر، نجحت ميتا في ضم أسماء بارزة من شركات تكنولوجيا رائدة، من بينهم الباحث دانيال جروس، المؤسس المشارك لشركتي Safe Superintelligence وPerplexity AI، والذي يُعد من أبرز الشخصيات الداعمة لتطوير ذكاء اصطناعي آمن ومستدام.
كما انضم مات دايتكه، المؤسس المشارك لشركة Vercept المتخصصة في الذكاء المجسَّد، وتطبيقات الرؤية الحاسوبية المتقدمة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تعزز توجه ميتا نحو بناء نماذج قادرة على التفاعل البشري البصري والعاطفي.
واستقطبت ميتا مجموعة باحثين آخرين من شركات OpenAI وجوجل وأنثروبيك، منهم جي لين، وهونجيو رين، وجياهوي يو، وشينجيا زاو، وجاك راي، ويوهان شالكفيك، وهيوين تشانج، وسوشاو بي.
وتشير هذه الاختيارات إلى أن ميتا تستند إلى نمط استقطاب فرق عمل متكاملة سبق أن تعاونت في مشروعات بحثية ناجحة، ما يعزز التماسك والإنتاجية داخل المختبر.
طموحات ميتا
إلى جانب التوسع البشري، تضاعف ميتا استثماراتها في البنية التحتية التقنية لدعم مشروعات الذكاء الفائق؛ إذ أعلنت الشركة عن خطة لبناء ما وُصف بأنه أضخم بنية حوسبية في العالم، تشمل إنشاء مراكز بيانات عملاقة بطاقة كهربائية تصل إلى جيجاواط، وهو ما يعادل قدرة مدينة مثل مانهاتن.
وتقدر ميزانية هذا التوسع في عام 2025 بين 64 و72 مليار دولار، في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى تأمين الموارد اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الفائق المستقبلي.
ويرى محللون أن ميتا تسعى من خلال هذه الخطوات إلى تصدر مشهد الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة، في مواجهة منافسين كبار مثل OpenAI وجوجل.
وفي ظل هذا التسارع اللافت، تبقى قدرة ميتا على ترجمة هذه الاستثمارات إلى نتائج ملموسة محل متابعة من الأوساط التقنية والمالية.