
بعد 27 عاماً في سوق متصفحات الإنترنت، تكتب مايكروسوفت الأربعاء نهاية رحلة متصفحها الشهير "إنترنت إكسبلورر" بين يدي مستخدمي ويندوز 10، فبعد اليوم لن يتمكنوا من استخدام المتصفح، وعند تشغيله سيتم نقلهم تلقائيا إلى متصفح مايكروسوفت إيدج.
التحديث الجديد يبدأ في الوصول بالفعل لأجهزة ويندوز 10، ومستقبلاً سيتم وقف مختلف التحديثات القادم إلى إنترنت إكسبلورر، وسيتم إزالة مختلف العلامات الدالة على وجوده من مختلف أنحاء حواسيب ويندوز 10.
يذكر أن مستخدمي ويندوز 8.1 وويندوز 7 لن يتغير الوضع لديهم وستظل تجربتهم للإنترنت مستمرة مع إنترنت إكسبلورر، فالتحديث الجديد قاصر تأثيره فقط على ويندوز 10.
ولكن سيظل مستخدمو "ويندوز 10" قادرين على زيارة مواقع الويب والصفحات المحفوظة لديهم، والتي هي مصممة بطريقة تجعلها غير قادرة على العمل على المتصفحات الحديثة، وذلك من خلال وضع IE Mode المتوفر مباشرة داخل متصفح "إيدج".
ويعتمد تشغيل وضع "إنترنت إكسبلورر" على استمرار دعم مايكروسوفت المحرك البرمجي للمتصفح الأسطورة MSHTML داخل متصفحها العصري الجديد، وذلك على مختلف أنظمة تشغيل ويندوز التي تدعم تشغيل "إيدج".
تعد مايكروسوفت باستمرار دعمها البرمجي لوضع "إنترنت إكسبلورر" داخل إيدج حتى 2029 على الأقل.
سيستمر العمل بشكل طبيعي مع إنترنت إكسبلورر على نظام تشغيل Windows Sever 2022 والأقدم من ذلك، مع الحصل على دعم تقني كامل من الشركة الأميركية. يُذكر أن مايكروسوفت أعلنت تفاصيل رحيل إنترنت إكسبلورر في بيان رسمي الشهر الماضي.
تاريخ طويل
منذ إطلاقه بصحبة نظام تشغيل ويندوز 95، ظل متصفح مايكروسوفت Internet Explorer المتصفح الأشهر للإنترنت، وكان بوابة آلاف المستخدمين للعالم الرقمي، ممن لم يتمكنوا من تجربة متصفح Netscape Navigator وغيره من متصفحات خرجت للنور مع بداية التسعينيات.
استحوذ "إنترنت إكسبلورر" على حصة سوقية حوالي 95% من سوق متصفحات الويب في 2003، وواجهت مايكروسوفت اتهامات باحتكار سوق متصفحات الويب على حواسيب ويندوز، وذلك من خلال حصر الخيارات المتاحة لمستخدمي نظام تشغيلها للحواسيب الشخصية والمكتبية في 2001 في خيار متصفحها الوحيد للإنترنت.
كانت الاستراتيجية الأذكى التي اتبعتها مايكروسوفت منذ البداية مع "إنترنت إكسبلورر" هي فكرة وضع متصفحها كتطبيق افتراضي متواجد على أي حاسوب بمجرد تثبيت نظام تشغيل ويندوز، وتلك الاستراتيجية كانت تطبقها مايكروسوفت منذ 1997، وفي ذلك الوقت لم يكن المستخدمون لديهم الخلفية التقنية الكافية التي تجعلهم يعلمون حول تواجد متصفحات ويب أخرى يمكنهم تجربتها واستخدامها.
وقال دوجلاس كروكفورد، أحد أشهر المطورين بلغة الجافا، إن مايكروسوفت نجحت أن تقدم أفضل تجربة لتصفح الإنترنت مع "إنترنت إكسبلورر 6"، في أحد حواراتها الصحفية مع موقع InfoQ في 2010.
الفكرة في ذلك الوقت كانت تتمثل سرعة مطوري مايكروسوفت في تقديم مزايا جديدة لمتصفحها للويب، مع تطوير الأدوات التقنية المتوفرة للتطوير وتقديم أفضل أداء وتصميم لمواقع الويب، في حين أن المنافسين مثل "نيت سكيب" و"أوبرا" كانوا أبطأ في التطوير، فوجد حينها المطورون أنفسهم أمام خيار وحيد لتقديم أفضل تجربة لزوار مواقعهم ومستخدمي تطبيقاتهم للويب، وهو "إنترنت إكسبلورر".
الضربة الحقيقية التي كانت السبب وراء بدء انخفاض منحنى نمو وتقدم متصفح مايكروسوفت الأسطوري هو ظهور "فايرفوكس" في 2004، من شركة موزيلا، التي طورها أحد الموظفين السابقين بشركة "نيت سكيب".
فمع وصول "إنترنت إكسبلورر 7" في 2006، كانت تجربة الإنترنت من خلال الإصدار الجديد تفتقر إلى توفير العديد من المعايير الرئيسية للويب التي تتوفر عبر متصفحات أخرى، وهنا بدأت رحلة مطوري ومصممي الويب بالتنقل من متصفح لآخر، وبدأت شعبية متصفح مايكروسوفت بالفعل في التراجع بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من أن الشركة حاولت تقديم "إنترنت إكسبلورر 10" كعودة قوية للمنافسة في سوق متصفحات الويب، بدعمها العديد من معايير الويب والأدوات التقنية المميزة، إلا أن ذلك لم يفلح كثيرا.
من المسامير الحادة التي دُقت في نعش "إنترنت إكسبلورر" هو استمرار العديد من الإصدارات القديمة من المتصفح في التواجد بكثافة على حواسيب المستخدم، وبخاصة "إنترنت إكسبلورر 6"، حيث أن المستخدمين لم يكونوا مستعدين للتحديث.
كذلك كانت مئات الشركات طورت بالفعل تطبيقات تعمل فقط على الإصدارات القديمة فلم يكن لديها القدرة على التحديث، وذلك أجبر مايكروسوفت على الاستمرار في دعم الإصدار السادس من متصفحها الأول لعشر سنوات متتالية حتى أبريل 2014.
وتعلمت مايكروسوفت من هذا الخطأ باتخاذها قرار عدم دعم إصدارات قديمة من متصفحها بعد انتهاء دورة العمر الافتراضي الخاصة بكل إصدار، لإجبار الشركات في المقام الأول على التحديث.
ومع عثرات "إنترنت إكسبلورر" المتتالية وتغاضي مايكروسوفت عن تقديم تحديثات أمنية سريعة تحمي المستخدمين وأدوات برمجية تساعد المطورين، كانت الفرصة الذهبية للعديد من المتصفحات من الظهور وإثبات نفسها، وهذا ما مهد الطريق لمتصفح جوجل كروم أن يقدم التجربة البسيطة والانسيابية على الويب.
كما اتبعت جوجل نهج مايكروسوفت في تقديم تطبيق "كروم" بشكل افتراضي على هواتف أندرويد وكذلك سيطرة "جوجل سيرش" على سوق البحث الإلكتروني، فتح المسار السريع لوصول جوجل إلى عرش سوق متصفحات الويب بحصة سوقية 64.95% في مايو الماضي.
اقرأ أيضا: