
حلت "تويتر" فجأة، مساء الاثنين، "مجلس الثقة والسلامة"، في إشارة جديدة إلى أن إيلون ماسك يهدم سنوات من العمل، ويقوّض المؤسسات التي أنشئت لجعل "تويتر" أكثر أماناً وتحضراً، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وقالت الصحيفة في تقرير، إن أعضاء "مجلس الثقة والسلامة" في شركة "تويتر" تلقوا رسالة إلكترونية تحمل عنوان "شكراً لكم"، وتبلغهم بأن المجلس لم يعد يمثل "الهيكل الأفضل" لتقديم "رؤى خارجية لأعمال تطوير منتجنا وسياستنا".
ووصلت رسالة "الحل" قبيل أقل من ساعة من لقاء أعضاء المجلس المرتقب بالمسؤولين التنفيذيين في "تويتر" عبر تطبيق "زووم" لمناقشة التطورات الأخيرة في الشركة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، تحدثوا للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
وجاء في الرسالة الإلكترونية: "إننا ممتنون لمشاركتكم ومشورتكم وتعاونكم في السنوات الأخيرة، ونتمنى لكم النجاح الباهر في المستقبل".
وفي أقل من شهرين، ألغى ماسك سنوات من الاستثمار في الثقة والسلامة في "تويتر"، وقام بالاستغناء عن قطاعات رئيسية من القوى العاملة، وإعادة حسابات تم تجميدها في السابق.
ومع تفكيك الإدارة، يُحكم ماسك قبضته على القرارات الخاصة بمستقبل إدارة المحتوى في "تويتر" بمشاركة أقل من الخبراء الخارجيين.
وقال أحد أعضاء المجلس، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من التعرض لمضايقات على المنصة، إن هذه الخطوة تلغي "سنوات من الذاكرة المؤسسية التي قدمناها في مجلسنا للشركة". وأضاف أن "الاستعانة بخبراء ومناصرين خارجيين لمتابعة خدماتك يجعلك أفضل دائماً".
وتم حل "مجلس الثقة والسلامة" بعد أن دعا ماسك بنفسه إلى إنشاء مجلس إدارة محتوى، من شأنه أن يؤثر في القرارات الرئيسية المتعلقة بإدارة المحتوى والإشراف عليه، ولكنه بدا فيما بعد أنه غير رأيه بشأن إنشاء هذه الإدارة.
تسريح الموظفين
وقال لاري ماجد، الرئيس التنفيذي لمنظمة "ConnectSafely"، وهي مؤسسة غير ربحية تتخذ من "سيليكون فالي" بالولايات المتحدة مقراً لها، وتقدم مشورات للعملاء بشأن استخدام الأطفال للإنترنت، إن "العديد من أعضاء المجلس كانوا بالفعل على وشك تقديم استقالاتهم، ولكن بحل المجلس أصبحنا مفصولين، ولسنا مستقيلين".
وأشار إلى أن "إيلون لا يريد سماع أي انتقادات، ولا يريد حقيقة نوع المشورة التي سيحصل عليها على الأرجح من مجلس استشاري للسلامة، والذي سيطلب منه على الأرجح إعادة تعيين بعض الموظفين الذين قام بفصلهم، وإعادة تفعيل بعض اللوائح والقواعد التي قام بإلغائها، وتوجيه الشركة إلى وجهة أخرى بخلاف تلك التي يوجهها إليها".
وشُكل "مجلس الثقة والسلامة" لأول مرة في عام 2016، بعد أن خضعت الشبكات الاجتماعية لمزيد من التدقيق بسبب دورها في "ترسيخ خطاب الكراهية ونشر الإرهاب والترويج لاستغلال الأطفال"، وغير ذلك من المحتوى الإلكتروني الإشكالي.
وضم المجلس طيفاً واسعاً من جماعات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث، وعدداً من أكبر منتقدي "سيليكون فالي"، عاصمة التكنولوجيا في العالم.
ويُطلع المسؤولون التنفيذيون في "تويتر" المجلس بانتظام على آخر المستجدات في ما يتعلق بالتنمية وسياسات الشركة.
وقال عضو آخر بالمجلس، تحدث لـ"واشنطن بوست" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لا أفهم المنطق الكامن وراء هذه الخطوة رغم الجهود المضنية التي بُذت لتطوير كثير من هذه العلاقات".
وتعرضت فرق "الثقة والسلامة" و"السياسة" في "تويتر" للحل على خلفية عمليات التسريح، إلى جانب مغادرة الموظفين العمل في أعقاب الإنذار الذي قام ماسك بتوجيهه.
والأسبوع الماضي، تقدم 3 من أعضاء "مجلس الثقة والسلامة" باستقالاتهم، محذرين من أن "سلامة ورفاهة مستخدمي تويتر في حالة تدهور مستمر".
وعلّق ماسك على الردود التي وردت على تغريداتهم الخاصة، بإعلان استقالتهم قائلاً: "إنها جريمة أن يرفضوا اتخاذ إجراء بشأن استغلال الأطفال لسنوات".
من جانبه، رد جاك دورسي، الرئيس التنفيذي السابق للشركة، على ماسك، قائلاً إن هذا الادعاء "كاذب".
وأثار تعليق ماسك موجة من التهديدات والمضايقات ضد الأعضاء الذين غادروا المجلس، إلى جانب بعض من بقيوا فيه.
وقال "مركز الديمقراطية والتكنولوجيا"، وهو منظمة غير ربحية كانت عضواً في المجلس وحصلت على تمويل من شركات التكنولوجيا، في بيان إنها تشعر "بالاستياء بسبب الإجراءات غير المسؤولة التي اتخذتها قيادة (تويتر) لنشر معلومات كاذبة عن المجلس، ما عرض أعضاءه للخطر، وقضى على أي مظهر من مظاهر الثقة في الشركة".
وأثارت معاملة ماسك للمجلس موجة من الهجوم طالت مسؤولاً تنفيذياً رفيعاً سابقاً بالشركة خلال نهاية الأسبوع.
أزمة روث
واضطر الرئيس السابق لـ"مجلس الثقة والسلامة"، يويل روث، وأسرته إلى مغادرة مسكنهم، بعد أن شوّهت تغريدات ماسك كتابات روث الأكاديمية عن النشاط الجنسي والأطفال.
وسبق أن شارك روث في العديد من القرارات التي تم اتخاذها بشأن المنشورات التي يجب حذفها والحسابات التي يجب تجميدها. وتم نشر اتصالاته مع مسؤولين آخرين في "تويتر" في الأيام الأخيرة كجزء من ما سمّاه ماسك "ملفات تويتر"، وهي سلسلة من التغريدات نشرها الصحافيان المحافظان مات تايبي وباري فايس.
ومع امتلاك ماسك إحدى أكبر الشبكات الاجتماعية في العالم، وإلغائه القسم الذي كان مسؤولاً في السابق عن ضبط عمليات التحرش عبر الإنترنت، باتت المخاطر أكبر، بحسب "واشنطن بوست".
واستدعت تغريدات ماسك عن روث نظرية مؤامرة "كيو أنون" التي تدعي من دون دليل أن قادة الحزب الديمقراطي يديرون شبكة اعتداء جنسي على الأطفال.
وغرد ماسك، السبت، مرفقاً لقطة شاشة لأطروحة روث للحصول على درجة الدكتوراه، قائلاً: "يبدو أن يويل يجادل لصالح تمكين الأطفال من الوصول إلى خدمات الإنترنت للبالغين في أطروحته للدكتوراه".
وتعتبر تعليقات ماسك النقدية بشأن روث بمثابة "تغير كامل في الموقف" مقارنة بما كان عليه في أوائل أيامه في الشركة، عندما بدا أن روث أحد التنفيذيين الرفيعين القلائل في "تويتر" الذين دعمهم ماسك.
ففي 30 أكتوبر الماضي، غرد ماسك قائلاً: "أريد أن أوضح أنني أدعم يويل. أشعر بأنه يتمتع بمستوى عال من النزاهة، ونحن جميعاً ملتزمون بقناعاتنا السياسية".
على الجانب الآخر، بدا روث متحفظاً في تعليقاته على المالك الجديد لـ "تويتر"، من أجل طمأنة الجماهير بشأن جهود الشركة في محاربة الكراهية وحماية الانتخابات. كما ظهر روث بجانب ماسك في دعوة تهدف إلى طمأنة المعلنين.
وحتى بعد مغادرته "تويتر" في نوفمبر، لم يفصح روث عن انتقاداته. وحذر في مقال رأي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" من أن هناك "حاجة قليلة" للثقة والسلامة في شركة يتم فيها "تحديد السياسات بموجب مرسوم".
لكن روث قال علناً إنه "لم يكن دقيقاً في تصويره لماسك على أنه الشخصية الشريرة في قصة الاستحواذ على الشركة".
وقال روث في مقابلة على هامش مؤتمر عقدته مؤسسة "نايت فاونديشن": "أعتقد أن أحد الأشياء الخادعة بشأن إيلون هي أن الناس حقيقة يريدونه أن يكون "الشخصية الشريرة في القصة، ويريدونه أن يكون مخطئاً وسيئاً بشكل قاطع، وأن يعاني كل ما يقوله من الازدواجية"، وزاد: "يجب أن أقول إن تجربتي معه لم تكن على هذا النحو".